الذكرى الـ72 لرحيل الفنان المسرحي الليبي الكبير محمد الهادي
بشير محمد عريبي
عندما تأسست جمعية عمر المختار ببنغازي سنة 1942م كونت لما فرعاً بدرنة يضم فرقة للتمثيل كان من بين أفرادها أنور الطرابلسي، وعمر الطرابلسي، ومحمد أبو غرارة، وغيرهم من أوائل الممثلين وكون محمد عبد الهادي فرقة أسماها فرقة (أنصار التمثيل الدرناوية) وكان يفكر أن يجعل من فرقته فرقة محترفة وقد قدمت فرقة فرع الجمعية رواية (سهاد) (اللحن التائه) سنة 1944م للأديب محمود تيمور، وأعادت تمثيل مسرحية (العباسة) ثم قدمت تمثيلية (أميرة الأندلس) من تأليف الشاعر العربي أحمد شوفي، وأخيراً تمثيلية (تاجر بغداد) ثم توقفت الجمعية سنة 1948.
وفي (24 – 9 – 1946) عادت إلى طرابلس فرقة محمد عبد الهادي باسم فرقة أنصار التمثيل الدرناوية، وقدمت على مسرح الميراماري الصيفي رواياتها الخالدة (شهرزاد مع العفريت والصياد) و(آه لو كنت ملكاً) و (المظلوم والصديق الخائن) و(الدنيا لما نضحك) و (عاقبة الإهمال) و (الشاب الشريف مع هارون الرشيد) و (نساء اليوم) و (معروف الإسكافي).
ثم أعادت بتاريخ (4 – 10 – 1946) على مسرح الجادة تمثيل رواية (آه لو كنت ملكاً) ورواية (الصديق الخائن) ورواية (شهرزاد..) وسافرت إلى مدينة الزاوية وقدمت على مسرحها روايتين (شهرزاد) و (آه لو كنت ملكاً) وقد مال الناس للتمثيلية الأخيرة، وأقبلوا عليها إقبالاً منقطع النظير، وتمثيلية (آه لو كنت ملكاً) أخلاقية وطنية من 4 فصول، تتجلى فيها قيمة الإخلاص للوطن، وعواقب التنافس بين أبناء الأمة، وجزاء الخيانة، وكانت جميع التمثيليات مؤلفة باللغة العربية الفصحى، وكانت برفقة الفرقة جوقة موسيقية كاملة قدمت الأغاني الجميلة البريئة، والأناشيد الحماسية الملتهبة.
وقد وصف الأستاذ الشيخ الطاهر البشتي في مقال له نشر بجريدة طرابلس الغرب بتاريخ (6 – 10 – 1946) الممثل الكبير الأستاذ محمد عبد الهادي بقوله: (لقد كان للأدوار التي قام بها الأستاذ محمد عبد الهادي كبير الأثر في نجاح الروايات، فقد أثبت بجدارة أنه يستطيع أن يستحوذ على شعور المتفرج بما يعرض من نكت مثيرة ولفتات لطيفة تعبر بوضوح أن الرجل قد أخلص للفن فأسلس الفن له قيادته، فهو يعرض على المسرح صوراً من صميم الحياة ينقلك إليها بلين ورفق، ولا يفرض عليك ذلك التعسف البغيض الذي يجعل الحوادث مفككة الأوصال شاذة التكوين).
ويقول المشيرقي: (إن رئيس الفرقة محمد عبد الهادي ممثل مطبوع له من المواهب الفنية ما يجعله يحمل عن جدارة اسم ممثل الفرقة محترفة وهبت نفسها لهذا الفن الجميل).
ومحمد عبد الهادي من مواليد درنة سنة 1891، هاجر إلى بيروت وعاد منها سنة 1926، وتوفي بدرنة سنة 1952*.
وفي سنة 1957 تكونت فرقة بدرنة، قدمت تمثيلية البطل الشهيد (عمر المختار) اشترك في تمثيلها: أنور الطرابلسي، وأحمد النويري، وأحمد جبر، وعلي ساسي، وسالم كريم، وصالح الفريخ، وجبريل الفريطيس، وسالم مكراز، ثم قدمت مسرحية (جميلة بوحيرد) البطلة الجزائرية – قام بتأليفها عبد الباسط الدلال، وأخرجها محمد جبر، واشتركت في تمثيلها لأول مرة على المسرح فنانان هما فوزية فرج العجيلي، وحليمة الثلثي، ووقع تمثيل هذه المسرحية في بنغازي، والمرج، وطبرق، وسوسة، بالإضافة إلى عرضها أربع مرات في درنة، وقد نالت الإعجاب والتقدير والإقبال العظيم.
وفي سنة 1960 تأسست في درنة فرقة من هواة التمثيل إحياء للفرقة التي أسسها محمد عبد الهادي عام 1931 أهم الأعمال التي قدمتها مسرحية (صلاح الدين الأيوبي) و (دكتور السعادة) و(عقول المادة) و (الأستاذ شرفات) و(الزواج بالحرفة) و(آلة إسرائيل) وقد اشتركت الفرقة في إحياء (المهرجان المسرحي الوطني الأول عام 1971) بمسرحية (عندما ينطق التمثال) وهي من تأليف مفتاح الأشقر، وإخراج أحمد الحصادي، مثلتها على مسرح الكشاف بطرابلس، وهي تسرد قصة الصراع والأحداث الدامية التي دارت على الأرض العربية في الأردن وفي المغرب، وتبين انتفاضة الأحرار من أجل توحيد الصف العربي، وقد اشترك في تمثيل هذه المسرحية 17 ممثلا.
وفي سنة 1969 تأسست فرقة المسرح القومي، ثم تغير اسمها وأصبحت فرقة المسرح الوطني، وقد قدمت على مسرح عزوز بدرنة مسرحية (المخاض) عام 1971 م.
بشير محمد عريبي (الفن والمسرح في ليبيا)، الدار العربية للكتاب، ليبيا – تونس، 1981م.
مراجعتنا لأغلب المصادر تؤكد أن تاريخ ميلاد الفنان الراحل محمد الهادي في 1898، ووفاته كانت في 2 أغسطس 1953م.