رمضان عبدالسلام
لا اختلاف في هذه الكلمة بين الفصيح والعامي؛ إلّا في أن العامة في ليبيا تبدل الهمزة ياءً للتسهيل وهو تقريباً حالهم مع كل الكلمات التي تكون الهمزة في بنائها؛ فيقولون رزيّة وليس رزيئة..
في الفصحى الرَّزِيئةُ هي الـمُصِيبةُ، وجمعها أَرْزاءٌ ورَزايا؛ وقد رَزَأَتْهُ رَزِيئةٌ أَي أَصابته مُصِيبةٌ.. ويجمع العامة هذه الكلمة على رزايا ويستخدمونها في حال المفرد كثيرا وبنفس المعنى فيقولون عن من حلّت به مصيبة: جاته رزية.
وفي خلافاتهم أو غضبهم يستخدمون الكلمة في مقام الدعاء وتفعل ذلك النساء خاصة فتقول: عطك ما يرزيك ؛ عطك ما يرزيك في عمرك.. رزيّة ترزيك..
وحتى يستخدمنها صفة فيقلن: انتلف عن وجهي يا مرزي ؛ أو هذا واحد مرزي..
أمّا أكثر من يستخدم هذه الكلمة من الرجال فهم العُشاق ” الولهانيين ” بعيون من يعشقون فيشبهون وقع عيون عشيقاتهم عليهم بالرزية: اعيونها ترزي.. بوعيون ترزي بوخدود نقيّة… الخ.
وزيدوا من عندكم الجفراوي و المرزكاوي ففيه تغزل بالعيون كثير..
يظل بيت البحتري في الفصحى أقوى وقعاً لمن يتذوقون الفصيح المُقَفّى من الشعر:
رَزِيَّةُ هالِكٍ جَلَبَت رَزايا،
وَخَطبٌ باتَ يَكشِفُ عَن خُطوبِ…
والبحتري من شعراء العهد العباسي وليس هو إلّا أَبُوعِبَادَةِ اَلْوَلِيدْ بْنْ عُبَيْدْ بِنْ يَحْيَى ؛ أصيل منبج عريفةُ حلب الشام مولداً
لكن الناس لا تعرفه بغير البُحتري… وهو يعود إلى طي ؛ فيشترك مع حاتمها وابنته سفانة رضي الله عنها في النسب..
أمّا عن العامية الأخرى ساد؛
فالسَّدُّ في الفصحى هو إِغلاق الخَلَلِ وهو مصدر قولك سَدَدْتُ الشيء سَدّاً.. والسِداد من العيش هو ما يكفي الحاجة.. وفي هذا المقام تستخدمه العامة ؛ وتعمّمه على كل شيء فتقول:
ساد للدلالة على الاكتفاء من قدر المادة أو الفعل أو القول..
ساد من الدقيق أو من الشراب
ساد من الكلام
ساد من التعريم
ويتسع الاستعمال ليشمل:
ساد من الكذب ؛
ساد من التلبيز ؛
ساد من التمرميد ؛
وحتى ساد من التبرطيع وساد من أدراه الكبد…
وسادنا من هالمعيشة ؛ وهكذا..
دمتم
تعليق واحد
شرح طيب مؤصل لأصول الكلمات وبيان استخدامها لغةً عربية وعرفاً محكياً
وهذي الثّقافة التي ننشد من خلال هذه المنصات الإبداعية
دام اليراع يخط كثيراً من الإبداع أستاذ عبد السّلام.