الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
نظم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بمدينة طرابلس محاضرة جديدة حملت عنوان (ليبيا في كتابات المستشرقين والصحفيين البولنديين) قدمها الدكتور “علي الهازل”، وألقاها الدكتور “أبو القاسم أحمد اقصودة” الحاصل على إجازة الدكتوراه في المكتبات من جامعة وراسو ببولندا، وذلك ضمن فعاليات المركز الأسبوعية بقاعة المجاهد مساء يوم الأربعاء 8 مايو الجاري.
تاريخ العلاقات الدبوماسية الليبية البولندية
حيث عرّج الدكتور اقصودة في توطئة محاضرته على تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا وبولندا، وطبيعة التواصل بينهما لافتا إلى أن 2 ديسمبر من عام 1963م شهد تطورا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ليرتفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى السفارات، وأردف بالقول : الوثيقة الأولى التي تنظم العلاقات الثنائية هي اتفاقية التعاون الاقتصادي والعلمي والفني المبرمة بتاريخ 11 فبراير عام 1974م، وافتتحت الدولة الليبية سفارتها في العاصمة وراسو عام 1976م، وفي ذات العام تم التوقيع على عدة اتفاقيات مشترك في النقل الجوي المنتظم، وعلى صعيد التعاون المالي والمصرفي فضلا عن التعاون في مجال الضمان الاجتماعي والمساعدة القانونية والتجارية، والاعتراف المتبادل بالدراسات والشهادات والدبلومات والدرجات العلمية، والجدير بالذكر أن توطيد آواصر التعاون الليبي والبولندي جعل من بولندا تساهم في عدد من المشاريع التنموية والخدمية داخل الأراضي الليبية خلال سبعينات وثمانينات القرن المنصرم.
الاستشراق في بولندا
من جهة أخرى جاء الدكتور اقصودة على تعريف مفهوم الاستشراق وبواكير ظهوره في بولندا منطلقا من شغفه حول ما كتبه المستشرقين البولنديين عن الإسلام وعن ليبيا ومعرفة صورة ليبيا وكيف يطرح وطن كليبيا للقارئ والمتلقي البولندي، وأضاف الدكتور اقصودة بأن الاستشراق هو اتجاه فكري يُعنى بدراسة حضارة الأمم الشرقية بوجه عام وحضارة الإسلام والعرب بوجه خاص، وقد كان مقتصرا في بداية انتشاره على دراسة الدين الإسلامي واللغة العربية ثم اتسع ليشمل الشرق كله بلغاته وآدابه وتقاليده، وتابع بالقول : المستشرقون هم علماء الغرب والعالم المسيحي اللذين اعتنوا بدراسة الإسلام واللغة العربية وآدابها، بينما أشار الدكتور اقصودة إلى أن البداية الفعلية لظهور الاستشراق المعاصر ببولندا بعد نيلها الاستقلال عام 1918م، وتنوعت مجالات الدراسة في بداية الاستشراق ما بين الشعر العربي القديم وفهم لمعاني الإسلام ما أدى في السنوات اللاحقة لنشر ترجمة كاملة للقرآن الكريم باللغة البولندية عام 1986م نقلا عن اللغة العربية مباشرة بجهود المستعرب البولندي البرفسور” جوزيف بلافسكي”.
المؤلفات الليبية في مكتبة وارسو
كما أردف الدكتور اقصودة حديثه عن الدور الإيجابي الذي يفترض للطالب أن يمارسه تجاه تخصصه لاسيما عندما يحاول وبكل جدية التعمق في البحث والتحليل في مكتبات تتبع الجامعات الأوروبية العريقة فهي توفر المعلومات وتحفظها في في أوعية معلوماتية إذ تعتمد على تقنيات ونظم تصون المؤلفات المنشورة في جميع ميادين المعرفة في جميع الأماكن كما أشار الدكتور اقصودة إلى أنه أثناء فترة دراسته في بولندا حفّزته على ضرورة البحث عن اسم ليبيا بين أرفف المكتبات هناك منها المكتبة الوطنية البولندية التي تأسست عام 1928م، ومكتبة وراسو المتأسسة عام 1816م، وتابع بالقول : لقد دفعتني الببلوغرافيا البولندية للبحث داخل محتويات الصحف والدوريات باعتبارها جزء من الببلوغرافيا الوطنية البولندية، وتضم الببلوغرافيا البولندية الصحف والدوريات البولندية مجموعة من الموضوعات المتصلة بليبيا ففيها تعرّف بالإنتاج الفكري والأدبي وبالمؤلفات الليبية في عدة مناسبات فتغطي موضوعات مهمة تاريخية وسياسية واقتصادية وثقافية منشورة باللغة البولندية.
جودة التوثيق
فيما أوضح الدكتور اقصودة بالقول : إن ليبيا في الكتابات البولندية موضوع يتركز البحث فيه على جودة التوثيق كونه قائم على مجموعة وثائق تضم مواد مرجعية يتم تجميعها لأهداف محددة، وهو يُصنف كعلم وممارسة فكافة الإجرءات الفنية والمتخصصة التي تسهل عملية توفير وتنظيم واستخدام المعلومات بأوعيتها وأشكالها المختلفة، وتشمل عملية عملية توثيق المعلومات البحث أولا عن المعلومات من عدة مصادر وأصول ثم يتم اختيار الأنسب.
ملامح الثقافة الليبية في المتون البولندية
وفي سياق متصل تحدث الدكتور اقصودة عن الظروف المشتركة في المعاناة التي عاشها الشعب البولندي والشعب الليبي، وهي الأحداث المتعلقة ببداية ونهاية الحرب العالمية الثانية فهنالك أحداث تاريخية مشتركة عاشها الشعبين الليبي والبولندي بينما قدم الدكتور اقصودة بالعرض والتحليل والتوثيق موضوع ليبيا مثلما وردت في الأدبيات والكتابات الصحفية البولندية بمختلف أنواعها، وتوقف الدكتور اقصودة عند بعض مقتطفات متون الكتب التي تناولت ليبيا، واستشهد الدكتور اقصودة بما أتى في الكتاب المعنون (الرحالون والمكتشفون البولون) الصادر في وارسو عام 1988م من أن ليبيا كانت قصد الرحالة الأوروبيين الباحثين عن المغامرات الشائقة، ومن بينهم البولنديين اللذين كانت ليبيا لهم هدفا، وأضاء الدكتور اقصودة على ملامح الثقافة العربية الليبية في المتون البولندية وتحديدا الأدب الليبي وتاريخه في الكتابة البولندية، وأجناسه الإبداعية وتياراته الشعرية.