المقالة

يوسف الشريف: لكن أين الصحف الخاصة!؟.

 

القضية الغائبة:

ما أكثر الورق الذي يوزع أو يطبع فقط، تحت مسمى: صحافة؛ كل مؤسسة تبغي ما لا علاقة له بالصحافة تصدر مجلة أو جريدة، على رأس هذه المؤسسات المؤسسة العتيدة المسمى مؤسسة الصحافة، لكن من يقرأ هذا الورق؟ هل يقرأ الناشرون والكتاب في هذه الصحف هذا الورق؟، موزع ذكر لي أن الكتاب يدخلون محله يقلبون هذه الصحف بحثا عما نشر لهم فإن وجدوا شيئا منشورا اشتروا وإن لم يكن فلا.. ! ! فما بالك بالآخرين.

هكذا يبدوا أن قضية القضايا عدم وجود صحافة في هذه البلاد التي رخصت لخصخصة التعليم والصحة وقناني الماء، ولم ترخص للصحافة ذلك.

وفي مقالة يوسف الشريف التي نشرت بصحيفة ” المشهد ” كتب وأثار الأستاذ الشريف كل القضايا الهامة الثقافية، وحدد كما هو دائما خارطة لواقع الحال الثقافي المختل، كما وضع تصورا للخروج من هذا المأزق قبل أن يموت العقل الغائب في واقع الحال، وبذا كانت المقالة تتحرى الدقة والتصويب لكن رغم ذلك غاب عنها قضية الصحافة باعتبارها الوسيلة الأولى للشغل الثقافي.

وهذا الكاتب كما غيره يعرفون أن عدم إصدار قانون للصحافة وعدم الترخيص بإصدار صحف يمثل مشكل رئيس، وأن إصدار الصحف الخاصة من لزوم هذا التحول في مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية الذي أقر خصخصة الدواء، ورخص للفرد بيع وشراء الماء وكذا الإعلام والنشر في مجمله..

دون أن يرخص لإصدار صحف خاصة حتى الآن، والترخيص بذلك يلزم مثل هذا التحول؛ ليس لأن الصحافة الخاصة ستكون البديل للصحافة العامة ولكن كما حق للناشر الخاص أن يصدر كتبا خاصة من حق هذا الناشر إصدار الصحيفة والمجلة، ومن حق القارئ ذلك، وأن يختار بين هذه وتلك، وأن يحصل على خدمة إعلامية مقابل ما يدفعه من ثمن، كذلك فإن هذه الصحف ستعمل على تطوير ذاتها كي تجتذب هذا القارئ.

الكثير من القراء في هذه البلاد يطالعون صحفا خاصة ولكن ليست من إصدارات البلاد، وحق الاطلاع على هذه البضاعة الخاصة لم يطاله أي منع، فلماذا لا يحق لهذا القارئ حتى الآن الحصول على صحيفته المحلية الخاصة التي يحب؟.

فإذا كان ذلك ليس من مهمة رابطة الصحفيين وأمينها الأبدي فإني أعتقد من مهمة مقالة تتحرى الدقة في تناول الشأن الثقافي، كما هي مقالة يوسف الشريف، أن تهتم بقضية الصحافة التي تحولت لورق ميت لا يهم أحد أن يطلع عليه ويهدر الكثير من المال دون أي داع.

 

القضية الثانية:

ذكر يوسف الشريف في مقالته قضية الرقابة في اقتضاب مخل؛ لأن قضية الرقابة قضية عربية مزمنة فحتى الصحف العربية الصادرة في لندن تعاني من هذا المرض السرطاني الوبائي. وأشار أن العصر تجاوز النظرة الرقابية القرنأوسطية التي تصادر القليل المحلى في حين تعلن عن إفلاسها في مواجهة ما تكره وينساب كما الأكسجين.

لكن هذا المشكل المزمن له أوجه خاصة لم يتناولها المقال وأعنى ازدواجية الرقابة على الكتاب الإبداعي الليبي: يراقب الناشر الكتاب ثم لا بد أن يعرض نفس الكتاب على رابطة الأدباء والكتاب ثم يعرض على مراقبة المطبوعات، والأنكأ من ذلك أن على الكاتب الليبي أن يدفع مبلغا ليس قليلا مقابل أتعاب الرقابة حيث تدفع مرتبات الرقباء ومكافآتهم من ما يتم تحصيله من هذا الكاتب، وكل هذا لا يقره قانون – أما العقل فعلى رأى يوسف الشريف قد مات – ولكن ناتج عن قرارات تتعارض مع القوانين السارية وهي قوانين مجحفة.

ورغم التعارض بين التشريعات وهذه القرارات ولكنها قرارات فاعلة، وهي زيادة في الرقابة على هذا الكاتب الليبي النادر وكتبه المستحيل إصدارها إن وجد هذا الكاتب أصلا، وليس غريبا أن يقيم الأدباء والكتاب رابطة تراقب وتمنع ما تحب من قليلهم مما يكتبون وأن يدفع هؤلاء الكتاب ثمن ذلك.

 

القضية الثالثة:

تأسس اتحاد الأدباء والكتاب عام 1977م وصدر قانون بذلك ساري ولكن مجمد !، وتحول هذا الاتحاد إلى رابطة دون قانون و لا مرجعية يمكن أن تححد مهمة هذه الرابطة ودون أن يتم إلغاء هذا القانون الذي كون ذلك الاتحاد، وانشغل الأدباء والكتاب بمشكل الرابطة الغائمة وظهر مبدأ القياس في تناول أي مشكل يواجه الرابطة، تم إلغاء الفروع وأنشأت مكاتب واختلف حول ذلك المائة والخمسين أعضاء هذه الرابطة. ونتيجة لتجمد قانون ذلكم الاتحاد وغياب قانون للرابطة اجتهد هذا ونقض ذلك اجتهاد ذلكم، في مسلسل طويل من الهلامية جعل من البعض مسؤولا في هذه الرابطة كل هذا الوقت الضائع من عمر هذه المؤسسة الغائبة عن أهدافها نتيجة لغياب قانون ولائحة داخلية تحدد الغايات والوسائل. وفي هذا الغياب دخلت مقالة الشريف الهامة دون تطرق لهذا المشكل، أو دعوة لإعادة الاتحاد الساري قانونه حتى الساعة والعمل على إصدار لائحة داخلية له حتى يمكن أن يخرج الكتاب بمؤسسة مقننة وذات مرجعية تحدد مهامها وتوصف وظيفتها، فالمشكل الحقيقي ليس من يدير هذه المؤسسة ولكن الانكأ عدم وجودها قانونا قبل ذلك، ويمكن لأي ضبط قضائي قفلها.

إذا من واجب الأدباء والكتاب احترام القانون، والبحث عن حل قانوني قبل كل شئ لمشكل الغياب، وأن نحترم القانون ونقر به كوسيلة لتكون كل مجتمع مدني وإنساني.

هذا بعض من كثير يثيره هذا المقال للأستاذ يوسف الشريف …

مقالات ذات علاقة

في مكتبتي

أبو إسحاق الغدامسي

ديالكتيكياتي (100/1)

حسن أبوقباعة المجبري

قرنٌ من حربٍ كبرى لم تنتهِ بعد!

أحمد الفيتوري

اترك تعليق