“لغتنا العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف إليها ما نحتاج إليه في العصر الحديث” ( عميد الأدب العربي د. طه حسين )
عزيزي القارئ الكريم..
نعم لقد شرف الله عز وجل لغتنا العربية بأن نزل بها القرآن الكريم. والنبي محمد صلى الله عليه وسلم عربي وهو خاتم الأنبياء والمرسلين والرحمة المهداة للعالمين..
قال تعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” (سورة يوسف: الآية 2)
وقال تعالى: “بلسان عربي مبين” (سورة الشعراء: الآية 195).
وروى الطبراني في الأوسط عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي).
ومما لا شك فيه ولا جدال فهي لغة الضاد الشاعرة ولغة الضاد ولغة الإعراب وفضائلها كثيرة واستخداماتها متعددة المفردات بل وغنية وخصائصها الدلالية واسعة وكلما نتأملها في أسلوبها الرصين في حياتنا اليومية نطقا وكتابة نقف على جماليات التعبير..
وحافظ أهل علوم اللغة عليها من فساد اللحن نطقا وكتابة من أجل سلامة اللسان العربي واليد..
وخاضوا معارك طاحنة لغوية وكلامية حتى نقوا كل شائبة ومن ثم وصلت إلينا نقية جلية كما في المعاجم اليوم.
وما أجمل النحو العربي الذي فاض فيه أبو الأسود الدولي واضعه بإشارة من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه..
حتى العرب يتقنونها بالسليقة وبالفطرة وديار بني سعد ووادي عبقر..
وقد قيل أول من تكلم بها سيدنا إسماعيل عليه السلام وهو ابن عشر سنين.
وقد قال عنها الإمام الشافعي رحمه الله: اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى).
وقال أيضا: اللغة العربية لا يكاد يحيط بها إلا نبي.
وقال الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه: ” اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون”.
وفي عصرنا الحديث هذا قول عميد الأدب العربي د. طه حسين: ” لغتنا العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف إليها ما نحتاج إليه في العصر الحديث “.
وأرى دون تعجب بل بالتأمل الجمالي والذي أصبح بلا شك دائرا وسائرا مثل المثل العربي في الشيوع والذيوع من حيث التجديد والتطور مع مستجدات ومستحدثات العصر لاستيعاب المسميات والمخترعات دون خلل.
وهذا يدل على مدى العلاقة الوثيقة بين اللفظ والمعنى تطابقا وهذا من أسرارها وبيانها وإنجازها إذ لم أكن هنا مخطأ في التحمس في الرأي والبرهان فهي لا تحتاج إلى دفاع فقد مر بها الدهر وسط حملات وتعود فتية قوية..
ونختصر هنا المشهد في الإطالة فقد فاض في الحديث عنها أفاضل من بني جلدتنا ومن غيرها ممن حفظ لنا قدرها عربا وعجما هكذا..
واكتفي ببعض أدبيات شاعر النيل حافظ ابراهيم في الحديث عن نفسها:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
وأخيرا كل عام وأهل العربية وناطقيها من غير العرب بخير وسلام دائما.