مملكة الحيوان بأقلام عربية وليبية
المقالة

هذه الحكايات

الدكتور العراقي محمد جاسم فلحي
الدكتور العراقي محمد جاسم فلحي

في هذه الأحلام أو الحكايات يخوض القاص الليبي سعيد العريبي، لعبة أدبية طريفة، مستوحاة من عمق التراث العربي، الذي أنطق لسان الحيوان أمام صمت الإنسان، للتعبير عن ضمير المجتمع ووجدانه، وهي اللعبة ذاتها التي نجدها في حكايات ” ألف ليلة وليلة ” و”كليلة ودمنة” لابن المقفع، أو كتاب “الحيوان “للجاحظ ، كما نقرأها لدى الكثير من الكتّاب المعاصرين مثل “لافونتين” و”جورج أورويل” والصادق النيهوم وتوفيق الحكيم وغيرهم.

يمارس العريبي هذه اللعبة بلغة ساخرة ومواقف غريبة، ويوظف الحكايات والأحداث لإضاءة دلالات رمزية عميقة، من خلال سلوك مدهش لحيوانات متخيلة، أو حقيقية، تدفع القارئ إلى مساحة مفتوحة بين المقارنة الناقدة، والضحكة الساخرة، وذلك عندما تنقطع خيوط اللعبة وتسقط الأقنعة عن تلك الوجوه الحيوانية فجأة، في نهاية كل حكاية، ويجعل الجميع يحدقون في المرآة العاكسة، خشية التصاق بعض ملامحهم في الزجاج الشفاف..!

في حكاية ” المؤذن ” يتخلى الديك، عن وظيفته الأزلية ، وذلك عندما يكتشف أن نداءا ته لم تعد تنبه الصالحين ليشهدوا آذان الفجر، بل أصبحت وسيلة لتنبيه الساهرين ليعودوا إلى منازلهم قبل طلوع الشمس!

وفي حكاية ” نهاية ملك ” مفارقة حول سقوط ملك الغابة في عمق الوادي برفسة حمار، ثم حكاية كبير الماعز الذي باع نفسه للصوص مقابل حفنة من الشعير، ومن ثم سار متبختراً وتبعه القطيع، كل القطيع بتيوسه الكبيرة وجديانه الصغيرة، ساروا جميعاً- تحت حراسة اللصوص، بهدوء ودونما اعتراض..!

تستمر لعبة الصراع في حكايات العريبي، بين الأسد والحمار وأبي الحصين والذئب والكلب والقرد والنورس والجدي، وهي شخصيات مشحونة بالحكمة أو الرمز أو الاستهزاء أو الغباء، بيد أن ما يجمع بينها قدرتها على إثارة الدهشة والمرارة في آن معاً، فضلاً عن الضحك، وهو ضحك كالبكاء..!

تستحق هذه الحكايات أن تقرأ، من أجل التمتع بأسلوبها البسيط الواضح، والاغتراف من فيض الحكمة الناطقة، حيث يصمت الناس، خوفاً أو طمعاً أو جهلاً.. !!!

مقالات ذات علاقة

أوهام رواندية

المشرف العام

القَارة الافريقية مَنسوبَة لأفريقش

المشرف العام

الغرق في رمال اليوم الآخر

عمر الكدي

اترك تعليق