حتى أضخم الأبواب مفاتيحها صغيرة – “تشارلز ديكنز”
سهير يونس
من جميل ما قرأت.. ولا أعرف من القائل ولكنِّي كنت أتمنى لو كان هذا الكلام من بنات أفكاري: “مسكينٌ من يعتقد أن الحب وحده كافٍ لاستمرار الزواج، الحب بالكاد يوصلكما إلى عتبة بيتكما بفستانها الأبيض وبدلتك الأنيقة، ثم أمَّا بعد فهو احترام وتفاهم ومودة.. وصبرٌ ثُم صبر ثمَّ صبر“
أتتني صديقتي يوماً شاكيةً من تغيُّر زوجها بعد الزواج، أخبرتني أنها تشعر بالندم لارتباطها به بعد أن حاربت الجميع لأجله، وعندما سألتها عن سبب ندمها أو ماهيَّة التغيير؟
أخبرتني أنه أصبح بارد المشاعر ويتصرف معها بجمود.
أمسكت ضحكتي بالكاد وأخبرتها أننـــا سمعنـــــا عن (قيـــس وليلى، روميو وجوليـــيت، عــــنتر وعبلة) فقط لأن علاقاتهم لم تنتهي بالزواج.
علاقات الزواج قصص مكرَّرة لا يحفظها إلا أبطالها، فهي تحكي عن زوجين وأطفال وخلافات لا تنتهي يُهوِّنها الاحترام والمودة.
أخبرتها أنه قد لا يقول لك أحبك ولكنه قد يقولها على هيئة أفعال؛ فهو قد لا يجلس معك في حالة مرضك ولا يسهر لمداواتك لكنه سيؤمن لك العلاج، قد لا يقوم بتغيير حفاظَات الطفل ولا بغسل الأطباق لكنه يتحول إلى أسدٍ شرس يدافع عنك إذا فكَّر أي إنسان أن يتعامل معك بشكل مهين، قد لا يصطحبك إلى السوق لشراء ثوبٍ جديد لكنه سيسعى جاهداً لتوفير ثمنه.
أعتقد أننا جميعاً معشر النساء ندرك هذه الأمور جيداً، وبالتأكيد أنه هناك شواذٌ يتهرَّبون من هذه المسئولية بسبب الأنانية والبخل؛ وعلى سيرةِ البخل يقول الشيخ سعيد العتيق: لا تزوِّج ابنتك لبخيل فإنَّك تدخلها النار قبل النار.
قرأتُ يوماً كتاباً لأدهم شرقاوي قال فيه: لا تزوِّج ابنتك لبخيل ولو كان يقوم الليل في ركعة واحدة فالبخيل لا يحبُّ إلا نفسه، والناس للأسف تسأل عن الدين ولا تسأل عن الخُلق، فإياك أن تسأل عن صلاته ولا تسأل عن طباعه؛ وكان الله في عون الأسرة التي يقوم عليها بخيل.
ثم بالعودة إلى صديقتي أخبرتها بأننا يجب علينا أ نُثْرِيَ العلاقة لا أن نكسرها وأن نتفهم طباع بعضنا ونستوعب اختلافاتنا، فالله خلقنا مختلفينَ تماماً -كقطع البازل- واختلافنا هذا هو ما يضمن لنا اكتمال الصورة.
قلت لها أنني أُؤمن أنه عندما تكون الأم سعيدة يكون كل من في البيت سعداء، لذلك فأنا أؤكد أن مهمة الزوج الأولى هي إسعاد زوجته، لكن لن يستطيع زوجك فعل ذلك دون مساعدتك..
سألتني: كيف يمكنني مساعدته؟
أجبتها: كل ما يحتاجه هو التقدير والاحترام.. تقدير معاناته واحترام ذاته، وهذا شيء لا يكلفك شيء، يريد أن يسمع:
شكراً لأنك تتعب من أجلنا.
نحن نحتاج لك دائما.
أنت عمود الأسرة وسند جميع أفرادها.
عززي فروسيَّته بكلماتك اللطيفة وعِبارات المدح والثناء، أشعريه بأنه ملك حتى إن لم يكن لديه ما لدى الملوك.. فلو علمتِ كم يكابدُ ليوفر لك ما تحتاجينه وأسرتُكِ لأدرَكتِ أنه فعلاً ملك.
لا أنصحك باختلاق المشاكل حول موضوع مشاركتُك في أعمال المنزل ولا إخباره جملتنا الشهيرة بأنَّــ: المرأة غير ملزمةٍ شرعاً بأعباء البيت. فإحدى المشاكل الأزلية بيننا وبين معشر الرجال أنهم مؤمنون أن أعمالنا المنزلية سهلة وبسيطة، ولا أبالغ إن أخبرتُك أن زوجي يعتبر هذه الأعمال مضيَعَةٌ للوقت والصحة..
أما زلتِ يا صديقتي تتهمينه بفتور مشاعره بعد الزواج؟
حسنا.. إليك هذه المعلومة لعلها تغير وجه نظرك وتتوقفين عن التذمر:
عند الارتباط.. قبل الزواج، يفرز المخ هرمون “الدوبامين” الذي يعطينا الإحساس باللهفة وخفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة اليدين
بعد الزواج، يفرز المخ هرمون “الإكسيتوسين” الذي يعطينا الإحساس بالأمان والأُلفة والراحة
الإحساس اختلف، ولكنَّ الحب باقٍ في الحالتين.
ولأن المساحة لا تتسع لشرح كيمياء الحب والزواج عليك فقط أن تدركي بأن الهرمونات والكيمياء تلعبُ دوراً مهماً في حياتنا.. إلى جانب المسؤوليات، فلا أجد ما أنصحك به إلَّا “كوني واقعية“.
من كتاب “مالم تخبرني به أمي”