الطيوب: متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
دعما لمسيرة رواد الحركة التشكيلية في ليبيا نُظمت مساء يوم الأربعاء 30 من شهر أغسطس الجاري ندوة حوارية تكريمية للفنان التشكيلي الكبير “علي مصطفى رمضان” جاءت بعنوان (إسهامات الرواد في الفن التشكيلي الليبي)، وذلك ضمن فعاليات الموسم الصيفي لليالي المدينة لعام 2023م، ببيت محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس بحضور كوكبة من الفنانين التشكيليين والمثقفين والمهتمين، وقد قدم وأدار مجريات الحوارية الفنان والناقد التشكيلي “عدنان معيتيق”، وبمشاركة كل من الفنان التشكيلي “علي العباني”، والفنان التشكيلي “القذافي الفاخري”، وأعرب العباني في مستهل مداخلته عن بالغ سعادته بما أنجز داخل المدينة القديمة من ترميمات وصيانة شملت عددا من المباني والفضاءات لتكون بيئة خصبة لالتقاء الفنانين والمثقفين والأدباء والكتاب، وأكد العباني بأن التشكيلي “‘علي مصطفى رمضان” يعد أحد الرواد اللذين أسسوا إلى حدا كبير الذائقة التشكيلية في ليبيا بأعمال فنية وإبداعية متميزة وجدت صداها حتى في الأقطار العربية المجاورة، وبرغم أن التأسيس الفني يبقى قليلا على المستوى الفردي بيد أنه حقق مبتغاه، وهو بحق مصدر اعتداد وفخر لجميع التشكيليين الليبيين.




عدم مواكبة النقد للفن التشكيلي
بينما أضاف العباني: إن البدايات التي أسست للأدب وأسست للفن التشكيلي وحتى لفنون الموسيقى والغناء وللمسرح يكون جميلا أن تتولى المؤسسة الثقافية مسؤوليتها في التأسيس لأرشيف يحتفظ ويحتفي بكل هذه الرموز كلما سنحت الفرصة لتصبح جزءا من موروثنا الجمالي، وأردف العباني بالقول : الفنان “علي مصطفى رمضان” شكل لي وأنا بعد صبيا يافعا نافذة لعالم الفن التشكيلي من خلال محل بشارع حسونة باشا يملكه إيطالي يُدعى “بولمبو” كان يقتني لوحات على أوراق ذات مقاسات صغيرة لمجموعة من الفنانين ويقوم بتسويقها، وأذكر أني في هذا المكان وجدت عملا مميزا للفنان علي مصطفى رمضان، وتعرفت عليه في زياراتي اللاحقة للمحل، وأكد العباني بأن الفنان رمضان بالنسبة للكثيرين هو قدوة فنية في عدة قيم إبداعية، وتحدث العباني عن ظروف تأسيس دار الفنون الليبية ودور الفنان علي مصطفى رمضان في إنشائها فحسب العباني جميع اللمسات الجمالية الموجودة في الدار والمطبوعات التي صدرت عن الدار تعود لجهود الفنان علي مصطفى رمضان. موضحا في آن الوقت عدم مواكبة النقد لمنجزات الحركة التشكيلية الليبية.




محطات الفن التشكيلي
من جانبه تطرق الفنان التشكيلي “القذافي الفاخري” أثناء مداخلته إلى محطات عن الفن التشكيلي الليبي وصيرورة حركته مشيرا إلى أن المشهد التشكيلي في ليبيا يعاني منذ فترة طويلة جراء مجموعة إرباكات تأريخية فإذا عدنا بالزمن لحقبة العهد العثماني الثاني سنجد بأن تجربة الفنان “محمد الآغا” تزامنت مع المدرسة الانطباعية الفرنسية، وذكر الفاخري أن أعمال الآغا رغم مرور الزمن عليها بقيت شاهدة على تجربة فنية فذة بتركيا، وأوضح الفاخري أن حدوث قطيعة تاريخية أدى لظهور جيل آخر من التشكيليين الليبيين، وقسّم الفاخري الحركة التشكيلية الليبية لنحو ثلاثة محطات الأولى في العهد العثماني الثاني، والمحطة الثانية ارتبطت بفترة الاستعمار الإيطالي لليبيا وهذه المرحلة تحديدا مهمة لكن ما ينقصها هو النموذج، ومدى تأثر الفنانين بالأساليب الفنية والتقنية الموجودة بالفن الإيطالي آنذاك.
شرط الخصوصية المفقود
بدوره أكد الفاخري بأن أبرز أزمة لازال يمر بها المشهد التشكيلي تتمثل في غياب الشواهد فغالبا الشواهد ناقصة تأريخيا لكن المنجز متوفر وفي أحيان كثيرة يغيب المنجز أي العمل الفني أما المحطة الثالثة وهي المحطة التي يتغذى عليها الواقع التشكيلي الليبي وكأنها بمثابة الولادة الحقيقية للمشهد ككل، ويمثل هذه المرحلة نخبة من الفنانين وأكد الفاخري أن عام 1960 أسس لوحدة الفنون التشكيلية وما بعده، كما بيّن الفاخري أن على البُحاث والمهتمين والمسؤولين داخل المؤسسات المعنية ككلية الفنون أو المعاهد التخصصية الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه الحراك الفني، من جهة أخرى توقف الفاخري عند مسألة الكتابة عن الفن التشكيلي واصفا إياها بالكتابة الغائبة فهي حسب وجهة نظر الفاخري كتابة إما في إطار المدح والثناء وإما في إطار الرفض المطلق، وأشار الفاخري بأن الفن التشكيلي الليبي اليوم يفقد شرط خصوصيته الهُويّتية بخلاف الفنون التشكيلية لدى الدول العربية الأخرى فضلا عن غياب الأرشفة العلمية مما أضاع جزء كبير من الأرشيف المتعلق بالأعمال الفنية، وفي ختام الندوة الحوارية منح الفنان التشكيلي “علي عمر رمضان” درعا تكريميا تقديرا واحتفاءً بتجربته ومساهمته الفنية الطويلة باعتباره أحد رواد الحركة التشكيلية الليبية .