متابعات

ندوة حوارية بدار حسن الفقيه تناقش تحديات الثقافة في المجتمع الليبي

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

ندوة حوارية بعنوان (تحديات الثقافة في المجتمع الليبي)

برعاية جهاز المدينة القديمة طرابلس وبيت اسكندر للفنون أقامت منظمة مدينة طرابلس القديمة للتنمية ندوة حوارية بعنوان (تحديات الثقافة في المجتمع الليبي)، وذلك ضمن مشروع المنظمة (الشباب يتكلم) الذي يهدف إلى إيصال ما يطرحه الشباب من رؤى وأفكار لصنّاع القرار السياسي، وانطلقت الندوة التي قدمها وأدارها “عبد السلام فليفل” بدار حسن الفقيه حسن للفنون صباح يوم السبت 14 من شهر يناير الجاري، بحضور نخبة من الشباب والمهتمين، وارتكز نقاش الندوة حول مجموعة من المحاور الرئيسة وهي : دور التوثيق في الحفاظ على الهوية الثقافية، ودور الثقافة في مواجهة الأزمات والسلوكيات الاجتماعية السلبية، وإمكانية تحويل الثقافة إلى مورد اقتصادي، ودور الثقافة في تعزيز الانتماء والمواطنة، وأهمية الإعلام في نشر الثقافة، ودار النقاش بمشاركة عدد من البُحّاث والأساتذة.

دعم جهود المراكز التوثيقية
وفيما يتعلق بمسألة الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية من خلال التوثيق أشار الباحث الدكتور “عبد المطلب بوسالم” أنه عندما نتحدث عن جذور ذات هوية وذات موروث ثقافي ليبي يظهر لنا بأن هذا الجانب ليس بالأمر السهل فبلادنا ليبيا دولة مترامية الأطراف، وذات قوالب متعددة وتأثيرات من دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتشكل مدينة طرابلس بوتقة مهمة أنتجت لليبيا ما يُعرف بالثقافة الطرابلسية أو الهوية الطرابلسية، موضحا إن الجانب المتصل بهويتنا هو ما يصلنا بموروثنا الثقافي حيث يتمثل في التراث المادي كالمعالم العمرانية والآثار والمباني القديمة مما يشكل تراكمات لعدة قرون سالفة، وبالتالي لا يبدو هيّنا توثيقه وتسجيله وعملية حصره بالإضافة لمسألة إعادة إحيائه في حالة اندثر، مؤكدا بأن مثل هذا العمل هو عمل جُهد مؤسساتي، ولكن المؤسسات والجهات الحكومية المناط بها هذا الجهد تقتفر لوجود كوادر حقيقية وفاعلة، وبالحديث عن تاريخ ليبيا نحن نفتقر في المجمل حتى لوجود مؤرخين والموجودين نستطيع عدهم على الأصابع، وأردف قائلا إن البداية تحتاج إلى تقوية المراكز البحثية ودعم جهودها بغية إحياء هويتنا وإبرازها مما يستدعي وجود عمل جاد مصاحب لعملية البحث لكي يكون هنالك عملية توثيق وتسجيل.

الإطار المفاهيمي للثقافة
من جانبه بيّن الدكتور “عبد الله بن سويد” أن عملية التوثيق عمل هام جدا يدفع لتجميع المعلومات والتسجيلات لحفظ الوعاء الثقافي والموروث التاريخي وصونه للمجتمع، وهذه النقاط الأساسية في مفهوم الوثيقة لابد أن تُفعّل تفعيلا كاملا في أمة من الأمم لتحافظ هذه الأمة على موروثها الثقافي، وكذلك أحيانا التراث الغير المادي ينبغي توثيقه، وأضاف بن سويد إن معظم الأعمال الموثقة في ليبيا اليوم تعود لجهود وأعمال المستشرقين، وأعرب بالقول : السؤال الآن هو كيف نستخدم ونوظف كل هذا الموروث الثقافي واستغلاله والمناداة به وتنقيته بحكم أنه يضم بعض المعطيات السلبية في تراثنا وأفكارنا الأمر الذي يقتضي أن نقف حيالها، من جهة أخرى أوضح الدكتور بن سويد بأن الثقافة في حديثها هي إطار مفاهيمي باعتبارها خطوط عريضة للعادات والتقاليد والقيم بكافة أشكالها وأنواعها، ومن ثم تأتي التنمية المعرفية بوصفها ناحية إجرائية وعملية، وتابع : هنا لابد أن نميز بين الإطار المفاهيمي والإجرائي.

طرح المشاكل في قالب قصصي
كما شاركت الكاتبة والمحررة بمنصة (فاصلة)الإلكترونية “أميمة الكمشوشي” بمداخلة أكدت من خلالها أنه بالإمكان الوصول للأجيال الجديدة برسالة أخرى بواسطة العالم الرقمي والتوثيق الرقمي، وأردفت بأن اختلاف الأجيال واختلاف المشاكل يتطلب حلول مختلفة وجديدة وأيضا أوصاف جديدة لذا الوسط الرقمي يظل مُهما كي يتسنى لنا تعريف الأجيال الجديدة بثقافتهم وبموروثهم، وأضافت الكمشوشي إن منصة فاصلة تطرح على صفحتها مجموعة من القصص والمقالات أو ما تعارف من مصطلح المعروف برواية القصص كونه يجمع أشكال مختلفة من الثقافة، وبواسطة هذه القصص يتم طرح المشاكل الاجتماعية، وأوضحت الكمشوشي بأن النص القصصي لا يقدم بالضرورة حلا ما بقدر ما تُضيء وعي القارئ وانتباهه بوجود مشكل ما في حيواتنا اليومية وقصصنا الاجتماعية وبعض المفردات والمصطلحات المتداولة في شارعنا الليبي فيطرح النقاش حولها بالفضاء الرقمي وقد نخرج بحلول، مؤكدة أن أولى الحلول لتشخيص أية مشكلة هو بالاعتراف بها أولا وقبل كل شيء مشيرة أنه إذا لم يتوفر وسط رقمي يتناول ويؤرشف هذه المشكلة في إطار قوالب آثرنا أن تكون قصصية كون القصة أكثر شكل يمس الإنسان وأنجعها فعالية من ظهور شخص معين يفرض تنظيراته، وبالتالي وجدنا بأن القالب القصصي يضمن لنا طرح القضايا الثقافية والاجتماعية وفق صوغ إنساني وتمنح القراء للتجاوب والتفاعل معها، ولفتت الكمشوشي إلى أن الفضاء الرقمي يمنح متعاطيه مساحة أمانا مفرطة الأمر الذي تجعله يقول ويكتب كل ما يعنّ له على بال ولو كان سلبيا دون وعي أو إتزان معرفي.

انعكاس دور الفضاءات الثقافية
بينما أكدت السيدة “فوزية العريبي” رئيس قسم الفضاءات الثقافية بجهاز إدارة المدينة القديمة بأن إزدهار البرامج والأنشطة الثقافية داخل المدينة القديمة لاسيما تلك التي يرعاها ويشرف عليها جهاز إدارة المدينة القديمة ساهم بصورة إيجابية في تغيير السلوكيات والمفاهيم لدى شرائح كبيرة من السكّان، وأصبح الكثيرون يطالبون بها وبضرورة استمرارها، وأشارت إن موقع الفضاءات الثقافية موجود وسط بيئة مكتظة بالسكان، وهذه البيئة مختلفة الاهتمامات، والجميل أن السكان أنفسهم اكتشفوا ذواتهم عبر هذه الفضاءات والفعاليات الثقافية فقبل فترة كان لدينا مجموعة من السكان لم يكن لديهم رغبة في حضور أمسية أو معرض فني أو محاضرة لكن حب الاستطلاع وحب اكتشاف الذات نمّت في نفسه الرغبة في متابعة ما يجري من أنشطة والمواظبة على حضورها، وأردفت قائلة : إن بعض السكان وصلوا لمرحلة اكتشفوا فيها مواهبهم ومهاراتهم في الفنون التشكيلية والكتابة الإبداعية وما نحوها، مضيفة إن الفضاءات الثقافية أحدثت تغييرا جذريا في الوعي الجمعي لسكان المدينة القديمة، وقبل اختتام الندوة أتيحت الفرصة أمام الجمهور الحاضر لتسجيل ملاحظاتهم وتعقيباتهم على ما جاء في سياق النقاش الحواري.

مقالات ذات علاقة

أوّل صالون ثقافي نسائي في المرج الليبية

خلود الفلاح

عناصر الفُرجة في ذاكرة مدينة طرابلس

ناصر سالم المقرحي

مبادرة التكريم النسوية المميزة …. فريدة

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق