البحر اليوم لونه لازوردي يشبه هذه الخرزة المدلّاة على صدري منذ زمن، يوم كنت في إحدى الجزر اليونانيّة البعيدة ببيوتها البيضاء وقوارب الصيد العتيقة، يحضنها البحر والجبل، هناك.. في إحدى الأزقّة استوقفني محلٌّ صغير، يعرض على واجهته قلادات بأحجار زرقاء ذات ألوان متدرّجة، فخرج مسرعًا يدعوني للدخول ويعرض عليّ بضاعته، قال لي مختالاً يغريني بالشراء:
– إنّها كلّها بلون البحر. وبدأ يتلو عليّ أسماءها؛ فيروز، حجر القمر، لازوردي، توباز، زفير، تنزانيت، الاكوامار.
امتدّ نظري قبل يدي لذلك اللّون الأزرق المائل للأخضر، فقال لي وأنا أمسكها بين يدي:
– إنّه حجر شفّاف وجذّاب وحالم، تتزين به الأميرات.
كان يروّج لبضاعته حتى أشتري منه، وقد جذبني لونها الذي يشبه البحر في ذلك اليوم، ويشبه الذّاكرة التي أخذتني إلى مدينتي هناك في الضّفّة الأخرى، وكنت أعرف أنّ هذا اللّون قادر على التشتّت والتّبعثر بسرعة، عندما ينكسر ضوء الشّمس بأطيافه السبعة، ويمنح البحر والسماء هذا السحر والخيال.
وهذا ما حدث معي عندما وقع نظري عليه، فقد تشتّت في روحي وألهمني شعرًا وحلمًا، ولا أدري لماذا تذكّرت أبيات (محمود درويش) وأنا أضع القلادة حول عنقي؟ “كنت أمشي حالمًا بقصيدة زرقاء من سطرين”.
2 تعليقات
البحر بامواجه و زرقته بكل مكوناته حين يكون هادئا ساكنا أو في حالة غضبه .. برماله و شطأنه بنسماته يسيطر على الكاتبة يأسرها و كأنهاولدت فوق سطح باخرة لابوين بحارين فاصبحت تعرف عنه الكثير اكثر من أي مساحة أخرى . .. حتى عندما تسافر تجده امامها .. البحر كل شيء في حياتها … فصار محورا لكتباها .. المملوءة بالذكريات التي هي الآخرى نتاج سواقي مدينتها و واديها .. تمنياتنا بالتوفيق
نشكر مرورك الكريم أستاذ…