المتابع تجربة الفنان «هاشم الهوني» ينتبه أن ألحانه نقطة تحوّل بارزة في الأغنية المحلية، فبعد أن تطورت كلماتها وألحانها في ستينيات القرن الماضي على يد كل من عبدالسلام قادربوه ويوسف العالم، من الغناء التقليدي (الكلاسيكي) إلى تجربة التجديد والتحديث، التي اتضحت بأغنية «طيرين في عش الوفاء» لم تمض فترة طويلة حتى كانت إبداعات هاشم الهوني التي تميزت بأغنيته العاطفية التي أداها بصوته المرهف، وإحساسه المتماهي مع ألحانه المتميزة بدفئها ورقتها، وطريقة أدائه لها مثل: (تنشدني ع الصحة) و(موش كيفما تصبح تمسى) و(اعتراف) و(بيك مرحبا يا صبح) و(بساط الشوق) و(ليّاعة) ظل، يبحث دائمًا عن التنويع في الألحان والتوزيع الموسيقي والأداء واختلاف الكلمات.
غير أن أذنه الموسيقية كثيرًا ما أمرته أن يتخلى عن أداء أغنية لحنها لنفسه، ونبهته إلى صوت أفضل من صوته لتأديتها، فلقد لحن لنفسه أغنيتين هما: (زي الذهب) و(فيها خيرة) ولكنه انتبه أن صوت المطرب الراحل «أحمد سامي» أفضل لهما من صوته فأعطاهما له.
ولكن هاشم الهوني، الذي ولد سنة 1942، أوقف مسيرته الفنية وهو في أوج عطائه، في سابقة فنية نادرة وعجيبة، فجراء نقاش احتد بينه وبين مدير الإذاعة في ذلك الوقت حول إبداعه، انتفض غاضبًا، مما اعتبره إهانة له، وأقسم أنه سيحطم عوده الذي تسبب في مجيئه إليه، وأنه لن يعود لا إلى التلحين، أو الغناء مرة أخرى. لم تجد توسلات رفاقه بألا يظلم نفسه وألا يحكم بالموت على موهبته، مؤكدين له أن مدير الإذاعة سيتغير، أما الموهبة التي يهبها الله لمن ينتقيه باقية، ولكنه أصر على موقفه. عاش بعد تلك الحادثة ثلاثين عامًا ولم يقترب من أداة موسيقية. شاطبًا اسمه كفنان، سطع نجمه في ميدان التلحين، وأثبت منذ بدايته أنه صاحب موهبة كبيرة، وأسهم في صناعة عدد من نجوم الغناء، ورحل عنا في مثل هذا اليوم منذ ثماني سنوات.