الذكرى الـ57 لرحيل الشاعر الليبي إبراهيم الهوني
إبراهيم الهوني
رحماك يا رب لا نور ولا ماء
في أمرنا اليوم قد حار الألباء
حتى غدونا كأن الأرض تکرهنا
وأتنا لها دون الناس أعداء
بدون ما سبب أضحت تحاربنا
وللأجانب فيها اليوم ما شاءوا
قالوا لقد أكلوا ما نحن نزرعه
من الأجانب هل جاءتك أنباء
وهل أتاك حديث المترفين وقد
غصت (بقلاتهم) أرض وصحراء
كم امرئ قد تعاطى بعض أدوية
بدون علم فأبلى جسمه الداء
إذا سكتنا فإن الصمت يؤلمنا
وما لنا إن نظمنا الشعر قراء
فشمعتي اليوم فيها الخير أجمعه
تسدي الجميل جميلا وهي خرساء
رشيقة القد تبدو غير مائلة
كأنها من بنات الترك حسناء
تفتر عن ثغرها في مثل ما ابتسمت
لإلفها في ظلام الليل سمراء
تبسمت عندما جئنا لنحرقها
كما تبسم عند الغمز عذراء
تبكي وتضحك في آن بلا ألم
وما أتت نحوها في الدهر سراء
إذ ليس تضحك إلا حين نحرقها
قد تضحك المرء بعض الوقت أرزاء
كأن أدمعها مما يحيط بها
من كثرة الحر أمطار وأنواء
ترف إن حركتها الريح في قلق
كأن ذلك للجلاس إيماء
فلو تجالسها يوما لقلت لها
أنت الصديق وكل الناس أعداء
إني لأشكر دون الغير شمعتنا
وشكري الفضل مسدي الفضل إرضاء
ضحت لأجلي وما منت بمهجتها
من بعد أن أطفأ النور الأخلاء
إخلاصها وتفانيها يصيرها
تضيء لي وهي تحت النار أشلاء
وكيف يهمل منا من له احترقت
لكي يضيء لنا جسم وأمعاء
إنا لنقسو عليها في تصرفنا
ولا تئن لها بالنار أعضاء
شربت من دمها حتى ارتوى ظمئي
وضوءها في سواد الليل وضاء
تيمموا بصعيد طاهر فإذا
لم يوجد الماء حتى يحضر الماء
ولتكفكم في ظلام الليل شمعتكم
لها وإن صغرت في الليل أضواء
من قبل أزماننا قالوا أضاء بها
في بيته آدم حينا وحواء
ما نحن أفضل منهم عند خالقنا
لهم صحائف عند الله بيضاء
لكنما نحن لم ندرك مصالحنا
وكيف تدرك نور الشمس عمشاء
يا صاحبي هذه أوصاف شمعتنا
فهل لديك لها وصف وأسماء
بحر البسيط / قيلت في 1965/4/24م
قريرة زرقون نصر (ديوان إبراهيم الهوني) الجزء الثاني، أكاديمية الفكر الجماهيري، طرابلس، 2008م.