شكري السنكي
رحم الله القلم الجريء والضحكة الّتي لا تُنسى
مرت علينا منذ يومين، الذّكرى التاسعة لرحيل الصديق والكاتب حمد المسماري – طيّب الله ثراه – ذلك الإنْسَان الطيّب، العفوي، التلقائي، المهتم دائماً والمهموم أبداً بهموم الوطن وقضاياه. رحل صديقنا حمد يوم الخميس الموافق 11 يونيه 2009م، بشكل مفاجئ إثر تعرضه لجلطة حادة فِي الدماغ، ودُفن بمقبرة الهواري بمدينة بّنْغازي، المدينة الّتي أحبها لدرجة العشق وكان أحد أقلامها النابضة باسمها.
درسنا معاً فِي مدرسة “التقدم” وقتما كان مديرها الرَّاحل الأستاذ عبدالرازق الشيخي، وقد سميّت المدرسة باسمه بعد رحيله، وكان ذلك ما بين 1974 – 1976م. وخرجت مِن ليبَيا فِي مارس 1981م، ولم ألتقِ حمد منذ ذلك الحين حتَّى يناير 2007م، حيث التقينا فِي معرض الكتاب الدّوليّ بالقاهرة، وكان ضمن مجموعة الكتَّاب والشعراء والفنّانين المشاركين فِي المعرض، والمبعوثين مِن قبل المجلس الأعلى للثقافة والإعلام بليبَيا. وقد كان حمد وقتها لديه عمود ثابت فِي صحيفة: “قورينا”، العمود الّذِي كان يعكس هُمُوم النَّاس ومشاكلهم وحاجاتهم اليوميّة، بالوقائع والأرقام، وبأسلوب بسيط مصحوب فِي بعض الأحيان بنكتة أو قفشة أيًّ لغة ساخرة. وكتب أيْضاً بعض المقالات لموقع: “ليبَيا المُسْتقبل” المعارض، وقد تميزت كتاباته بالجرأة والصراحة، وحظيت بمتابعة واهتمام مِن قبل الكثيرين. وقد وثقت بعض كتاباته مرحلة مِن مراحل عهد معمّر القذّافي.
والشّاهد، التقيته بعْد غياب طويل، وقد استقبلني بترحاب، وفرح بلقائي فرحاً لا يوصف، وذكرني بأيّام الطفولة والصبا، وعرّفني إِلى عدد مِن زملائه فِي وفد المجلس الأعلى للثقافة والإعلام، وكان معي ودوداً إِلى أبعـد حد.
خطفه الموت مبكراً، وكانت لحمد المسماري مشاريع كثيرة، وأعمال قيد الإنجاز، وقد ترك رصيداً مِن الكتابات الصحفيّة أتمنى أن تجمع وتصدر فِي كتاب. وكان – طيّب الله ثراه – قريباً مِن النَّاس وكاتباً جريئاً بِكُلِّ المقاييس.. وقد عبّر عَن نفسه بتعبيرات قصيرة وكان أسلوبه فِي السّرد ممتعاً. وقد كتب الشعر، واشتغل بالصحافة عدة سنوات، واهتم بالفنّ وكان مُحباً للمطرب الفنّان سلام قدري، والّذِي حاوره يوماً ونشر حواره الغني الممتع معه فِي الصحافة الِلّيبيّة.
رحم الله تعالى حمد المسماري رحمة واسعة، وأهيب بزملائه الّذِين عملوا معه فِي صحيفة “قورينا”، أن يكتبوا لنا فِي ذكراه التاسعة عَن حياته وتغطياته الصحفيّة ومواقفه وأيّامهم معه، لأن ذلك “وفاء” – القيمة الّتي نسعى لترسيخها وتثبيتها.. وتدوين للتاريخ وحيَاة مَنْ انشغل بالهم العام يتعين على مَنْ يملك أدواته.
رحمـــك الله يا حمـــد.