انتصف الليل
أتلمّس المقابض الصدئة
أفتح أبواباً مشوشة
نباحٌ ونعيقٌ وعواء
أمطار تسقط
فوق أسطحٍ من صفيح
عراكٌ ودموع
وخوفٌ يتشبث
بقوائم الكوخ
… انتصف الليل
استيقظ الحزن
جداولُ ملوثة
بقططٍ ميّتة
حقيبة مهترئة
أرجلٌ تنتعل البرد والحصى
ويدٌ غليظةٌ تهوي
على مؤخرة الرقبة
… كانت أمي
حين يغربلها السباب
وتعجنها اللعنة
تتكور تنوراً على التنهدات
ولم تكن سيجارة أبي
ـ في تلك الليلة ـ
تكف عن الاشتعال
تومض لحظة التقائها
بسحبٍ بيضاء
ثم تنطفئ في صدره المحترق
… انتصف الليل
ومصارعة الطلاسم
أمام فتيلة معمدةٍ بالكيروسين
والمشاوير الصباحية الراكضة
اتقاءً لعصا الزيتون
المحفور على جوانبها
(العصا لمن عصى)
ونقش الأصابع القاسية
على وجوه يصقل حمرتها
برد (بيت ثامر)* القارص
… كانت أمي
تحملني كل يومٍ
بإفطاري الصباحي
مغموساً بدعواتها الرطبة
وتتحايل على رفيقي
الأكبر سناً
كي يحمل عني الأسفار
التي لا افقه عنها شيئاً
_______________________
* (بيت ثامر)
قرية الشاعر
_________________________________________
(من ديوان عصيان الكلام وأشياء أخرى)