في هودجِها ترفُل أُمي
أدفنُ رأسي فيها بعيداً
جدائلُ أمي طويلة طويلة
مغمورة حِناء وقرنفل
يتمايلُ هودَجُها يَحْفَلْ
ملكةً باذخةَ النفوذ
الأميرَ الواثقُ كنت
يُدَثِرُنَا هودجٌ من سماء
مفتوحةَ النوافذ
أهدابُها سعيفاتُ نخلٍ
سنابلُ قمحٍ تستفزُّ الغيم
تُلامسُ الثّرَى تكْتَحلُ الإثمد
وبهاءٌ غيرُ محدود
يميني أزرق أزرق
وشمالي تاسيلي تطرُق
ونسوةٌ يَنْسِجْنَ الريح
يَحْلِبْنَ أثداءَ القَمَر
أيِّلٌ يتراقصُ فرهود
يهتزُّ الهودجُ أهتزُّ
عذراءُ تلهو على الشاطيء
يُغَازلُ سَاقِيهَا الْمَوج
“زيوسُ” إلهٌ
قَرْنَانِ وَوَدَاعَة
وخُطِفَتْ “أوربيتُ” الملكة
هاجَ “أجينور” استنفر
وبكتْ صيدا..
زرعتْ الجدة ليبيا التعاويذ
وشقّ “قدموسُ” البحرَ
وجدها منقوشة هناك
على تضاريسِ الإغريق
“أوروبيتُ” الحلم المنشود
يميلُ الهودجُ تبتَسِمُ السماء
تربتُ كنعانُ “تريبلوس”
تحضُنُ الهودجَ يتبختر
“عليّسة” خلفَ الأسوار
قَرطاجة طبولٌ وشهود
راياتُ الأطلسِ خافقةٌ
فوق عتيقِ الصخرِ النادر
“قسطينة” تهدينا جُسُور
غَرْنَاطة بلاطٌ وقُصُور
“حنّبعل” النجم الحارس
ينقشُ تاريخاً لا يأفِل
يرسمُ كينونة ووجود
بدّدَ قدحَ نَبِيذَهُ فجراً
أشعلَ نارَ الألبِ مسارب
روما في عينيهِ الدَّغْفَل
هودجُ أمي من نافذتي
يقتفي أثرَ العِرقِ الضَائِع
في مَتَن الطينِ المنشور
امتزج العِرقُ الدمُ العُرس
وانهدّت بينهمُ سُدود
يسبَحُ هودَجُكِ يا أمي
باتَ شراعاً صارَ حكاية
حلّق غيمة تلك بداية
يُنهيها حُبُكِ يا أمي