/ن أعمال التشكيلية امباركة زيدان.
قصة

الضاحك

علي فنير

Embarka_Zidan_01

أتخذت مجلسا لي في الطائرة التي كانت متجهة الي بلد بعيد قررت ان أسافر اليه هربا من ذكرياتي ومن حياتي الرتيبة التي أعيشها كنت أتمني في قراره نفسي أن تسقط الطائرة لتنتهي حياتي فلم يعد لها أي معني …. وأن يكون الفضاء الواسع هو قبري …. فالحرية التي لم أحصل عليها حيا كنت أتمني أن احصل عليها حتى لو كان الموت هو الثمن ….. أختلست النظر الي ركاب الطائرة كان هناك شاب وفتاة يبدو أنهم تزوجوا حديثا وهم في رحلة شهر العسل …. وذلك العجوز البدين
الذي يلهث من التعب ترافقه زوجته التي يبدو أن الحزن قد ولد معها ويأبي أن يفارقها بالتأكيد سيذهب الي ذلك البلد في رحلة علاج … سيصرف الكثير من الأموال في سبيل ان يعيش مزيدا من السنوات حتى وأن قضاها وهو يلهث
وذلك الرجل الذي يرتدي بدله أنيقة ونظارات شمسية غالية الثمن يبدو كرجل أعمال وهو يسعى لعقد صفقة قد تكون آخر صفقة في حياته المزيفة فهو من حركاته ورأسه الشامخ يضن بأمتلاكه للمال قد أصبح محور الكون .
أقلعت الطائرة … بدا الكل مرتاحون لإقلاعها …. يتحدثون ويشربون المشروبات التي قدمتها مضيفة تمشي كالآلة قد غطي وجهها اصباغ رخيصة وهي تبتسم
ابتسامة مدفوعة الثمن .
وبعد مرورأ كثر من ثلاث ساعات علي الرحلة بدا الأمر وكأن خلل ما قد طرأ علي أحد محركاتها بدأت في الاهتزاز بعنف … تساقطت كمامات الأكسجين… نظرات الذعر علي وجوه الجميع ألا أنا ….بدا ذلك العجوز في اللهاث بشدة فالسنين التي كان ذاهبا ليشتريها يبدو أنها نفذت وحانة ساعة النهاية أما زوجته فأخذت تنتحب بصوت عال وزاد الحزن تشبثا بها .
الفتي والفتاة كانا مضطربين فرحلة شهر العسل تحولت الي كابوس مميت
ونفذ العسل قبل أن يتذوقا طعمه
حتى تلك الآلة بدت مضطربة رغم تظاهرها بالتماسك كي لا تخيف الركاب ولم تستطع الاصباغ الرخيصة اخفاء أضطرابها
ورجل الأعمال فقد توازنه وأخذ ينتحب كفتاة صغيرة مرددا لا لا أريد ان اموت
شيء ما شتت انتباههم وحول خوفهم ألي دهشة ذلك الشيء هو أنا لأنني اخذت أضحك وأضحك …. هل تعلمون لقد نجونا جميعا من تلك المحنة ولم ألتق بأحد من أفراد تلك الرحلة رغم أنني لازلت أسمع أحيانا لهاث الرجل العجوز وصراخ رجل الأعمال المذعور …. وأحيانا يخيل الي بأنني قد لمحت في أحد الشوارع في المدن الغريبة التي زرتها بعد ذلك تلك المضيفة التي تمشي كالآلة والأصباغ لم تعد تخفي تجاعيد رسمها الزمن علي وجهها الجامد الملامح وأختفت ابتسامتها المدفوعة الثمن ولازلت أضحك ألي هذه اللحظة …. لماذا لأنني عشت حياة طويلة لقد تجاوزت التسعين والموت يسخر مني وأنا اسخر من نفسي ولا يسعني إلا ان أضحك وأضحك وأضحك

مقالات ذات علاقة

قصتان قصيرتان

غالية الذرعاني

العروس

أحمد يوسف عقيلة

لوحة فنية

ريم العبدلي

اترك تعليق