بقلم: محمد الحمامصي
“الشيعة” طائفة معروف عنها أنها من طوائف المسلمين، لها حضورها وجماعاتها المتفرقة في مختلف أنحاء العالم، وتركزت في بعض الدول والمناطق المختلفة حول العالم. وقد يكون السائد الحديث عن الإسلام بطوائفه المختلفة والتي من بينها السنة والشيعة، باعتبار أن الشيعة مسلمون يدينون بما أنزل على رسولنا الكريم “محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم”، وبرغم الاختلافات بين الفريقين والإشكالات العقائدية إلا أن أحدا لم يعتبر “الشيعة” ديانة غير الإسلام، لكن كتابا حديثا صدر في القاهرة مؤخرا عن “دار رؤية للنشر والتوزيع” يأخذ منحى جديدا في هذه القضية العقائدية ويتحدث لا عن سنة وشيعة، بل عن مسلمين وشيعة.
ويعمد د. عبدالله سالم مليطان في كتابه الجديد “بنو أمية على منبر الرسول” باحثا في متون التفسير السياسي للقرآن الكريم ومتخذا تفسير القمي (أبو الحسن على بن إبراهيم القمي، من أعلام القرنين 3 ـ 4 هـ) نموذجا لبحثه، مشيرا خلال البحث إلى مظاهر التسييس – حسب قوله – والتي انزلق فيها القمي جاءت معبرة عن أيدلوجيته الشيعية المعادية للإسلام.
ويقدم مليطان عبر 380 صفحة هي مجمل صفحات كتابه خمسة أجزاء قسم فيها كتابه، أولها حول سيرة القمي “والده وأبناؤه، أساتذته، رواياته والرواة عنه، مصنفاته، وفاته”، وثانيها حول التفسير، وثالثها المنهج، ورابعها يأتي بعنوان التخريف والتسييس ويتناول فيه 6 نقاط هي: “الإسرائيليات، الرجعة، الولاية والإمامة، علي والموالون له، الصحابة واغتصاب الخلافة، بنو أمية”، وفي الجزء الخامس الذي يضع له عنوان المتن يقدم نقدا لتفسير القمي للقرآن الكريم بدءا من سورة الفاتحة وانتهاءً بالناس.
ويبدأ الباحث الليبي د. عبدالله مليطان الأستاذ في الفلسفة الإسلامية بإهداء كتابه إلى روح الصحابيين الجليلين: علي بن أبي طالب زوج بنت رسول الله، ومعاوية بن أبي سفيان شقيق زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يعلن الفصل صراحة منذ بداية مقدمة الكتاب والتي يقول فيها: “أن يفسر المسلمون القرآن الكريم باعتباره أساسا لعقيدتهم ومنهاجا لدينهم أمر معتاد وبديهي، لكن أن يفسره غيرهم فذاك لم يكن مألوفا من حيث المبدأ على الإطلاق حتى القرن الثالث الهجري، مع أن القرآن الكريم بوصفه كتاب علم ومعرفة حري بأن ينبري إلى تفسير آياته وكشف حقائقها العلمية حتى غير المؤمنين بهذا القرآن، وفي اهتداء كثير من الغربيين إلى الإسلام دليل كبير على أن في هذا القرآن علوما ومعارف جديرة بأن يلتفت إليها، ومن المؤكد أن تفسيرها واستيعاب أبعادها وعمق دلالتها وصدق تنبؤاتها لم تصل إلى غير المسلمين إلا من خلال اتجاه علمائهم لقراءة القرآن وتفسير معاني آياته”.
وفي القرن الثالث الهجري مني القرآن بظهور أكثر كتب تفسيره تطرفا وبرؤية مختلفة تماما عن تفسير المسلمين لكتابهم، ومن بين هذه التفاسير تفسير “القمي” الذي يعد من أوائل تفاسير القرآن المتداولة حاليا بين المسلمين والشيعة، والذي يقرأ تفسير القمي هذا قراءة متأنية وواعية سيذهل حتما، لأن الصورة التي ستتراءى أمامه بكل جلاء أن الله تعالى لم يرسل محمدا صلى الله عليه وسلم شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله، وأنه سبحانه وتعالى لم ينزل عليه القرآن الكريم هاديا للعالمين كما تنص آياته، إنما أرسل رسوله مبشرا بابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنزل قرآنه – بكل آياته – من أجل أن يبين للناس فضل “علي” على العالمين لا غير، شانًّا من خلاله متنه وسخطه وغضبه على أعداء علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومناوئيه وعلى بني أمية ومعاوية على الأخص…”.
ويشير مليطان في مقدمته أن تفسير القمي يعد نموذجا لبعض تلفيقات أعداء الإسلام للنيل منه، مؤكدا على أن الشيعة التفوا من خلف آل البيت كيدا في الإسلام لينفروا الناس منه ويبعدونه عنه لأنه ليس في صالحهم أن يروا الناس يدخلون في دين الله لتحقق نصر الله والفتح.
ويوضح الكاتب أن عمله هذا يأتي كمحاولة منه للدفاع عن الإسلام من كيد وافتراءات الشيعة لتكشف عن تسييسهم لتفسير الكتاب المبين لخدمة أجندتهم، مستثمرين ما أشاعه اليهودي عبدالله بن سبأ من فتن بين المسلمين، موهومين أن ثمة عداء بالغ الحدة داخل البيت العربي وبين أبناء العمومة (آل البيت وبنو أمية) منبرين – على افتراض حقيقة الصراع – للدفاع عن آل البيت ضد أبناء عمومتهم ومن ثم جاء عنوانه “بنو أمية على منبر الرسول “ليبين للقاريء حقيقة هذا التسييس حين جاهر القمي بعدائه الصريح لبني أمية ووصفهم بالقرود حيث يفسر الآية الكريمة “وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا” مشيرا إلى أن القمي زعم أن الآية نزلت لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك وغم غما شديدا مؤكدا بأن القرود هم بنو أمية.
ويوضح مليطان أنه في كتابه عرف بالقمي وأساتذته ومصنفاته والرواة عنه، ثم تحدث عن تفسيره ومنهجه من واقع المقدمات التي كتبت تمهيدا لتفسيره، ومما أتيح له من مصادر شيعية وإسلامي، متناولا بعض مظاهر التسييس والانحراف التي انزلق فيها وعبر خلالها بكل وضوح عن أيدلوجيته الشيعية المعادية للإسلام.
ويشير مليطان إلى أن القمي أسس منهجه في التفسير على أساس أن هناك ثمة نقص في بعض آيات القرآن الكريم، وبالتالي لن يستقيم المعنى المراد – حسب زعمه- إلا بإكمالها، وهو ما قام بإضافته ليكتمل المعنى في تصوره. ودأب القمي في تفسير آيات القرآن بما يتوافق مع أفكاره، محاولا تطويع النصوص القرآنية وفقا لهواه، ويقدم في ذلك تفسيراته التي تخدم أهداف الشيعة فيفسر الآية “إهدنا الصراط المستقيم” في سورة الفاتحة على .. الطريق ومعرفة الإمام وهو أمير المؤمنين عليه السلام ومعرفته..!! ويستمر خلال صفحات الكتاب سبر تفاسير القمي التي تخرج عن دائرة العقل مشيرا إلى صور التسييس التي يقوم بها من خلال التفسير والذي يهدف في الأساس إلى الضرب في العقيدة الإسلامية.
______________
نشر بموقع ميدل إيست أونلاين