المقالة

سقط المسرح….. وبقي الممثلون

المسرح

 
أعطني مسرحا أعطيك شعبا، المسرح أستاذ الشعوب، عبارات تدل على مدى أهمية المسرح في حياة الشعوب من حيث الترفيه ومحاولة الدفع باتجاه بث الروح الوطنية أو القومية، والمحافظة على القيم الدينية والأعراف الاجتماعية الحسنة التي تساهم في رقي المجتمع والتعالي عن كل الأعمال التي تسبب في إحداث شروخ في بنية المجتمع.
 
لم نشهد على مدى عقود بعيد نيل الاستقلال المزيف لدولنا العربية أعمالا مسرحية رسمية تدعو إلى التعصب لدين أو طائفة أو مذهب أو عرق من تلك الأعراق التي تعيش منذ آلاف السنين في هذه الرقعة الجغرافية، بل كان يتم التوجه إلى الجميع على أنهم مواطنين سواسية في الحقوق والواجبات،
ولم نلحظ أن هناك غبنا أصاب أي من مكونات المجتمع (دينية كانت أم أثنية)، العروبة تجمعنا والإسلام يحضننا، يجمعنا مصير مشترك، عندما شعر العرب بان هناك غبن طاولهم جراء حكم العثمانيين الذين كنا نعتقد أنهم من ملتنا وان أي انجاز عسكري أو تحول اقتصادي إنما هو لكافة رعايا الإمبراطورية، عمل العرب على الاستقلال بذاتهم عن تلك الإمبراطورية التي أصبحت تفضل بني عثمان عمن سواهم رغم أن الأموال كانت تأتي من خراج وطننا ولم نشهد أي تطور حضري (تخطيط مدن) أو تقدم علمي يمكنه المساعدة في بناء مجتمعنا البدائي.
 
الألفية الثالثة, كنا نعتقد أن العالم أصبح يقدس حرية الرأي والتعبير واحترام الشعوب الأخرى في اختيار نظام الحكم التي تريد، وكنا نتطلع إلى غد مشرق تسوده روح التعاون، فإذا بالمستعمر يعاود فرض سيطرته، ولكن من خلال أذنابه, الذين آواهم ونصرهم وجهزهم لعقود، لإحداث أعمال إجرامية وتدمير ما تم بناءه خلال عقود وإزهاق أرواح بريئة، فلا تزال انهر الدماء تسيل، بل دفع بملايين أخرى من المهجرين وكأنما نكبة فلسطين لم تكفي، نتضرع إلى الغرب في أن يمن علينا ببعض الفتات بينما يتم التلاعب بأموالنا من قبل هؤلاء الخونة الذين جاؤوا على ظهور الدبابات، ممنين الشعوب بأنها ستكون في أحسن حال.
 
أربع سنوات، كشفت عن مدى الحقد المقدس الذي يكنه الغرب ومن أتوا بهم مبشرين بالديمقراطية والحياة الكريمة لأبناء الوطن، فإذا بأعمال العنف التي تقوم بها ميليشيات مجرمة مدعومة من الغرب فاقت كل تصور، حتى أولئك الذين عاصروا زمن الاحتلال الإيطالي وأمدّ الله في أعمارهم يجزمون أن أعمال اليوم أكثر إجرامية من تلك إبان الاستعمار المباشر.
 
المسرح ليس المسرح، الممثلون وان كانوا أكثر “تعلما وثقافة” ممن سبقوهم، فإنهم يحملون بين جنباتهم روح القتل والتدمير وكراهية غير “بني جلدتهم” ومحاولة التسلط على مقاليد الأمور في البلد مهما تكن التضحيات، لم يعد هناك احترام للأسير، فأي ثقافة يحمل هذا الذي ينادي عبر إحدى الفضائيات بأن يكون جسم الأسير لوحة فنية (رائعة) يكتب عليها آسروه ما يشاءون؟ أي ثقافة يحملها ذاك الذي يقوم بتقطيع أوصال جثة بشرية وكأنما يقوم ببيع قطع غيار؟ أي ثقافة يحملها الذي يمنع المواد الأساسية عن منطقة ما لتركيع سكانها؟ أو القبض على الهوية أو مخالفة الرأي؟ أي ثقافة يحملها ذاك الذي يبارك تدمير الممتلكات العامة والخاصة؟ وهؤلاء “المثقفون” جميعا يتقاضون رواتب ومنح ومهايا من خزينة الشعب!، وللأسف يتم ذلك على مرأى ومسمع العالم الحر، بل نجده يسعى جاهدا في إيصالهم إلى سدة الحكم، ويتجولون بهؤلاء المجرمين على مسارح خارج الوطن، فالمسارح الوطنية إن وجدت لم تعد تقبل مثل هؤلاء المجانين.
 
لقد سقط المسرح الذي يبني الشعوب، أما الممثلون فإنهم وبمساعدة الغرب يمثّلون بالشعب على مدى ركح الوطن، أمَا آن للجميع أن يدرك بان الحرب القائمة حاليا، إنما هي حرب حضارات بأيادِ وفضائيات إعلامية عربية، أم أن الغشاوة لا تزال تعمي بصيرتهم؟
 

مقالات ذات علاقة

حروب السنوات الأربع

سالم العوكلي

ثلاث حالات نموذجية في الأغنية الليبية

زياد العيساوي

شيش باني يا باني

محمد المغبوب

اترك تعليق