شخصيات

الزوي ذكرى لا يطويها الزمن

الأديب الراحل “محمد أحمد الزوي”

خمسة عشرة عاما مرّت على رحيل صاحب القلم الرشيق ذو الحبر المِطواع لبذر الكلم على أديم الورق كان يسكب كلماته كالمطر، ويُلبسها دِثار الياسمين الطرابلسي، إنه الأديب الراحل “محمد أحمد الزوي” الشاعر في لغته والعاشق للحياة والوطن الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الأحد 3 مايو عام 2009م ليوارى الثرى بمقبرة “سيدي حامد”، وهكذا تلقفه الموت بهدوء جمّ في ليلة قاهرية تردد أصداء شعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام رحيل هادئ ومفاجئ خلّف وراءه الصدمة والفاجمة لذويه وخلانه ومحبيه ها هي اليوم تحل ذكراه الغير قابلة للطيّ والنسيان.

خطوات نحو العالم
على أطراف مدينة طرابلس وتحديدا بمنطقة سواني بن آدم ولد الأديب الراحل عام 1942م، وتربى وترعرع بأزقة حي أبي الخير بطرابلس الفسيحة درس بمعهد الضباط الصحيين التي تخرّج منها ممرضا ليعمل لفترة بأحد مستشفيات مدينة بنغازي واكتشف منذ أن شبّ عن الطوق أن للإنسان أجنحة يمكن أن يُحلِّق بواسطتها ويرى ما لم يُرى وتوقف عند المهمل والمنسيّ بين تفاصيل الزوايا، وحين اهتدى وعرف تلمّس خطواته البكر نحو دنيا الأدب والثقافة والفكر ليخوض المعترك بعصاميّة فذة تشفّ عن حساسيته تجاه الأشياء وحميمته المفرطة في آواصر علاقاته مع كل من حوله فهو الذي لم يلمس سنيّ طفولته كما كل الأطفال بل زُجّ به إلى معترك الشقاء منذ نعومة أظفاره ليُوجد من التحديات فرصا، ويشق من المحنة طريقا للنجاح حيث بدأ حسب ما يقول صديقه الكاتب أمين مازن خطوته الأولى مطلع ستينيات القرن المنصرم وسط فترة بالغة الصعوبة ظهر فيها أثر النفط الخطير على حياة الليبيين، ويضيف مازن في المقابل أن الزوي كانت فرص التألق بالنسبة له أكثر اتساعا .

محطات مهنية
مارس العمل الإذاعي بجديّة حيث أعد وقدم باقة متنوعة من البرامج بالإذاعة المسموعة وهي : (الفن للحياة)، (كاتب وكتاب)، (كل الفنون)، (كلمات في الفن والأدب)، (كلمات إلى وطن)، كما اضطلع الراحل بعدة مسؤوليات صحفية وإدارية مثل توليه لرئاسة تحرير مجلة الإذاعة عام 1967م، وسكرتيرا للجنة العليا بالإذاعة كما رأس تحرير مجلة الفصول الأربعة ثم انتخب أمينا عاما لرابطة الأدباء والكتاب الليبيين ثم رئيسا لمجلس إدارة المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، بالإضافة لتقلده خلال منتصف سبيعينات القرن المنصرم لمنصب مدير المركز الثقافي الليبي في مدينة بيونس آيرس في الأرجنتين وفي عام 1968م التحق الأديب الراحل بمعيّة صديق عمره الروائي الراحل الدكتور “أحمد إبراهيم الفقيه” بدورة تدريبية بمدرسة ديفز لتعليم اللغة الإنجليزية بمدينة برايتون الإنجليزية ثم ما لبث أن انتقل إلى العاصمة لندن للتفرّغ لدراسة الإخراج التلفزيوني بإذاعة (بي بي سي)، وللأديب الراحل شغف منقطع النظير أمام الأسفار والترحال فقد طاف بشغفه المتجدد معظم عواصم العالم شرقا وغربا ناهلا من معين تنوع ثقافاتها مستزيدا من عمق حضارات شعوبها فكان لا يكل ولا يمل عن التنقل من مدينة إلى أخرى مدفوعا برغبته الملحة في التقدم ونزوعه نحو المغامرة واكتشاف المعرفة.

هوامش السفر على تذكرة سفر، وخطوط على الهواء
وبرغم الزخم الأدبي والموهبة الساطعة للراحل بيد أنه لم يُصدر سوى كتابين يتمين هما (هوامش على تذكرة سفر)، و(خطوط على الهواء) لكنه واظب على الكتابة والنشر في العديد من المطبوعات المحلية والدوريات والمجلات، وكان له عمود أسبوعي ثابت بعنوان (من مفكرتي) بصحيفة الجماهيرية إضافة لعدة صحف أخرى. يصفه صديقه الأثير الراحل أحمد إبراهيم الفقيه بصاحب الريشة الساحرة، ويقول عنه الكاتب الصحفي محمود البوسيفي بأنه الحكّاء المُدهش بينما يؤكد الأديب منصور أبوشناف أن الزوي ظل يرسخ دائما عبر حياته اليومية انحيازه للجميل والشفاف في الحياة.

مقالات ذات علاقة

بنت الوطن : زعيمة الباروني

عطية الأوجلي

عبدالقادر مطول ونهاية المطاف

حسين نصيب المالكي

عميد المسرح الليبي محمد شرف الدين

المشرف العام

اترك تعليق