العراك في جهنّم، أوّل كتاب ينتصر عليْ.
تصدرُ قريبًا عن دار التنوير ببيروت حكاية* العراك في جهنّم، وهي حكاية ساخرة تتناول قصّةً محرّفةً حدثت في تسعينيات القرن الماضي في إحدى “قُرى” ليبيا. بدأ زمن كتابة الحكاية في سبتمبر 2022 بالحمامات التونسيّة، وكانت تجربة “غير جادّة” عنوانها اللعب وكسر النمط والعودة إلى الكتابة بعد أشهرٍ غرقتُ فيها في كآبة ما بعد “تأثير البوكر” كما يسمّونه. لم أنوِ نشرها في البداية لأسباب سأذكرها يومًا ما، وعند الانتهاء من مسوّدتها الأولى لم أرسلها إلّا للدكتور شكري المبخوت الذي شجّعني بعد ذلك في لقاءٍ جمعنا في العاصمة تونس على نشرها. رغم ذلك، ظلّ المخطوط حبيس الدُرج مدّةً طويلة إلى أن تشجّعت على النشر بعد أشهر قضيتها في تحريره مرّاتٍ عدّة، حتى صار المشروع الذي أعود إليه كلّما انتهيتُ من كتابةِ مشروع مقالة أو جزء من كتاب، فأرفّه بالعمل عليه على نفسي، وعندما تشجّعت على النشر ربطني السي شكري الأستاذ بحسن ياغي مدير دار التنوير.
تأتي الحكاية (أو الرواية إن شئت) في 144 صفحة وهي بذلك “نوفيلّا” إن صحّ التعبير، وهي مشروع “هوماج” أو وفاء للأدب الساخر، الأدب التي تتلمذتُ على يديْه والذي شدّني إلى عوالم الأدب والقراءة والكتابة عندما كنتُ أبحث عن “صوتي” فبدأتُ به مسيرة الكتابة الجادة في مقالة عنونتها “النظرية العالمية الأربعطاش ونص”، أهديتُ الكتاب إلى شخصيّات أثّرت في حسّي الساخر -المنعدم بالطبع- ونظرتي إلى فنّ النكتة، هم: صادق النيهوم ومحمد طمليه ومحمد ازواوي وإبراهيم حميدان.
لوحة غلاف الكتاب هي -مثل كتاب الخال- من إبداع الفنّان الليبي الشاب ياسين السويّح، الذي صرتُ أرتاحُ للعملِ معه في تصميم أغلفة كتبي، لأسبابٍ عدّة منّها أنّ لياسين نظرة فنيّة تعجبني، كما أنّه مع الوقت صار صديقًا مقرّبًا أرتاحُ للحديث معه ومشاركته أفكاري التافهة التي تتلخّص في طلبي بتكبير الشعار وتصغيره.
أودّ هنا، أن أشكر العزيزة الغالية ريما، التي بدونها، لا يستقيم لي أي عمل، فهي الداعمة الأبديّة لي، وهي التي تضحّي دومًا من أجل طموحاتي، فما أجلّ ما تصنعه وما أعظمه. كما أودّ أن أشكر السي شكري على تشجيعه لنشر الكتاب، فقد كان قرار نشره أصعب بمراحل من قرار نشر الكتب التي سبقته. ولا أنسى شكر الأستاذ حسن ياغي القائم على دار التنوير، على صبره عليْ وعلى تحريره وملاحظاته وتعليقاته على الحكاية. وبالطبع، شكرًا لياسين السويّح على صنيعه، عسى الله أن يجزيه خيرًا ويحققّ له أمانيه وما يطمح له.
اليوم أقول للعراك في جهنّم، كما قال فنّاننا الراحل محمد حسن:
مطلوق سراحك يا طوير،
وين ما تريد تعدّي عدّي.
*كتبتُ “حكاية” رغم أنّ تصنيف الكتاب كما يظهر من غلافه “رواية” نظرًا لفلسفة وأسلوب كتابته، إذ أنني أظنّ أنّ الكتاب لا يقع تحت جنس الرواية بل هو أقرب إلى الحكايات العربيّة التراثية في تركيبه وأسلوبه، وقد أكون مخطئًا في ذلك، إلا أنّ لدي تبريري الذي قد أكتبه مستقبلاً. لكن الأستاذ حسن -يعطيه الصحّة كما نقول نحن المغاربة ويعطيه العافية كما يقول الشاميون- رأى أن يخرج الكتاب تحت تصنيف “رواية” وذلك لدواعٍ تسويقيةٍ يعرفها كل من يعرف حالة النشر في العالم العربي.
محمد النعاس
سيدي بوسعيد-تونس