سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
تجارب

الفوز في مسابقة البحث الأدبي

حكايات وذكريات: سيرة قلم 18

في تلك السنة أعلنت وزارة التعليم.. عن مسابقة لطلاب الثانويات على مستوى البلاد.. وفي مجالات متعددة.. فاخترت مجال البحث.. وقدمت بحثا بعنوان: “رسالة في الخمر”.. ففاز بتوفيق من الله بالترتيب الأول.. في المعهد.. ثم في مدينة البيضاء.. ثم على مستوى الجبل الأخضر وأعتقد أن المفاضلة بين البحوث كانت بمدينة سوسة.

كما فاز معي ومن نفس المعهد الطالب سعيد بوبكر البرعصي في مجال القصيدة الفصحى، ومن معهد القراءات الطالب سالم جابر في مجال القراءة الحرة (الشيخ سالم جابر).. وفي مجال حفظ القرآن الكريم الطالب بمعهد القراءات.. الطالب سعد بشير الصيد.. وفازت مدرسة الجلاء الثانوية للبنات بالبيضاء.. في مجال المسرح.. كما فازت من مدينة بنغازي.. مدرسة البركة الثانوية للبنات في مجال الموسيقى.

وكانت الجائزة لكل الفائزين بالتراتيب الأولى.. (رحلة إلى اسبانيا).. في العطلة الصيفية.. فذهبنا معا وبقية الفائزين في تلك الرحلة التكريمية الجميلة.. وزرنا خلالها المدن والمعالم الإسلامية في الأندلس.. ومن أجمل ما في تلك الرحلة أيضا كان الذهاب بواسطة الباخرة غرناطة.. والعودة بواسطة الباخرة طليطلة.

ومن الطريف:

أنه ونحن في طريقنا إلى أسبانيا بواسطة الباخرة (غرناطة).. سكنت في حجرة رباعية.. مع ثلاثة أصدقاء آخرين.. وكنا نصلي جماعة في تلك الحجرة.. إمامنا إسمه (سعد) والمأمومين ( سعيد وسعيد وسعيد).. إمامنا هو الطالب سعد بشير الصيد.. الذي فاز بجائزة القرآن الكريم على مستوى البلاد.. كما أشرت سابقا.

وكانت مدينة البيضاء في الصدارة:

في تلك السنة كان لمدينة البيضاء النصيب الوافر من الفائزين على مستوى البلاد.. فقد فاز:

ــ (سعيد العريبي) من المعهد الديني.. في مجال البحث.

ــ (سعيد بوبكر البرعصي) من المعهد الديني..في القصيدة الفصحى.. وكانت قصيدتة عن القدس.

ــ (سالم جابر) من معهد القراءات.. في (القراءة الحرة): أي قراءة بدون أخطاء.

ــ كما فازت (مدارسة الجلاء الثانوية للبنات) في مجال المسرح.

ــ وفازت الطالبة (خيرية الغرياني).. بأغنيتها التراثية (نصبروا يا عيني).. التي سرت كالنار في هشيم البلاد والمذياع والتلفاز الوحيد.. (إن لم تخن الذاكرة).

البحث الفائز.. رسالة في الخمر

وفي نهاية العام الدراسي:

أقيم بغابة (البلنج) الجميلة بمدينة البيضاء.. حفل تكريم كبير للفائزين.. وزعت خلاله جوائز قيمة.. فزت بــ (مسجل) ولله الحمد.. (كان يسوي في ذلك الوقت.. وحاجة كبيرة لطالب فقير).. وقد أحيت ذلك الإحتفال الطالبتين (خيرية الغرياني) و (تونس مفتاح).. في أول ظهور لهما على الملاء.. وقبل أن تسير الركبان والقنوات المرئية والمسموعة.. بأخبارهما الفنية التي لفتت الأنظار.

ذلك الحفل التكريمي الكبير.. الذي ضم كل الشيخصيات المهمة بمدينة البيضاء.. وبالأخص مسؤولي التعليم.. كان فرصة سانحة وطيبة.. لأقدم نفسي للأستاذ/ عبد السلام الوسيع يرحمه.. رئيس قسم التقويم والقياس.. الذي عارض وبشدة قبولي طالبا بالمعهد الديني.. لولا تدخل مراقب تعليم بلدية الجبل الأخضر/ الدكتور عبد الحميد صالح الجياش متعه الله بدوام الصحة والعافبة.

نعم.. كان فرصة سانحة وطيبة لأسلم عليه.. وأقدم له نفسي.. وأقول له: أنا سعيد العريبي إن كنت تتذكرني.. نجحت هذه السنة بالترتيب الثاني بالمعهد.. وبالبحث على مستوى البلاد.. ولكنني لم أفعل ذلك للأسف الشديد.. ربما حياء وخجلا.

حيا الله البيضاء وأهلها الكرام:

كانت مدينة البيضاء في ذلك الوقت.. لا تزال تتكئ على موروث الملكية الجميل.. الذي لم تكن ببعيدة عنه.. لم تكن تفصلها عنه سوى ثمان سنوات لاغير.. حيا الله مدينة البيضاء مدينة العلم والعلماء التي ضمت ذات يوم معهد مالك بن أنس الديني ومعهد القراءات ومعهد المعلمين ومعهد البعوث.. بالإضافة إلى جامعة محمد بن علي السنوسي الإسلامية.. والتي استبدلت فيما بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية.. ثم شطبت من خارطة الوطن.

تلك الجامعة التي كانت تنافس الأزهر الشريف بل تفوقت عليه بشهادة شيوخ وعلماء مصر.. بسبب التضييق الذي كان يمارسة نظام جمال عبد الناصر على العلماء والمتعلمين.. الذين كانوا يفرون بعلمهم ودينهم إلى مدينة البيضاء.

وأخيرا أيها الأعزاء:

هل تتذكرون تلك الرؤية المنامية الطيبة التي ذكرتها بالجزء السابق..  حسنا.. دوعني أقول لكم: لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لما نجحت.. ولما فزت بالبحث.. ولما تمكنت من مشاهدة معالمنا الإسلامنا الحضارية بالأندلس.. فقد كنت قبل النوم.. عاقدا العزم على تسليم مقررات المعهد ــ (والعباء) التي يعرفها طلاب ذلك المعهد ــ والرجوع إلى بنغازي.. اللهم صل وسلم عليه.

(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).


الصورة المرفقة:
غلاف المخطوط الفائز بالترتيب الأول.. في مجال البحث على مستوى الثانويات.

مقالات ذات علاقة

الهروب للثمانينات.. الطريق المخاطر نحو السندباد

زكريا العنقودي

حين نكتب على أرذل الورق

إبراهيم بن عثمونة

هو كده ما تحاولشِ

سعيد العريبي

اترك تعليق