قراءات

ديوان شعر ينبض بحب ليبيا للراحل عبد الحميد البكوش

ديوان (قصائد من ليبيا) للشاعر عبدالحميد البكوش
ديوان (قصائد من ليبيا) للشاعر عبدالحميد البكوش

بالمصادفة وانا أقلب كتب مرصوصة فوق بعضها في سور الازبكية الشهير في ميدان العتبة، فإذا بي اعثر على ديوان شعر ليبي باسم ” قصائد من ليبيا” وصادر عن دار نشر مصرية، الغلاف صممه الفنان التشكيلي المصري الشهير عصمت داوستاشي، وهو غلاف جميل جدا، ومميز، والرسوم المصاحبة للأشعار من اعمال احمد خليل وهي معبرة جدا، وصاحب هذا الديوان المطبوع سنة 78، هو السياسي والشاعر الراحل عبد الحميد البكوش الذي مات بعيدا عن وطنه، وكان فارا من حكم القذافي الذي حاولت أجهزة أمنه اغتياله في مصر الذي أقام فيها، لاجئا..

في إهداء الكتاب يكتب الشاعر والسياسي الليبي عبد الحميد البكوش:” الى تلك الفتاة السمراء الرائعة، التي كنت ارقبها كل مساء وهي تحمل على كتفها جرة ماء تمسكها بيد، وتمسك باليد الاخرى طرف ردائها القطني الموشى بخطوط صفراء.

لكم احببت تلك الابتسامة التي تتفتح على شفتيها والتي كانت هي السعادة بعينها والتي ذابت عندما تلوث ماء القرية بالبترول.

إلى تلك الفتاة التي ساحبها إلى الابد.
الى ” ليبيا”.
أهدي هذه الكلمات.

كاتب مقدمة الديوان هو الصحفي والكاتب ثروت أباظة.. الذي كتب:” الاستاذ عبد الحميد بكوش سياسي وصل الى ارفع المناصب في السياسة. وقد كان اشتغال السياسيين بالفن والأدب أمرا لا يدعو الى العجب أه الدهشة. فنحن نعرف مثلا نذكر الشاعر الألماني العملاق جوته ونذكر انه وصل الى منصب وزير، ونذكر السياسي الضخم تشرشل ونعرف اهتمامه بالأدب وصداقته بالأدباء، وعلى راسهم برنارد شو ونعرف ايضا انه كان يهوي الرسم.

ويتابع ثروت اباظة: الكلمة عند السياسي اداة تعتبر من أهم أدواته في السياسة. والكلمة اذا احبها المرء لا يستطيع ان ينسى هذا الحب فسرعان ما تصبح هواه وهيامه، فليس عجبا إذن ان يكون عبد الحميد بكوش شاعرا على الرغم من المكان الرفيع الذي بلغه في عالم السياسة.

يقع ديوان (قصائد من ليبيا) للشاعر عبدالحميد البكوش في مائة وستة عشرة صفحة من الحجم المتوسط، ويحتوي على واحدة وعشرين قصيدة جاءت متسلسلة كالتالي: (لا حب بعد اليوم، حنطية الجبين، سمعتهم ينادون ليبيا، البساطة، اليأس، الدمية، بلا عنوان، الزحف إلى المقبرة، العوم في الأمطار، الرسالة قبل الأخيرة إلى ليبيا، ساعة الزينة، المخدة، بحيرات العسل، إلى المتنبي في ذكراه، الظمأ، ذكريات فارسية، أم السعد، اعترافات ما قبل النوم، محنة السعادة، حبيبتي أصابتها عين، من سنوات الغربة).

لا أعرف إذ كان هذا الديوان الذي ينبض بحب وعش ليبيا،  معروف لدى متذوقي الشعر في ليبيا والمهتمين بتوثيق الأدب الليبي.

ما اعجبني اكثر في الديوان هذه الأبيات من القصيدة الاولى المنشورة في الديوان الذي تحمل عنوان( لا حب بعد اليوم):

لا حب بعد اليوم
يا ذات الفتون الظامئات الى الغزل
سقط الهوى
في محنة العبث الغرير
ولم يزل
طفلا، وليد شب في قلبي ومات
قتلته
أطفأت في عينيه قنديل الأمل
وطرحت فوق عظامه كتل العذاب
فما أقام ولا رحل
لا حب
فالحب الذي رعته وسقيته
وله العيون بسحرك الجبار
جف وما احتمل
والشوق والاحلام ذابت
والهوى الغض اشتعل
هبت عليه رياح فتاك المدامع والمقل
وطمست كل معالم الأفراح
في عرس أقيم وما اكتمل.


نبذة عن الشاعر الراحل:

عبد الحميد البكوش (1933-2007) رئيس وزراء ليبيا (من 1967 إلى 1968) في العهد الملكي. تخرج من كلية الحقوق – جامعة القاهرة عام 1959، حاصل على ليسانس القانون والدبلوم في القانون الدولي، فهو أديب في الشعر ومحامي وقاضي والعضو في مجلس النواب.

تولى وزارة العدل ما بين يناير 1964، وسبتمبر 1968، باستثناء فترتين، تولى مهمة الوزارة في أولاهما الشيخ عبد الرحمن القلهود (مارس-أكتوبر 1964)، وفي ثانيهما تولى المهمة الشيخ أبو بكر نعامة (أكتوبر 1965-أبريل 1967)، وقد كان وزيراً للعدل في الوزارة التي رأسها..

مقالات ذات علاقة

«السنوسي»: سيرة الدم من داخل معسكر في بنغازي

محمد الأصفر

قراءة لنص (لقاء أخير لوداع حزين) للشاعر الليبي أنيس فوزي

سالم أبوظهير

«أراجوز» نجلاء الشفتري يتحدّى الذكورية المفرطة

منصور أبوشناف

اترك تعليق