المقالة

طوفان الأقصى يغير المعادلة

غزة تحت القصف
غزة تحت القصف

خمسة وسبعون سنة من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وهو يتحكم بالأحداث ويفعل ما يحلو له ويرتكب المجازر ويغتصب الاراضي ويبني المستوطنات ويقتل البشر ويدمر الحجار بشكل يومي تقريبا دون ان يجد من يردعه او يوقف كل اعماله الاجرامية التي تجاوزت كل حدود وكل القوانين التي لا يعترف بها هذا الكيان المغتصب اصلا منذ البداية.. وحتى ما يوقعه من اتفاقات وهم باسم السلام لا حقيقة لها الا بما يخدم مصالحه واهدافه في الاستيلاء على مزيد الاراضي وبناء المستوطنات والتوسع في المساحات المغتصبة من الاراضي الفلسطينية وحتى ان وجه في بعض المرات بحروب او مواجهات فأنها في جلها كان هو المبادر وهو من يفرض موعد المعركة ونهايتها الا في حالة محددة جدا خرجت المبادرة من يده وان كانت جلها خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة التي يستكين اهلها او يقفوا متفرجين على ما يتعرضون لها من قتل ودمار واستيلاء على أراضيهم.. فكانت المواجهات تتجدد كل يوم والمعارك لا تتوقف وان بشكل محدود.. وان حدث ذلك في بعض المرات ما جعله يدفع ثمنا غاليا في مواجهة الشعب الفلسطيني المقاوم وخاصة في ثورات الحجارة الاولى والثاني وعديد المواجهات اليومية لكنه في كل ذلك لم يتعرض الى خسائر كبيرة ومواجهة طويلة دفع خلالها اغلى الاثمان.. كما حدث في عملية طوفان الاقصى يوم 7 اكتوبر الماضي التي كانت على غير العادة خارج كل التوقعات والانتظارات من كل الاطراف واولهم العدو المغتصب.. حيث فجاءت المقاومة في قطاع غزة الجميع بعملية عسكرية متقنة التخطيط والفعلية ومحددة الاهداف والزمان والمكان مما اصاب الجميع بصدمة ربما بعضهم مازال لم يخرج منها حتى اليوم.. فكانت النتيجة صادمة في صفوف العدو والثمن غير مسبوق بشريا وماديا وسياسيا واقتصاديا وعلى كل الاوجه.. ما جعل العدو يدخل في صدمة عمل خلالها على فعل كل ما يستطيع لحفظ ما وجهه بل تنادت كل الدول الكبرى الداعمة له من اجل مساندته ودعمه بكل ما يمكن من مال وسلاح وحتى جيوش في مواجهة عدة الاف من المقاومين محصورين في مساحة محددة من الارض ومحاصرين من كل الجهات وكأنها تقاتل اقوى الدول واكبر الجيوش.. لان ما حدث له في هذا الطوفان المحمود امر لم يسبق حدوثه ولا كان يتوقعه احد جعله يقف مدهوشا من هول الحدث الذي غير معه كل المعادلات وكل الوقائع التي كانت تسوق طيلة عقود وسنوات.. من الجيش الذي لا يقهر والاستخبارات التي لا يغيب عنها امر ولا حدث ليس داخل اراضي المحتلة بل في كل العالم.. فاصبح ما بعد الطوفان غير ما قبله ليعيد كل حساباته.. فأضافه الى خسائر الميدان من قتلى واسرى هناك خسائر اخرى ربما تكون اكبر واعظم ولعلى اهمها غياب الامن الذي سيصبح يؤرق كل الصهاينة المغتصبين للأرض والذين ظنوا ان حياتهم اصبحت امنة ولا احد يعكر عليهم صفوها لتاتي هذه العملية المباركة والتي تعتبر حدث امر غير مسبوق في تاريخ العدو منذ تأسيس كيانه المغتصب وفي كل حروبه السابق التي خاض جلها خارج الاراضي التي يسيطر عليها وبعيدا عن مناطق مستوطنيه الذين لم يكون يتعرض لهم احد في جل المواجهات السابق كما حدث ويحدث اليوم.. بل حتى عدد من فقدهم قتلى واسرى لم يحدث ماضيا حتى في حروبه مع الجيوش العربية المنظمة.

لتؤكد لهم هذه العملية ان العيش في ارض الاخرين ليس سهلا ولا دائما ومستمرا فترك هؤلاء مستوطناتهم واماكن عيشهم وكل ما كانوا يظنون انه اصبح ملكا لهم وهرعوا يبحثون عن اماكن اخرى تأويهم وتحميهم مما يمكن ان يتعرضون له اليوم او في قادم الايام سوأ في هذه المعركة او غيرها.. والامر لا يتوقف هنا ولا عند نتائج اليوم بل سيكون له تداعيات متوسطة وطويلة الامد ستساهم في فقدان العدو للكثير من مكاسبه واهمها مزيد الهجرة الى الاراضي المحتلة التي بالتأكيد ستكون عكسية بدا من الان حيث عمل الكثيرون على الخروج من فلسطين المحتلة والبحث عن دول واماكن بديلة سوأ كانت تلك التي جاء منه هؤلاء او غيرها والتي سيعتبرونه اكثر امانا وعيشا لهم في قادم الايام والسنوات.

 دون ان ننسى الخسائر الاقتصادية التي يدفعها العدو اليوم وسيدفعها لسنوات طويلة ايضا فهي حدث ولا حرج وستؤثر كثيرا على مستقبل وجوده من الاساس ومدى قدرته على مواجهة تحدياتها في قادم السنوات اضافة الى انه رغم كل محاولات دعمه والوقوف معه الا ان ما فعله ويفعله ردا على هذه العملية من قتل ودمار ومجازر للشعب الفلسطيني وقتل الاطفال والنساء ستفقده الكثير من داعميه وتجعل كل او جل الدول على الاقل وخاصة شعوبها التي تشاهد افعاله ترفع من حدة الكراهية والرفض له ولوجوده بعد كل ما فعله.

 ان ما غيرته عملية طوفان الاقصى امرا لا يمكن ان ينتهي او يسقط بسهولة من ذاكرة الشعب الفلسطيني..  ومها فعل العدو ويفعله من اجرام وابادة ودمار ردا على العملية فأنها ستبقى خالدة في تاريخ النضال الفلسطيني حتى تحرير الارض وبناء دولة فلسطينية خالصة عاصمتها القدس الشريف طال الزمن او قصر “شاء من شاء وابى من ابى “

مقالات ذات علاقة

ديمقراطيتكم.. ثوبٌ لا يناسبنا..

المشرف العام

كلاسيك (100/22)

حسن أبوقباعة المجبري

مُفـكرة أبـي

فاطمة غندور

اترك تعليق