في غياب الكفاءات تسود الفوضى ويختل النظام وتنقلب المعايير!!
عندما تنقلب المبادئ والمفاهيم عقبا فوق رأس فتعتاد الأجيال على تطبيقها بطريقة معكوسة جيلا بعد جيل. اذن علينا أن نحتمل انهيار الدولة تدريجيا، وعلينا أن نرضخ لما هو أسوأ من ذلك بكثير، كأن تأتي المنظمات الدولية العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة بحجة الوصايا الدولية، لتعلمنا لتحسن أدائنا، لتنمي قدراتنا، لتؤهلنا لتطورنا وتنهض بنا.
لتقدم لنا حلولا جذرية وتعيدنا الي ألف ياء النظام! وبالتالي ستعيد الرأس فوق، في الأعلى وتضعه في مكانه الطبيعي، والعقب ستنزله تحت لتعيده الي مكانه الطبيعي كذلك.
وسأستعين بمثال توضيحي هو عبارة عن قصة قصيرة من النوع الققج (قصة قصيرة جدا ) وذلك من أجل معرفة كم أن هناك خلطا في حكمنا في بعض المواقف المتكررة والتي اعتدنا رؤيتها في حياتنا .
تقول القصة التي عنونتها بـ(رغيف):
لم ينتبه أغلب المارة أن أحد الواقفين في طابور مخبز الحي، لا يصل الي شباك المبيعات!
يقف كعادته كل يوم وباحترامه، حاملا كيسا فاخرا، ولا يصل!
لكنه يصر على الاحتجاج بشجاعة وغضب ضد زمرة من المشاغبين النرجسيين والذين لا يعترفون بالنظام، فيخترقون المقدمة بمساعدة كبار الحي، أو بمساعدة نساء الحي، أو بمساعدة صغار الحي، أو بمساعدة فتوة الحي!
الطابور قصيرا جدا، وبرغم ذلك صاروا يخترقون الصف، ليلتهموا كل الأرغفة، وعندما يصل المحترم وغيره من المحترمين الي شباك مبيعات الخبز يجدونه وقد نفد!
أما المشاغبون الذين وصلوا لمقدمة الطابور، قد برروا وصولهم بأن المحترمين لا يعرفون اللياقة، فهم فوضويون يعلون اصواتهم ويسببون الضوضاء، وبالتالي هم لا يستحقون شراء الخبز بنقودهم حتى، كونهم متخلفين غير متحضرين، لازالوا متمسكين بالاسم القديم للخبز فهم يصرون على تسميته بالفردة.
انتهت القصة التي اوردناها في السياق كمثال لنبين للقارئ كيف أصبح الانسان المحترم صاحب الكفاءة والذي يملك كل أدواته لا يصل الي هدفه ومبتغاه، وأمسي هو الفوضوي!
وأصبح المتسللون للمقدمة بالواسطة أو الشللية أو الجهوية أو القبلية هم المقررون للمصير.
فهذه الزمرة تمثل المسؤولين وكيف يتحصلون على المناصب بفوضويتهم الصارخة، وكيف هم من يقرر أن المحترمين فوضويين وغير حضاريين لإبعادهم عن حقهم في الرغيف الذي يأتي هنا كرمزية للهدف أو الغاية أو الطموح!
تمت المقاربة.
إذن من جراء هذه المشهدية العبثية التي أصبحت متلازمة مرضية في بلادنا علينا أن نتقبل التدخل الدولي والأممي في بلادنا بداعي الوصايا التي يقرها الفصل السابع في بنود الأمم المتحدة
أن كيفية وصول بعض الاشخاص بطرق فوضوية بدون كفاءة وتناسيهم ذلك واحتكارهم للمسؤولية بطريقة مزمنة وتقييمهم لمن هو أجدر منهم بمعايير معكوسة تتسبب في انهيار النظام وضعف الدولة، وتخلفها، فلا مهندسا كهربائيا كفؤ نجده في المقدمة
فترتبك منظومة الكهرباء
ولا قاضي محكمة كفؤ يقود، فتسود الجريمة ويختل ميزان العدالة.
ولا مثقفا واعيا ومدركا نجده في المقدمة، فتتلاشي القيم والمبادي التربوية الأصيلة.
هذه السلسلة الثقافية التنموية المعرفية محفوظة حقوق نشرها قانونا بعضوية اتحاد الناشرين العرب واتحاد الكتاب العرب.
بنغازي 2018