الطيوب
تُعد النهضة المعرفية العالمية بمنزلة الميزة والصفة الرئيسة لهذا العصر، حيث تحولت المعرفة إلى سلعة استراتيجية مهمة، وصارت مصدراً مهماً للقيمة الفكرية، والميزة العلمية المضافة التي ترسم من خلالها المجتمعات والدول قوتها وتقدمها في جميع المجالات، لقد اختلف مفهوم القوة، واختلف مفهوم التقدم، وأيضا مفاهيم الرفاهية والعمل والوظيفة والإنتاج، وأصبحت جميعها تدور حول محور واحد هو المعرفة.
إن أهمية المعرفة للمنظمات على اختلافها تبرز ليس في المعرفة ذاتها، وإنما فيما تشكله من إضافة قيمة لها أولاً، وإيجاد ميزة تنافسية لها في بيئة مستنيرة، ودائمة التطور ثانياً، وفي الدور الذي تؤديه في تحول المنظمة إلى الاقتصاد الجديد المعتمد على المعرفة ثالثاً، والذي أصبح يُعرف الآن باسم اقتصاد المعرفة “Knowledge Economy” الذي يقوم على فهم جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وبذلك أصبحت المعرفة المصدر الرئيس للاقتصاد المعرفي الجديد، وأصبحت المنتجات المادية فيه لا تعد مهمة كأهمية الكفاءات والأفراد الذين ينتجونها في المنظمات وبهذا، حقق الاقتصاد المعرفي قوة جديدة للموارد البشرية (العاملين) المبدعة، كونهم صناع معرفة، ووكلاء تنيير وبناء على ما سبق يمكن القول: أن إدارة المعرفة تعد من المفاهيم الإدارية الحديثة التي تلقى اهتماما متزايدا من قبل المهتمين بإدارة الأعمال، إذ تسعى العديد من الشركات إلى تحويل أعمالها لأعمال ونشاطات قائمة على المعرفة، فتعمل على توجيه استثماراتها تجاه توليد المعرفة والاهتمام بالنشاطات والأفراد والوسائل التي تهدف إلى اكتساب وخلق المعرفة وذلك لغاية التحول إلى شركات تملك رأس المال الفكري وتبتعد عن الأعمال التقليدية.
وأدركت المنظمات أن المعرفة هي الموجود غير الملموس الأكثر أهمية، حيث إن أغلب هذه المنظمات تمتلك معرفة، لكنها لم تستخدمها، أو استخدمتها بأسلوب غير ملائم، أو أن العاملين فيها لا يستطيعون اكتشافها والوصول إليها وتطبيقها، لأنهم لا يعرفون الوسائل الملائمة لذلك، لذا سعت هذه المنظمات إلى إدارة هذا الموجود، ويضيف بعضهم إلى ذلك بالقول إن المنظمات تتعرض إلى الضغوطات المتنامية من أجل تحسين نوعية المنتج أو الخدمة التي تقدمها، والعمل على خفض التكلفة، والمنافسة بجودة الخدمات، والمنتجات ذات التقنية العالية ومن أجل مواجهة هذه التحديات وتحسين الأداء، فإن تطبيق إدارة المعرفة (Management Knowledge) يعد أحد السبل التي يمكن للمنظمات اللجوء إليها.
وتُعد إدارة المعرفة من أحدث المفاهيم الإدارية، إذ شهدت السنوات القليلة الماضية اهتماما متزايدا من جانب قطاع الأعمال لتبني هذا المفهوم فقد أدى التزايد الهائل في المعلومات وتراكمها في المنظمات على اختلافها إلى وجود حاجة ماسة إلى تنظيم هذه المعلومات وإدارتها للإفادة منها في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لهذه المنظمات، ومساندة صناعة القرار فيها ففي عصر المعرفة أصبح استمرار المنظمات ونجاحها أو فناؤها يعتمد اعتمادا كبيراً على قدرتها على إدارة ممتلكاتها غير الملموسة، إذ تشكل المعرفة والإبداع في هذا المجال القيمة الرئيسة لهذه المنظمات.
وقد أفضت الثورة المعرفية إلى ظهور مجتمع المعرفة ويُعرف بأنه “ذلك المجتمع الذي يحسن استعمال المعرفة في تسيير أموره وفي اتخاذ القرارات السليمة والرشيدة، وكذلك هو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومات لمعرفة خلفيات وأبعاد الأمور بمختلف أنواعها”.
لذا نجد أن مجتمع المعرفة يجعل من المعرفة أساساً تطور جميع مناحي الحياة، ويجعل الإنسان الفاعل الأساسي للإبداع الفكري، ويدعو إلى استخدام المعلومات والمعرفة بشكل شامل وحر ودائم.
وإن ثمة اقتصاد جديد يتطور بسرعة وعلى نطاق واسع وتتوسع خصائصه وتتجذر مبادئه في مواجهة الذي لم ينل الاهتمام الكافي (Knowledge Economy) الاقتصاد التقليدي إلاّ وهو اقتصاد المعرفة بالدراسة والتحليل والاستشراف.
ومع التكنولوجيا الرقمية تكون التكلفة الحدية لأية نسخة لاحقة على النسخة الأولية أقرب إلى الصفر، فإن مبدأ الوفرة هو الشكل الأكثر بروزاً في اقتصاد المعرفة.
ولقد ابتدأت ثورة المعلومات بالخطوة الأولى التي خطاها (جوهانيس جتنبيرج) في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي عندما أقدم على اختراع أرتقى بالبشرية كثيرا وهو الطابعة, فمنذ أن تم اكتشاف الحبر والورق بدأ الناس بالكتابة ولكن لم يكن باستطاعة المؤلف أن يكتب هو ومساعديه أكثر من 10 نسخ حيث كانت الكتابة بخط اليد وكذلك كان انتشار هذه الكتب يتمحور على نطاق ضيق وكان الوصول إلى المعلومة والقيام بالبحوث شي يصعب على الشخص المعاصر تخيله حتى تم اختراع هذه الطابعة التي كانت أول خطوة جيدة تخطو إلى الأفضل بالبشرية جمعاء… ومن تلك الأيام بدأت ثورة المعلومات وارتقت البشرية كثيرا بعدة اختراعات وإنجازات لأن البشر أتيح لهم القيام بالبحث أو الإضافة على بحوث غيرهم بطرق أفضل وأسرع.
ومع اتساع دائرة المعلومات والمعارف تزداد بشكل طردي معها دائرة الغموض، وكذلك أصبح مجموع شباب أي أمة يحكم على مستوى وطنه أو حضارته بالكم المعرفي الذي يحمله في منظومته الفكرية وبمدى تطويره لهذه المنظومة…وكم هو الوضع مأساوي بالنسبة لشباب أمتنا العربية المتهالكة بالنسبة لتطوير الذات والمعرفة فمعدلات القراءة للشباب في الدول العربية مخزية مقارنة بدول أخرى وكذلك معدلات البحث العلمي…وهنا إن تركت لحظة للتأمل فلوجدنا أن أغلب دول العالم الثالث هي أقل الدول إنتاجا للبحث العلمي وهي أقلها نسبة في الوقت الذي يصرفه شبابه على القراءة وهي أكثر الدول نسبة في عدد الأميين!
وتُعد النهضة المعرفية العالمية بمنزلة الميزة والصفة الرئيسة لهذا العصر، حيث تحولت المعرفة إلى سلعة استراتيجية مهمة، وصارت مصدراً مهماً للقيمة الفكرية، والميزة العلمية المضافة التي ترسم من خلالها المجتمعات والدول قوتها وتقدمها في جميع المجالات، لقد اختلف مفهوم القوة، واختلف مفهوم التقدم، وأيضا مفاهيم الرفاهية والعمل والوظيفة والإنتاج، وأصبحت جميعها تدور حول محور واحد هو المعرفة.
وأهمية المعرفة للمنظمات على اختلافها تبرز ليس في المعرفة ذاتها، وإنما فيما تشكله من إضافة قيمة لها أولاً، وإيجاد ميزة تنافسية لها في بيئة مستنيرة، ودائمة التطور ثانياً، وفي الدور الذي تؤديه في تحول المنظمة إلى الاقتصاد الجديد المعتمد على المعرفة ثالثاً، والذي أصبح يعرف الآن باسم اقتصاد المعرفة “Knowledge Economy“، الذي يقوم على فهم جديد أكثر عمقا لدور المعرفة و رأس المال البشري في تطور الاقتصاد وبذلك أصبحت المعرفة المصدر الرئيس للاقتصاد المعرفي الجديد، وأصبحت المنتجات المادية فيه لا تعد مهمة كأهمية الكفاءات والأفراد الذين ينتجونها في المنظمات وبهذا، حقق الاقتصاد المعرفي قوة جديدة للموارد البشرية (العاملين) المبدعة، كونهم صناع معرفة، ووكلاء تغيير.
يُقسم هذا الكتاب (إدارة المعرفة) على أربعة فصول كل منها يختص بأنواع محددة من تطور المعرفة وعلاقتها بالإدارات المختلفة، حيث يتناول الفصل الأول وهو بعنوان “عصر المعرفة (النشأة والتطور)” وبدأ بمقدمة عامة، ثم النشأة وتطور إدارة المعرفة وانتهى بالمدخل العام للمعرفة وشرح كلاً من “المفهوم والمراحل ومصادر وخصائص وأهمية المعرفة وأنواعها”.
أما الفصل الثاني وهو بعنوان “مدخل إلى إدارة المعرفة” ويتناول مقدمة عامة وتعريف وأهمية وأهداف ومبادئ وخصائص وعمليات والعناصر الأساسية لإدارة المعرفة، ثم التحول إلى إدارة المعرفة والأبعاد المؤثرة عليها وعوامل نمو إدارة المعرفة، وانتهى بشرح المشكلات وعوامل النجاح وأهم نماذج التطبيق لإدارة المعرفة.
وتتطرق الفصل الثالث لاقتصاديات المعرفة، تعريفها، وركائز اقتصاديات المعرفة، الخصائص الأساسية للاقتصاد وأبرز الفروقات بين الاقتصاد التقليدي واقتصاد المعرفة وأهم المتطلبات نحو بناء اقتصاد معرفي، وانتهى بالتوجه العالمي والعربي نحو اقتصاد المعرفة.
ويتناول الفصل الرابع “دور تقنيات المعلومات في إدارة المعرفة” من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومكوناتها ودعم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعمليات إدارة المعرفة مروراً بأخصائي المعلومات في إدارة المعرفة، وانتهى بجوانب الإفادة من انترنت الأشياء في إدارة المعرفة، وأخيراً قائمة المصادر والمراجع.
د. رحاب رمضان عطية محمد (إدارة المعرفة)، دار النخلة للنشر، طرابلس، 2023.
تعليق واحد
السلام عليكم
كتاب مهم يستحق القراءة
هل هو متوفر في المكتبات الليبية؟