متابعات

آريتي تطرح مشروع ألبوم ليبيا للنقاش

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

آريتي تطرح مشروع ألبوم ليبيا للنقاش

اختتمت مؤسسة آريتي للثقافة والفنون فعاليات احتفالية إطلاق مشروع كتاب (ألبوم ليبيا)، بندوة فكرية مساء يوم الخميس 3 من الشهر الجاري بدار محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس بمشاركة مجموعة من الكتّاب والباحثين، وقد قدمت وأدارت مجريات الندوة الكاتبة الصحفية “فتحية الجديدي“، وافتتح الدكتور “خالد مطاوع” الندوة بكلمة بيّن من خلالها أنه عندما تراجع مصدر الفكرة من الصعب تحويل المصادر الأصلية إلى المصادر التي التصقت بها في مستقبلها، وتابع قائلا : إن الفكرة تتعدد مصادرها ومع تطروها تلتحم بعدة عوامل، وأحيانا المصادر الاحتمالية أهم من المصادر الأصلية، مضيفا بالقول : إنني حينما أحاول التأريخ لفكرة ما فأنا أسرد رواية أكثر مما أرصد واقعا، ولعل الأمر يبدو بأنه تحقيق في الذاكرة ومحاولة إيجاد مصدرا مستحيلا، وأكد مطاوع أن الكلمات ضرورية كونها تكوّن صورة وتصاحبها فالصورة هي المفعّل للخيال مردفا بالقول : إن الواقعية جعلت الأمر يلتبس علينا هي ما نراه خيالا أم حقيقة، وتذكر مطاوع أيضا عن السيرة والصورة ولحظة التماهي والاكتشاف موضحا أن فكرة ولادة الألبوم نتيجة لقراءة السيرة ولحظة ظهور الصورة وتقرّبنا من الآخر مبيّنا أنه لأول مرة يقرأ في السياق الليبي عن ذاكرة مصورة.

من جهتها تناولت “ريم جبريل” المراحل التي مر بها مشروع الكتاب بدءا من التواصل مع الكتّاب واختيار تصميم الغلاف ومرحلة المفاضلة، مشيرة لرحلة الإعداد للكتاب والتصميم الذي تم الاستقرار عليه عبر تفاصيل جمالية مستوحاة من حيوات الليبيين وموروثهم الثقافي والشعبي فجاء الغلاف مُحمّلا بمجموعة ثرية من الرموز والأشكال والأوشام العربية والأمازيغية فضلا عن السجاد والسعف والصناعات التقليدية.

الصورة والأيقونة
بدوره يرى الأديب “منصور أبوشناف” أن هذه الصور قد تتحول في يوم من الأيام إلى أيقونات في شكل آخر مثلما تحولت هذه الأيقونات قبل زمن داعيا أن يكون هنالك ألبوم للأيقونات الليبية مدعومة بنصوص تقرأ هذه الأيقونات وتقدمها على الأقل على سبيل التواصل مع هذه الرموز مثل الموجودة في السجاد، وفي الفضة، وأضاف أبوشناف بأن القارئ للكتاب سيكتشف أن الصورة أضعف من النص المرفق بكثير، وهذه التجربة التي ظلت هاجسا بالنسبة لنا في علاقتنا بين النص الأدبي والعمل السينمائي، ويعتقد أبوشناف أن فن التصوير الفوتوغرافي عبر إطاره البسيط يمثل لحظة متجمدة في التاريخ لكن اللغة قادرة على إعطاء اللحظة قوة النبض، وأردف قائلا : إن ألبوم ليبيا حوى على أفكار هامة أبرزها فكرة الاهتمام بنشر أسماء المحررين، وعبر الأعمال التي نشرت ظهرت قضية الانتماء للبلد والانتماء هنا لا يرتبط بمعناه القومي بالنشيد الوطني في المداري والقسم بقدر الانتماء في شكله اليومي عبر الممارسات اليومية الحقيقية، وكذا الانتماء للجغرافيا وللناس .

متن يدور حول السيدات
كما تضيف الكاتبة والباحثة “فاطمة غندور” أن ألبوم ليبيا هو ألبوم الحياة التي نحياها لنرويها ونحياها لنكتبها فالسرد هو الحياة ، وحين تجتمع الصورة مع الكتابة تصير سيرة الذات مع الآخرين شهادة عن الموقف من الحياة، وتردف غندور بأن الصورة تعني حدث وفعل حتى وفيها وقت للزمان وتثبيت للمكان بيد أنها حمّالة أوجه فحين يكون السرد هو التمثيل اللفظي للواقع تكون الصورة التمثيل البصري للواقع، وتؤكد غندور بالقول : ألبوم ليبيا تمثيل للحياة بين العناء والانفراج، التوافق، التضارب، تحضر اليوميات والذكريات بما فيها من وثائق عينية ومادية وشخوص الهامش المهملة والمنسية، ومثلها أماكن حية شاهدة وأخرى جرفتها الحرب والنسيان، وأشارت غندور إلى أن فؤائد الكتابة بالألوان متعدد الأبعاد تعدد يضم أفكار ودلالات وإيحاءات حتى وهي كتابة متباينة في نسجها فنيا وبقدر ما فيها من ألفة وحميمية فيها شجر حزين وقسوة وحتى ضجر كتابة تمثل عصفا لقضايا ورؤى لم تعد مرهونة بأدراج الذاكرة قصص معاشة لأصحابها لم تروى من قبل تنفست حين تم استدعاؤها، وسجلت غندور ملاحظتها أن أكثر من نصف الألبوم من جهة يتضمن قائمة بأبجدية هي متن لسيدات أو يدور حولهن.

تعددية هُوية الصورة
فيما يوضح الشاعر والكاتب “عبد الحكيم كشاد” بأن الصورة الضوئية تحمل في شقيّ خطابها البصري اللغوي بما تجسده أنماطا مختلفة للعلاقات الإنسانية لتبدو الصورة في موضوعها بداية عبر تسلسلها الزمني موروثا شأنه وهوية المجتمع ككل، وهو حسب كشاد ما يشكل بالتالي خصوصيته في أدق تفاصيلها، والتنوع له دلالته الاجتماعية والسياسية والقومية والوطنية، ومن هذه الصور ما يمثل هوية الفرد انعكاسا لواقعه التي ترصد مراحل العمر حيث أنها تمثل بدورها موروثا اجتماعيا لبناء ذاكرة الأفراد عبر الصورة وما تمثله من تأويل في خطابها أو تلك التي ترصد فترات تاريخية تحمل موروثها الجمعي أو ما تعبر عنه من أحداث مهمة في ذاكرة الشعوب، وأكد كشاد أن الصورة في هذا المقام راصدة مهمة لتلك الأحداث الفارقة في مسيرة الإنسان سواء الأحداث التاريخية أو حتى الحروب أو الكوارث الطبيعية وغيرها بشكل عام بعد أن أصبحت الصورة خطابا إعلاميا في رسائل لا تخلو دلالتها المتغيرة والسلبية في خطابها المضاد، وفي السياق الذي وجدت فيه، وأضاف كشاد في المقابل بأن الرابط الإيجابي الذي نريد أن نخرج به وهو ما يجمع كل هذه الصور ودورها في تشكيل الهوية المجتمعية من خلال الحديث عن الأنا عبر الصورة، وتابع في كتاب ألبوم ليبيا ما يبلور الهوية في هذه الصور منسجمة مع الفكر التأويلي الذي انساق الحديث في الذكريات المصاحبة.

مسؤولية اختيار الصورة
بينما تؤكد الشاعرة والإذاعية “مريم سلامة” أن الفكرة بسيطة لكنها ملكت مقومات الحياة فقد كان لها مكان في تربة التخلّق والنشوء، وهذا ما حدث فنمت الفكرة في تربة العمل الجماعي في سماد الإخلاص وسُقيا المحبة والرعاية والمثابرة فظهرت من رحم الإصرار على النجاح مهما كانت العواقب حتى كان هذا الكتاب نص وصورة أو صور في نص، وتضيف سلامة أنه هذا المنتج الرائد الخلاق الكبير تفوق على بساطة الفكرة التي بني عليها للأسباب التالية أبزرها مسؤولية الاختيار فالمشارك كاتب كان أو فنان يواجه بمفرده مسؤولية اختيار صورة من بين عشرات أو ربما مئات الصور، لماذا هذه الصورة بالذات، فهو وحده من يدرك الإجابة ويعرف دلالاتها ويعرف تماما معنى خروجها من حيز الخاص إلى العام فهناك شيء مميز هو واع بضرورة مشاركتها مع الآخرين، وكذلك صدق النص، وحسب سلامة تعد هذه التجربة بمثابة مواجهة مع الصورة المختارة تضع الكاتب أمام مسؤولية صدق نادر في طبيعته فالتوجه بالصورة واستلهامها في نص يستمطر مشاعر دافقة وصادقة تحتم عليه الكشف عن براح ذاتي عاشه، وصار جزءا منه له وحده يحمل مفتاحه في دائرته، والآن هو على وشك أن يرمي المفتاح ويكسر القفل ويجعل من براح الفرد صفحة في كتاب للجميع.

مقالات ذات علاقة

اختتام المؤتمر الأول حول الشيخ القطعاني

المشرف العام

مسرح السنابل يحتفل بمرور ربع قرن على تأسيسه

المشرف العام

المجانين يحتفون بقصيدة النثر الليبية

مهند سليمان

اترك تعليق