الطيوب : حاوره / مهنّد سليمان
برغم الواقع السلبي المعاش ومدى هشاشته حيث أضحت عتمته تطغى على رؤية أفق المستقبل وملامحه لاسيما فيما يتصل بحيّز الكتاب ومعدلات القراءة المتدنية، ومجمل سبل التحصيل العلمي والمعرفي، وكذا انحسار العديد من المكتبات وتغيّر نشاطها التجاري بالإضافة إلى محدودية فاعلية دور النشر الليبية يبزغ من حين إلى آخر ضوء في ذيل النفق لينعش الآمال، ويجدد الثقة في نفوس التوّاقين لوطن أفضل بصورة أبهى، وعبر هذه البسطة إرتأينا أن نُجري هذا الحوار مع الناشر الليبي “سراج الدين بطيخ”، وهو شخصية يافعة تُمسك بخيوط الأمل تطلعا لغد مشرق، ولتكون إحدى الرهانات الطموحة مع المستقبل فعن أولويات دار السراج التي أنشئت مؤخرا وعن تحديات النشر وهمومه والكتاب الإلكتروني وأزمة العزوف عن اقتناء الكتاب كانت لنا معه هذه الوقفة.
حدثنا أولا عن أولويات وأهداف دار السراج ؟
إن أولويات وأهداف دار السراج للنشر والتوزيع ترتكز بالدرجة على أولويات وأهداف محددة حيث بدأنا العمل منذ انطلاقة الدار على نشر المخطوط ذو القيمة الجيدة والذي يقدم للقارئ محتوى يضيف له ويكون رافدا للمكتبة الليبية الجديدة، ووفق هذا الإطار نعتمد في أغلب إصداراتنا على إظهار الغلاف الخارجي بلوحة من الأعمال الفنية والتشكيلية الليبية، وذلك بغية التعريف بفنانينا ومبدعينا الليبيين في مجال الفن التشكيلي، فضلا عن مسعانا للتعريف والوصول بالكتاب الليبي إلى خارج ليبيا عبر المشاركات في المعارض العربية والدولية، وإقامة الندوات وحفلات التوقيع والتوزيع.
كيف تتعامل الدار مع تحديات سوق النشر داخل ليبيا ؟
سوق النشر في ليبيا يعاني في كل مجالاته ومراحله حيث لا تتوفر المطابع التى تخرج لك كتاب ذي جودة، وإعتماد الناشر على توزيع منشوراته من خلال مكتبته أو بعض المكتبات، وفى الأغلب ضمن منطقة جغرافية واحدة، بالإضافة لعدم تزويد المدارس والمعاهد والجامعات والمكتبات العامة بالكتب الجديدة الأمر الذي ساهم في بروز أزمتين الأولى عدم بيع الناشر لكتبه والثانية عدم وصول الجديد من الكتب والعناوين لشريحة مهمة من المجتمع.
ماهو رأيك في الكتاب الإلكتروني؟
فيما يتعلق بالكتاب الإلكتروني، فأنا ممن يعتقدون بأنه يحمل مكانته الخاصة لاسيما لدى شريحة الشباب باعتباره الأقرب للاقتناء والأيسر بالنسبة لهم، وثقافة الرقمنة والإلكترونيات أصبحت اليوم جزء هام في عالم المعرفة لا نستطيع تجاهل حضورها القوي.
هل ترى بأن الكتاب الإلكتروني منافس للكتاب الورقي؟
برغم الحضور القوي وأحيانا الطاغي للكتب الإلكترونية، والتي دون شك شرعت نوافذ جديدة للقراء لكن هذا لم ولن ينتقص من منزلة الكتاب الورقي على الإطلاق فهو في تقديري خارج سباق المنافسة، ويظل للكتاب الإلكتروني جمهوره وقراؤه على أية حال.
لماذا تقتصر عناوين الدار على نشر الروايات الأدبية فقط ؟
لا تقتصر منشوراتنا على الروايات الأدبية فقط بل تتعداها فقد نشرنا خلال الفترة الأخيرة عدة عناوين في مجالات مختلفة ومتنوعة قياسا بعمر الدار حيث نشرنا في كتب مثل (فلسفة بلا فلاسفة)، وفي مجال الحاسوب(تطبيق )، وفي مجال السياسة كان كتاب بعنوان (سياسة فرنسا إزاء ليبيا 1818-1906)،كما سنصدر قريبا عناوين أخرى جديدة في مجالات متنوعة.
هل هنالك خطة معينة للدار للخروج بالكتاب الليبي من حدوده المحلية؟
للخروج والتعريف والترويج بالكتاب الليبي إلى الخارج يجب العمل المشترك بين دور النشر الليبية فيما بينها، ومن غير ذلك لن يكون للكتاب الليبي حضور في المحافل والتظاهرات العربية والدولية باستمرار، فوجود المنتج الثقافي الليبي على فترات لايخدم عملية انتشاره أو التعريف به كون أن مصاريف المشاركات مكلفة، ولا يستطيع الناشر لوحده تحمل أعبائها، ومن وجهة نظري هذه يستطيع مثلا اتحاد الناشرين الليبيين القيام بهذا الدور لو خلصت النوايا وتكاتفت جهود جميع الناشرين للقيام بهذا العمل..
ما تعليقك حول اتهام بعض الكتّاب للناشرين عادة بالتعسف وهضم حقوق الكاتب؟
العلاقة بين الناشر والكاتب يجب أن تحددها ضوابط قانونية معينة من خلال عقد يحفظ للطرفين حقوقهما، ولكل كتاب خاصيته من حيث قيمته ومجاله فالحقوق تختلف من كتاب إلى آخر، مثلا الكتاب العلمي يختلف في حقوقه عن الكتاب الأدبي، وفي حالة ما وجد العقد انتهى الخلاف.
حسب رؤيتك كيف يمكن إعادة بناء الثقة بين المواطن عندنا والكتاب؟
الأمم لا تبنى إلا بالعلم والمعرفة والوعي هو الذي يقود الشعوب نحو مصاف التقدم والعلا، وهذا لن يرى النور ويتحقق إلا بتوفر مؤسسات حقيقية تابعة الدولة يكون لدينا هذا التبني المثمر بهذا المشروع المعرفي، ومسألة الترويج للكتاب تقتضي استهداف جميع وسائط الإعلام المختلفة من خلال الندوات والمناشط الثقافية كذلك التشجيع على فتح المكتبات والمكتبات العامة تحديدا، والمواظبة على إقامة المعارض والتظاهرات الثقافية فضلا عن عرض الكتب داخل المقاهي والأسواق التجارية والقنوات المرئية والمسموعة،وبالتالي يمكننا مد جسر الثقة بين المواطن والكتاب حتى يُقبل على اقتنائه.
هل ارتفاع أسعار الكتب ساهم في عزوف القراء؟
نعم أتفق مع هذا الرأي فمسألة ارتفاع الأسعار المطّرد شكلت حاجزا كبيرا بين الكتاب والقارئ في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة لدى ذوي المداخيل المحدودة، ولكن يمكن التخفيف من حدة هذه الأزمة بافتتاح المكتبات العامة والمراكز الثقافية في كل المدن والمناطق الليبية، إلى جانب إشراك الجهات المعنية في الدولة لدعم المشاريع الثقافية والمعرفية.