الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
استأنف صالون حنان محفوظ أنشطته الثقافية لعام 2023م بإقامة حلقة حوارية بعنوان (التمكين بهمّتي)، وذلك صباح يوم الثلاثاء 28 من شهر فبراير الجاري بدا نويجي للثقافة في المدينة القديمة طرابلس حيث قدمت وأدارت الحوارية الكاتبة الصحفية ” فتحية الجديدي” مدير تحرير صحيفة الصباح، وركزت حوارية هذا الشهر للصالون على الدور الكبير والفاعل الذي يلعبه ذوي الإعاقة أو الهمم والتحديات التي يواجهونها لتحقيق النجاح في الحياة التعليمية والمهنية، وكذلك محاولة إبراز ما أنجزوه من أقام مهمة من خلال عدة مناشط مختلفة، وتطرقت الحوارية لمسألة كيفية تذليل الصعوبات والعراقيل أمام المنتمين لهذه الشريحة، فيشكل هؤلاء مثال حي وحقيقي للإرادة والعزيمة على تخطي محنة القصور الجسدي والحركي والذهني جعلتهم أعضاء مؤثرين داخل حيز البيئة المجتمعية.
فيما أشارت الشاعرة “حنان محفوظ” في كلمتها الافتتاحية أن عزيمة ذوي الهمم وصلابة قدراتهم وإصرارهم تظل أقوى من هِمّة أي إنسان آخر لا يملك أهدافا يسعى نحو تحقيقها، وأضافت بالقول : إننا اليوم نحتفل بشريحة مشرِّفة لمجتمعنا البسيط في ثقافته عن ذوي الهمم نحتفل بمن هم أهل للاحتفاء، موضحة بأنهم أفراد مميزون حاصلون على شهادات وجوائز ومداليات ذهبية، وهم بعزيمتهم يعملون في منظمات المجتمع المدني بعقول نيّرة وأيدٍ قوية متينة تحقق النجاح والتفوق.
تحدّيات الدراسة والعمل
كما شارك من شريحة ذوي الهمم السيد “رضوان علي الطوير” الحاصل على بكالوريس مصارف وتأمين عام 2008م متحدثا عن مراحل حياته الأولى، وظروف دراسته موضحا بأنه قد تدرج في المرحلة الإبتدائية من السنة الأولى وحتى السنة السادسة ومع بداية المرحلة الإعدادية تقرر دمج شريحة ذوي الهمم والإعاقة مع الأسوياء بهدف عدم تجنبهم، ومن استطاع الدراسة استكمال مشواره التعليمي لاسيما وأن هذه المدارس ليست مهيئة مطلقا لذوي الإعاقة لكننا تحدينا الإعاقة وواصلنا المسيرة صابرين، وتابع قائلا : بالنسبة لي تجاوز مرحلتيّ الإعدادي والثانوي، ومن ثم انخرطت في الدراسة الجامعية بجامعة طرابلس القاطع (ب) لأنال لاحقا الشهادة الجامعية وظللت عقب التخرج أبحث عن فرصة عمل مناسبة ولم أجد في بادئ الأمر، وفي عام 2010 لجأت للعمل الوظيفي بصندوق التضامن الاجتماعي وأخذت في التدرج الوظيفي من قسم شؤون المعاقين وصولا لمركز تأهيل الأطفال المعاقين، وعن جملة الصعوبات والتحديات التي واجهها أضاف الطوير بأن التحدي الأكبر هو أثناء دراسته في الجامعة ، وهي أكثر مرحلة حساسة بالنسبة له وأردف بالقول : لقد قمنا بتأسيس فريق من ذوي الإعاقة أطلقنا عليه اسم (مجموعة الوصول والتواصل)بهدف إرسال رسالة للمجتمع عما يواجهنا من معوِّقات، وبدأت العمل من الفنادق السياحية لتجهيزها وتهيئتها كي تتناسب مع أي معوّق يزورها من الخارج، وأكد الطوير في سياق حديثه أنهم تبنوا فكرة مساعدة البعض من ذوي الإعاقة ممن تعرّضوا لحالات اكتئاب واستسلام، وذكر السيد الطوير أيضا بأنه لدى داخل مركز المدرسة التأهيلية العديد من الأشخاص من ذوي الإعاقة يتمتعون بالمهارات والمواهب والقدرات الاستثنائية خصوصا لدى أعمار النشء والأطفال.
إدانة المتاجرة والشفقة
من جانبه شارك من شريحة ذوي الهمم أيضا السيد “مجدي إنديش”، وهو يعمل موظفا بديوان وزارة الشؤون الاجتماعية، ويشغل رئاسة جمعية فائقي للأعمال الخيرية، واستهل حديثه بالقول أن ترديد عبارة (معقوّقين) هي بمثابة إهانة جارحة للمنتمين لهذه الشريحة فأنا صاحب إعاقة من ذوي الهمم صاحب قضية داعيا لاستبعاد اصطلاح (المعوقين) من ثقافة المجتمع ويستعاض عنها بمصطلح ذوي الإعاقة وهو مصطلح جديد مدرج ضمن إحدى الاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها الدولة الليبية، ولكن بكل أسف دون تنفيذ لبنودها، وأضاف قائلا : أنا لست بصدد الحديث المعوقات التي تواجهنا فهي كثيرة فمثلا بمجرد دخولي لهذا المبنى واجهتني عقبة العتبة وإذا لم أكن متحليا بسلاح الإرادة والعزيمة لعدت أدراجي، وتابع : لكي أثبت وجودي وشخصيتي لابد أن أتحدي إعاقتي وأدخل، وذكر قائلا : كنا في مركز مدمج لتعديل الإعاقة درسنا فيه عام 1996، وحاول القائمون على المركز إدماجنا لكنّ المشكلة في عملية الإدماج أنها لم تكن سليمة وصحيحة موضحا أن عملية الإدماج تقتضي تهيئة المكان أولا أمام ذوي الإعاقة، وأنا هنا لا أطالب بتمييزي عن غيري ، من جهة أخرى أعرب إنديش عن إدانته لنظرة الشفقة النمطية التي يلقاها الشخص من ذوي الإعاقة مؤكدا بأنها تُضاعف من معاناته ولا تخفف منها بل إن هذه النظرة تُثبّط من معنوياته أكثر فعوضا عن ذلك يجب تحفيزه ومنحه الثقة، وتطرق السيد إنديش لظروفه وعائلته الاقتصادية لدرجة أنه لم يتمكن في مرحلة ما من تأمين كرسي متحرك له، وخلال فترة بقائه دون كرسي متحرك أوضح أنه حاول الاندماج مع شرائح المجتمع المختلفة وهم بدورهم لم يُشعروه بحجم إعاقته، وتناول إنديش رحلته مع التجربة المهنية بالإضافة لتجربته في لعبة المبارزة بالسيف التي تحصل من خلالها على ترتيب متقدم.
في ختام الحلقة الحوارية طالب المشاركون من ذوي الهمم بمجموعة من التوصيات المتمثلة في سن حقوق قانونية لهذه الشريحة منها : حق التعليم، وحق العمل، وحق تجهيز وإيجاد بُنى تحتية وفوقية خاصة ومرافق خدمية مهيئة بما يتلائم مع ظروفهم واحتياجاتهم اليومية، وكذلك الحق في سياحة دامجة، وحق المشاركة في الأنشطة العام بعيدا عن لغة المتاجرة بقضيتهم أخيرا قدم الصالون شهادات تكريم لكل من شارك في الحوارية.