اختارت إحدى دول المواجهة العربية مع كيان إسرائيل الصهيوني، وزعيمة مبادئ اللاءات الثلاثة، وولاءات القومية العربية وتحقيق الوحدة الشاملة من المحيط إلى الخليج، وتحرير الأرض العربية المحتلة من النهر إلى البحر أن تبدل سياساتها الاستراتيجية في المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي وتتجه إلى تحشيد قطاعات الجيش المختلفة لتشغيل مصانع البسكويت وبعض المنتجات الغذائية.
وقد اعتمدت السياسة الجديدة لهذه الدولة العربية في انتاجها العسكري الحربي على تكليف الضباط وعساكر الجيش من ذوي الرتب العليا بعملية عجن وصناعة البسكويت، وتعبئته وتغليفه وشحنه وتسويقه، وبدلاً عنهم يتم إرسال الطحانين عمال المخابز وفنيي الغذاء إلى جبهات القتال لدحر العدوان الإسرائيلي وتحرير الأرض العربية من النهر إلى البحر، في عملية تبادلية ستحقق الأهداف العربية كلها كما أعلن سيادة رئيس تلك الدولة.
ولإدارة هذه المصانع الاستراتيجية اختارت هذه السياسة العسكرية ضابطاً برتبة (لواء) مديراً لمصنع البسكويت، وضابطاً أخر برتبة (فريق) مديراً لمصنع الشيكولاتة الطبيعية!! وقد أكد سيادة (اللواء) مدير مصنع البسكويت أن مشروع انتاج البسكويت تضمن عدة مراحل بدأت منذ شهر أغسطس سنة 2021م وتتكوّن من ثلاثة مصانع للبسكويت والمكرونة والخبيز، إضافة إلى مطحن للحبوب والشعير، وعددٍ من صوامع التخزين العملاقة الضخمة التي تساهم في دعم الخدمات المدنية اللوجستية … والأمنية الغذائية، على حد قوله !!!
بينما سيادة (الفريق) مدير مصنع الشيكولاتة الطبيعية أكد أن المصنع سينتج أنواعاً مختلفة من الشيكولاتة المحشوة بالفول السوداني “الكاكاوية” واللوز والبندق وغيرها، وأن هذه النقلة النوعية في السياسة الحربية العربية الحديثة للتصدي للاحتلال الاسرائيلي الغاشم ستوفر لنا من خلال مشاريعها العصرية الجديدة كلَّ ما يحتاجه المواطن العربي من سلع استراتيجية تسهم في تخفيض الأسعار المحلية وحتى العالمية، ودعم المجهود الحربي القومي، وتطوير الاقتصاد الوطني وتغيير خطط التصدي والمواجهة الحربية التقليدية عن بكرة أبيها.
وفي حديثهما لوسائل الإعلام أكد كلٌّ منهما (اللواء) و(الفريق) أن هناك سلعاً أخرى أضيفت للمشروع الاستراتيجي القومي تتمثل في إنتاج الحلاوة الطحينية العادية وكذلك المحشوة بالفستق والتي تعتبر سلعة أساسية للمواطن العربي بجانب صناعات الحليب والأجبان والزبادي ومشتقاتها المختلفة، وقطع الحلوى المحشوة بتمر النخيل العربي الأصيل.
ورداً على هذه التطورات الجديدة التي طرأت على عقلية السياسة العربية وخطط العسكريين العرب المهزومين في ساحات القتال وكذلك في الانتخابات النزيهة، نستذكر قصيدة (أعلنتُ اليأسَ) للشاعر اليمني الراحل الدكتور عبدالعزيز المقالح (1937-2022م) التي يقر فيها قائلاً:
(أَنَا لَيْسَ لِي وَطَنٌ أُفَاخِرُ بِاسْمِهِ
وَأَقُولُ حِينَ أَرَاهُ: فَلْيَحْيَا الوَّطَنْ
وَطَنِي هُو الكَلِمَاتُ وَالذِّكْرَى
وَبَعْضٌ مِنْ مَرَارَاتِ الشَّجَنْ
بَاعُوه لِلمُسْتَثْمِرِينَ وَلِلُّصُوصِ وَلِلْحُرُوبِ
وَمَشَتْ عَلَى أَشْلاَئِهِ
زُمَرُ المَنَاصِبِ وَالمَذَاهِبِ وَالفِتَنْ)
وبعد هذا التردي والانحطاط في الفكر العربي، لا أجد ما أعلق به سوى ذاك المقطع الجميل من قصيدة أبي الطيب المتنبي الشهيرة (يا أمةً ضحكت من جهلها الأممُ)!!
(*) نشرت المقالة بجريدة (الصباح)، العدد رقم 623، السنة الرابعة، بتاريخ 23 فبراير 2023م، الصفحة رقم 9