د/ مصطفى بلقاسمي | الجزائر
تظلّ اللغة الشعرية عند الشاعر حسين عبروس..تأخد شكل التعابير الكليّة التي تومئ، وتضيئ ، ولكنها لا تحدّد. لغة تنسلّ من أعماق الرّوح عذبة نديّة شفافة تنبض برقة وصفاء فيها
تتحوّل الكلمات الى ريشة بألوان الطيف صارخة أحيانا، وأحيانا أخرى تحملك الى تخوم المبهم، ولكنها تشجيك. وتترك عدواها الفنيّة بوجع هادئ شديد سبر الغور في أعماق المعنى.
إنّ التجربة والمعاناة في شعر حسين عبروس تشي دائما بما لا يقال، لكنها تسرف في الوخز الجميل عميقا في نفسية القارئ. إنّه الشعر العابر للدفق الانفعالي المستكين في القرار.. ذلك حينما تستوي القصيدة في فيض نموها على نار التّأمل ،والمعايشة الهادئة الطويلة. فتمعن في الغموض أحيانا، ولا تتزحلق على قشرة الوجود كما هو الحال عند الكثير من الشعراء ، أو تطفو على النبرة العالية، وفي قصيدة ( ابحار في ثنايا السؤال) يرحل بنا الشاعر حسين عبروس الى عوالم شتى الكون ، الوجود. الجلال والجمال، والرحلة العميقة في الذات المتأملة والمتألمة في الأعماق. وفي النهاية يتكشّف للقارئ الخيط الابيض من الأسود. كلّما ابحر النّاس في ثنايا السؤال. في هذا النص يتجلى للقارئ ذلك التدفق الروحي الذي لا حدود له بنفس نابضة بوهج إيمان كبير.. نص مشرق عبق بجمالية رائقة توشيها الأسئلة.. وللقارئ حق التأمل في القراءة
قصيدة: إبحار في ثنايا الّسؤال
رنّ هاتف وبكى
مبحر في عيون الجمال
واستحال المدى ثورة
توقظ الرّوح
في ثنايا السّؤال
هوذا الكون لي
يبدأ شكله من حبات الرّمال
هو ذا الكون لي
يرسم صورة للجلال
كلّما أبحر الناس
في ثنايا السّؤال
***
لم أكن غافيا
لم أكن ناسيا
حينما داهمتني
جيوش الهوى
خلف اطياف التّلال
واعترى القلب هذا البكاء
حينما طوّقته الجراح
لحظة اعتراه الذّهول
يحتمي بالظّلال
***
هو ذا هاتفي
مستدير الخطى
والرّؤى تصنع الموعد
أن تعال
هوذا هاتفي
يحضن في وهجه
دفء احتمال السّؤال
من أين جئتني
يا طيف هذا الجيال؟
في سدوم الليال
ترسم بالهوى مسلكا
للوصال
كلّما أبحر النّاس
في ثنايا السّؤال