يستضيف “المعهد الهولندي الفلمنكي” في القاهرة محاضرةً عند السادسة من مساء الخميس، 22 من الشهر الجاري، تحت عنوان “ترجمة أروى صالح” تُلقيها المترجمة سماح سليم وتحاورها الكاتبة ياسمين الريفي.
كانت سليم قد أنجزت ترجمة عمل الكاتبة المصرية أروى صالح (1951 – 1997) “المبتسرون: دفاتر واحدة من جيل الحركة الطلابية” الذي أصدرت “دار النهر” طبعة ثانية منه عام انتحارها، بعد الطبعة الأولى التي صدرت عام 1996.
أمّا الترجمة الإنكليزية، فصدرت مؤخّراً عن “منشورات جامعة شيكاغو”، مع مقدّمة وافية عن الكتاب وتجربة ترجمته، وعن الكاتبة الراحلة وأزمتها النفسية، مع خلفية تاريخية عن الحركة الطلابية في مصر.
تشبّه سليم في المقدّمة الكتاب بـ”بيت أشباح، تتصدّى فيه صالح لمسألة الفشل: فشل مشروع التحرير الوطني، وفشل الشيوعية وحركة جيلها السياسية، وفشلها الشخصي كذات في تاريخ طوباوي”.
شكّل انتحار صالح بإلقائها نفسها من الطابق العاشر في شقّتها مادة لعدد من الروايات حول الواقعة، منها رواية “فرج” لـ رضوى عاشور، كما تناولها يوسف رخا في جزء من كتابه “التماسيح”.
التحقت صالح بالحركة الطلّابية في أوائل السبعينيات في الجامعة، وعاشت أزمة جيلها منذ أن توقفت الحركة وحتى الثمانينيات ثم بداية التسعينيات، فوضعت في “المبتسرون” نقداً للحركة وللرجل اليساري فيها، وكشفت تناقضات المثقّف في علاقته بالسياسة والمجتمع والثقافة وعلاقات الحب والصداقة والزمالة.
تكمن أهمية الكتاب في أنه شهادة إنسانية من امرأة على سلوكيات ثقافية واجتماعية وسياسية في صلب الحركة الطلّابية. لكن ورغم كل الكلام عن أهميته، لم يحظ العمل بقراءة نقدية تتجاوز الانطباعات والمعلومات، وتحلّل أفكاره من حيث أنها أفكار سياسية ونقد حقيقي للحركات الطلابية والطبقة البرجوازية وعلاقة المثقّف بها.
منحت واقعة انتحار صالح كتابها أكثر من حياة، وأضافت إليه بعداً ليس أصيلاً فيه، وهو قيمة العمل بوصفه نقداً عميقاً، أو مجرّد عمل لكاتبة غاضبة ومحبطة محقّة طبعاً.
لا يجرؤ أحد على الاقتراب إلى هذه الدرجة، ولا يجري طرح سؤال فعلي وبحثي حول قيمة الكتاب، فهل الأمر متعلّق بشخصية الكاتبة وحالة التمرّد ثم نهايتها الصادمة أكثر ممّا هو متعلّق بالمحتوى؟ أم أنه اكتسب شهرته وأهميته من قيمة ما يحتويه؟
الكتاب صغير الحجم، (118 صفحة) وتروي صالح في مقدّمته أنها ألّفته قبل خمس سنوات من نشره، ويتكوّن من جزأين. في الفصل الأول “المثقّف متشائماً” تعرض الظروف السياسية التي رافقت اندلاع الحركة الطلابية، ثمّ تتناول خمودها في الفصل الثاني “مصائر جيل الحركة الطلابية”.
أما الجزء الثالث من الكتاب فيضم فصلاً بعنوان “المثقف عاشقاً”، وفيه تتناول تجربة هذا الجيل من حيث علاقته بجيل المثقّفين اليساريين من جيل الستينيات، إلى جانت ملحق فيه بضعة رسائل أرسلتها إلى أحد هؤلاء المثقّفين، من دون أن تنشر الردود عليها.
وتروي في المقدّمة كيف عرضت مسودّة العمل على شعراء من جيل الثمانينيات والتسعينيات فاعتبروه “جلداً للذات”، أو دفعوها نحو كتابة رواية لأن الكتاب ليس تاريخياً ولا إبداعياً، ولكنها كانت مستاءة لأن أحداً لم ينقاشها في الأفكار التي فيه.
تعتبر صالح أن الكتاب قد يكون شكلاً من الاعتراف، لكنها تقترح على القارئ أن يعتبره لغزاً ويفكّر في حلّه كما يشاء. لكن، وإلى اليوم، لم يتلقّ العمل هذه القراءة التي كانت صالخ تبحث عنها في زملائها الذين عرضت عليهم العمل وهو ما زال حبراً على ورق.
خاتمة الكتاب جاءت بعنوان “ليه يا بنفسج بتبهج وإنت زهر حزين”، وهو بمثابة رسالة إلى جيل السبيعنيات الذي شاطرته تجربة الحركة الطلّابية.