أنا لم أسافر بعد الحرب الروسية الأوكرانية، حتى يتسنى لي معرفة مذاق الخبز في دول أخرى، مقارنة بمذاق الخبز عندنا، الذي يعاني من سنوات انحداراً في الجودة والمذاق، وجاءت هذه الحرب لتكمل عليه.
زمان كانت كسرة خبزة مع اي نوع من الأجبان، صحبة كباية شاي مع الحليب بالنعناع أو المردقوش او زهر الليمون، أحلى عشاء بالنسبة لي.. أنا من محبى الخبز بأنواعه، ومن حظي عشت في بلدين يعتبر الخبز فيهما ركناً اساسياً، وأنواعه فاخرة ومتنوعة، فمن الروزيتي والشباتا الإيطاليين…إلخ، إلي الأنان والروتي الهندى…الخ، وقبلهما طبعاً لا يمكن لي أن أنسى خبزنا الدرناوي الفاخر، إرثنا العائلي الذي لا يعلى عليه، أبداً أينما كنا..
لهذا لدي احترام وتقدير عاليين لصناعة الخبز… بالنسبة لي الخبز قمر المائدة والأطباق الأخرى مهما كانت نجوم، قد يعتبر البعض مسلكي هذا فيه تخلفاً، فليكن، الله غالب هذا ذوقي.. ولن أدخل أبداً في نقاش ذلك.
مؤخراً تعجبت من نفسي، تصوروا أصبحت تمضى على أيام دون أن أتناول شيئاً من هذا الذى تبيعه لنا المخابز، ويطلقون عليه مجازا خبز.. أنا المحبة للخبز ورائحته، ما عدت أتقبل مذاقه.. جربت تقريبا كل أنواع مخابز طرابلس التي كانت تشتهر بخبزها اللذيد، بكل ألم، مال على خبزها هي أيضا الزمان وأصبح كتلة مطاط لا اتورى ولا تنذاق.. وأنا ما عندي حيل نخبز في الحوش.. ساد الطبخ اللي حتى هو كان نلقى نفتك منه.. اسمله علينا عقوبة المؤبد 25 سنة.. واحنا عقوبة الطبخ عندنا للنساء حتى الممات، ونزيدوا عليها خبزة حوش.. لا وألف لا.. صعبتوا علينا الحياة.. حتى الخبزة أبسط المتطلبات.. لعبتولنا فيها.. راحت طعمتها ضمن الكثير من اللي طعمته راحت.. اين من عيني الآن بافيتا ولا حتى بنينا ولا حتى محوره بنكهة زمان، بها تُن وزيت زيتون ليبي؟؟؟ ليه يا زمان سرقت منا حتى خبزنا؟؟ لييييه…