متابعات

حوارية تُثير الجدل حول أهمية التراث في تعزيز الهوية

حوارية عن أهمية التراث في تعزيز الهوية المحلية بالهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون بطرابلس

يواجه التراث المحلي الليبي بمختلف صُعده عدة تحديات وحملات طمس وتشويه تطال ملامحه التاريخية أمام الأجيال المعاصرة ما جعل الهُويّة الليبية على المحك إزاء نظام عولمي متعاظم يُهدد الخصوصيات الثقافية للمجتمعات النامية، الأمر الذي دفع بالمركز القومي لبحوث ودراسات الموسيقى العربية لإقامة حوارية مساء يوم الثلاثاء 10 ديسمبرالجاري حملت عنوان (أهمية التراث في تعزيز الهوية المحلية)، وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون بمدينة طرابلس، وقد أدارت حلقة الحوار الإعلامية “فريدة طريبشان” بمشاركة نخبة من الأساتذة والمختصين والبُحّاث وهم :- الدكتور “عبد الله السباعي”، والدكتور “إدريس القايد”، والباحث “أحمد دعوب” بصفته مديرا عاما للمركز القومي، والدكتور “عبد الستار بشيّة.

التراث يُساعد على الاندماج المجتمعي
ووسط حضور لفيف من الكتّاب والفنانين والمهتمين انطلقت الحوارية داخل قاعة الفنان كاظم نديم، حيث ألقى السيد “عبد الباسط أبوقندة” رئيس الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون كلمة ترحيبية فيما أشار الدكتور إدريس القايد خلال مداخلته إلى أن مفهوم التراث مصطلح عالمي عام الذي تختزل الهُويّة الثقافية المُكوِّنة لوعي الأفراد والجماعات، وحسب الدكتور القايد ينقسم التراث إلى صنفين : عالمي ومحلي مُستدلا بعدد من الأمثال الشعبية الشائعة، موضحا بالقول : لابد أن نُميّز بين التراث العالمي الإنساني وبين التراث الحامل لخصوصيتنا، وتساءل كيف نساهم في تعزيز التراث وأردف قائلا: إن مسألة تعزيز روابطنا مع التراث مجال بحث طويل فهناك الكثير من المعاني التراثية المُعَززة للقيم الأخلاقية، كما يرى الدكتور القايد بأن النظرة المثالية للتراث تكشف لنا الكثير من دعاوي الخلق الطيب والسلوك الطبيعي مضيفا أن التراث يُساعد على الاندماج المجتمعي في ضوء التبادل المتباين للثقافات المتنوعة في المجتمع الواحد.

الإرث الموسيقي الليبي يعود لعصور ما قبل التاريخ
بينما تطرق الدكتور عبد الله السباعي إلى البُعد الموسيقي والغنائي في قضية التراث الليبي معتبرا أن التراث أخذ أشكاله النمطية عبر مجموعة من القرون المتعاقبة فكل جيل يُساهم في إثرائه بما يتلائم مع مقتضيات عص ه حتى وصل لقالبه النهائي اليوم الذي جعلنا نُجمع على تسميته بالتراث المحلي لليبيا والليبيين من خلال طابعه ومظاهره والعناصر المؤسسة له بمسيرة زمنية توارثتها الأجيال ضمن مؤثرات محلية وإقليمية عرّضته أي التراث للتغيير والتعديل، ويُضيف الدكتور السباعي بأنه تتبع منذ سنوات طويلة خطوط الفن الغنائي والموسيقي في سياق التراث، وأوضح أن ليبيا تملك آثارا مادية تعود لعصور ما قبل التاريخ ضمت بقايا رسومات لآلات موسيقية فضلا عن العثور على آلالات موسيقية بدائية مثل اكتشاف ناي صُنع من عظم ساق إحدى الحيوانات، وأكد الدكتور السباعي أن لتراثنا الليبي قيمة عالية سيما في مجال الفنون الموسيقية وهذا أدعى لأن يُستخدم في تعريف تراثنا الغنائي والموسيقي، ودعا الدكتور السباعي إلى ضرورة التعامل مع التراث بذكاء والحرص على عدم التغيير الكبير فيه وإبراز هُويته القديمة بمنأى عن محاولات التغريب والتغيير لئلا تنقطع الصلة بين القديم والحديث.

طالع هنا : حوار الطيوب مع د. عبد الله السباعي

أهداف ومساعي المركز القومي لبحوث ودراسات الموسيقى
من جهته توقف الباحث أحمد دعوب عند مساعي وأهداف المركز القومي لبحوث ودراسات الموسيقى العربية مشيرا إلى أن القائمين على المركز بدعم مباشر من الهيئة العامة للسينما والمسرح يُولون اهتماما كبيرا بتفعيل إدارات المركز القومي، وأولى الخطوات هي توثيق تسجيلات فن المالوف بمعدل 230 نوبة مالوف تحت إشراف قسم الموسيقى بالمركز، كما ركز الباحث دعوب خلال مداخلته على دور المركز القومي وهدفه لترسيخ الهُويّة الليبية ومحافظة على مكوناتها فالمركز حسب الباحث دعوب يسعى للدفع بمشروع لتوثيق الأرشيف الفني الليبي علاوة على وضع خطط تشجيعية للشباب بغية مساعدتهم على الانخراط في مجال البحث الموسيقي بتنظيم مسابقات تمنح الجوائز للبُحّاث.

الأرشيف المخطوطي لنوبات فن المالوف
كما لفت الدكتور عبد الستّار بشيّة إلى عدم وجود أي مرجع أو كتاب يتناول فن المالوف في ليبيا حتى عام 1996م بدراسة أكاديمية باستثناء أطروحة الدكتور عبد الله السباعي(النوبة الليبية الأندلسية)، وتابع الدكتور بشيّة أنه عندما نطالع أي كتاب يتحدث عن الفنون مثل كتاب سليم الحلو المعنون(الموشحات الأندلسية)تطرق إلى الموسيقى الأندلسية في المغرب والطرب الغرناطي في الجزائر والنوبة الأندلسية في تونس بيد أنه لم يأتي على ذكر فن المالوف الليبي، كذلك بيّن الدكتور البشيّة أن المخطوطات متوفرة وكثيرة فبعض النصوص في المخطوطات المعنيّة بفن المالوف لا يُعرف لها صنعات بالإضافة للكثرة في النصوص فليبيا حسب الدكتور بشيّة تمتاز بوفرة في المخطوطات منذ آواخر القرن التاسع عشر سيما في المدينة القديمة بطرابلس بعضها تعرّض للتلف والسرقة وبعضها حُفظت نتيجة حرص المشايخ على تراث فن المالوف، ودعا الدكتور بشيّة في المقابل المركز القومي لبحوث ودراسات الموسيقى العربية للاحتفال بمرور نحو 60 عاما على تأسيس لجنة جمع التراث الأندلسي وذكر أعلامها وأعمالها التوثيقية، مؤكدا المحافظة على الهُوية لن يتم إلا بصون الأرشيف القديم لنوبات فن المالوف وتوثيق التسجيلات والنقل الشفهي فهذا الفن لا يُمكن قراءته والتفاعل معه دون أن يُستمع إليه من مشايخه، ويرى الدكتور بشية في ختام مداخلته أننا مُعرّضون للضياع إذا لم ندافع عن هُويتنا الليبية في مجال المالوف والقصائد الدينية وغيرها من المكونات التقليدية والعادات الاجتماعية.

مقالات ذات علاقة

يوم ثقافي وطني بحضرة الأسيرة المقدسية إسراء الجعابيص

فراس حج محمد (فلسطين)

مكتب الثقافة أبوسليم يحتفي بالمبدعين

مهند سليمان

محاضرة عن دور المجتمع المدني في حماية الموروث الثقافي

مهنّد سليمان

اترك تعليق