المقالة

ضحية الحظ والجاهزية “محتمع الصحوبية”

لوحة (قصة الشطرنج) للفنان ستفان زويغ
لوحة (قصة الشطرنج) للفنان ستفان زويغ

عزيزي/تي الشاب، مرحبًا بك في بقعة الثقافة غير العادلة، حيث كل شيء يحدث بالصدفة، أو لا يعرفك أحد في هذا المكان. إذا كنت تطمح لتكوين اسم بسيط، أو تعبر عن قضية تأتي تحت أولويات الكتابة لديك مجتمع آخر غير المجتمع الذي تلعنه يوميًا. نحن نعرف على من نلقي اللعنات يوميًا في الشارع أو البيت أو العائلة، أو ربما تنتقد شيئًا تخلقه الجماعات المتطرفة أو أي مجتمع من هذه المجتمعات التي ننتقدها يوميًا، ونقول عنها جاهلة وأم عين الجهل.

دعني أعرفك على مجتمع المثقفين. لا أقصد أحدًا معينًا في بالي، ولكنني لا أريد أن أدمّر أو أشتم أو أنتقد لأحد يسمعني. إذا كنت تريد معرفة ما يشغلني، عزيزي الإنسان، تعال معي.

الكتابة كمشروع رواية

ببساطة، جئت لأقول هنا شيئًا ليس عن الكتابة، أو أنك سوف تكتب رواية وتنشرها. لا أريد أن أتحدث عن كيفية الكتابة، بل أريد أن أحدثك عن الطرق. يا عزيزي، أسوأ ما يمكن أن تجده هو الظلام في عيون المثقفين. أن تكتب رواية ليس هناك عقبة إلا نفسك ويدك إذا قصرت معك. حتى وإن انتقدك أحد بعد نشرها، فهذا أمر عادي. الأمر هنا ربما لم تعرفه بعد، أو عرفته من تجربة سيئة عشتها مع أحد الذين أقصدهم هنا.

ما هو المثقف يا عزيزي؟ لا أحد لديه تعريف يصف المثقف في مجتمعنا ودائرتنا الليبية. كنا لدينا تعريف، ولكنه لم يعد موجودًا. عندما تريد أن تصبح مثقفًا، عليك المرور على مثقف آخر يكتب الرواية، ويكتب القصة ويقول لك “هذا نص ركيك يا ابني” أو “واو، فكرتك جديدة ولم يكتب عنها أحد”. يتغذى عليك ويرضي غروره ونرجسيته. يأتي إليك من باب أنه يريد أن يساعدك، وربما يساعدك، ولكن بعد أن يُتَغَذَّى عليك، ويجعلك تلميذًا لا يتمرد على معلمه. هذه هي القوانين هنا. يعطيك نصائح عن كيفية كتابة رواية وتكتبها، ولكن لن يقرأها أحد؛ لأن هناك مجتمعًا تابعًا لهذا المجتمع وهو “مثقفي الصحبة”.

مرحبًا بك في مجتمع المثقفين غير المهمشين الذين يكتبون فعلاً. عندما تكتب وتنشر مقالًا تتحدث فيه عن أمر معين، لن يأتي أحد، ويقول لك “أحسنت وأصبت يا مثقف”. هنا، إذا كنت تريد أن تكتب، عليك أن تعرف وتكون معروفًا لدى مجتمع الصحبة. عندما تكتب، عليك أن تكتب لهم “ألف مبروك” و”واو، أنت كاتب رائع”. “أصلاً أنا قرأت له رواية، وعجبتني وتعرف تهبل”. يجب أن تكون من المعروفين حتى تفوز بجائزة أدبية. هنا، لا أحد يعترف بما هو متعارف عليه. الحظ أو أن تكتب وتكون صاحب فكرة وقضية. هنا، هناك شيء واحد يعتمد عليه أن تترشح أو تفوز بجائزة وهو المعرفة. إذا كانت لديك سيرة المثقفين المليئة بالمعارف وبعض الحظ، فسوف تفوز حتى وإن تكلمت عن السياسة، ودخلت لعالم كيف تكون كاتبًا روائيًا في خمس دقائق.

هناك صديقة تقول لي “لا شيء يجعلك مثقفًا في هذه البقعة إلا القليل من الشهرة والمعرفة الكافية لتجعلك مثقفًا”. “من الآخر يا وائل، الموضوع يحتاج شوية حظ وشوية معرفة وأصحاب وتفوز”. إذا لم تكن من الذين يكرهون لعق الأحذية، فسوف يكرهونك لأنك قلت الحقيقة. هنا، لا أحد يحب الحقيقة. حتى أنفسنا نقنع أنفسنا أننا سوف ننجح، ولكن هناك طرقًا عليك أن تمر فيها، ومنها سوف تأخذ حقيقة المجتمعات المثقفة. لا يوجد حقيقة هنا سوى أصدقاء المعرفة. لهم الحق في كل شيء أن يكتبوا أي شيء، وأن يكونوا ثوارًا أحرارًا ومثقفين. “وهلبا عليكم كان هذا”.

مقالات ذات علاقة

دسترة الإرهاب الفكري

عمر أبوالقاسم الككلي

دولة النائب تحية برلمانية !!؟؟

الحبيب الأمين

أفَلا نخجل

علي باني

اترك تعليق