الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
تكريما للتجربة الإبداعية للشاعر الليبي الراحل “نصر الدين القاضي” تزامنا مع مرور ذكرى وفاته الأولى نظمت الجمعية الليبية للآداب والفنون أمسية احتفائية بمشاركة ثلة من الكتّاب وهم : الكاتب “إبراهيم حميدان“، والكاتب والدبلوماسي “حسين المزوادي”، والشاعر “أحمد بللو” وذلك مساء يوم الخميس 22 من شهر سبتمبر الجاري بدار حسن الفقيه حسن للفنون بالمدينة القديمة طرابلس، وأدار وقدم الأمسية الكاتب “مفتاح قناو“، وأشار حميدان في ورقته المعنونة (سيرة الصباح والمساء) إلى أن الشاعر نصر الدين قد أحسن فعلا حين أصدر ديوانه الأول الذي حمل عنوان (سيرة الصباح والمساء) في الدوريات المحلية منذ نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم، وأضاف إن نصرالدين ظل طيلة سنوات يلعب بالكلمات والصور مثل طفل يلهو واللذبن يعرفون القاضي يدركون أنه لم يتخل عن الطفل في داخله بعد، وأردف بأن الشاعر الراحل يتعامل في شعره مع مختلف الحالات الإنسانية حالات الحزن والكآبة والغضب والمرارة مثلما يتعامل مع حالات الفرح والأمل والتفاؤل موضحا أنه حتى وهو يعبر عن إحساسه الفاجع بالخراب فإن الشاعر يصور لنا ذلك من خلال عيني الطفل اللتين يؤذيهما مشهد النوافير المطفأة والغزالة البائسة.
من جانبه قرأ الكاتب والدبلوماسي “حسين المزداوي” أجزاء من مقالة الأديب الراحل “محمد أحمد الزوي” المعنونة( أنا آسف أيها الشاعر) والتي تناول فيها تجربة الشاعر نصر الدين القاضي فجاء فيها: سنوات طويلة جدا لم أقرأ شعرا يفوق في الوصف درجة الشفافية إلى حد أن سؤالا يلح عليك وأنت تقف أمامه هل تقرأ شعرا موسيقيا أم تستمع إلى عصفور جمع في ريشه ألوان الدنيا واختزن في حنجرته العالم وانطلق في تغريد بديع، بل إن سؤالا آخرا يحاصرك هل يكتب هذا الشاعر قصائده بذات الحبر الذي نكتب بخ أم إنه يكتب أشعاره بحبر هو مزيج من العر الذي وضعه الله في قارورة ورشّه على الزهور والورود على امتداد كونه الكبير.
مؤكدا بأنك حين تقرأ لهذا الشاعر بداية فلا تحس به وهنا الخطورة وهنا الفخ الذي ينصبه لك إنه يخدعك ببساطته المتناهية فلقد فاض بما في قلبه وعليك أن تكون في كامل وعيك ويقظتك حتى تكتشف أن نهرا صغيرا رقراقا يجري بين قدميك فإذا ضاعت منك لحظة الانتشاء بالنهر فتلك مشكلتك وليست مشكلة الشاعر الذي قال وفجّر وتدفق وإن كانت ذلك في سكون ورقة ووداعة، إنه ينطبق عليه تماما قول جوركي (يروي الضفتين ولا يسأل عن شيء فإذا تجاوزته هذه الميزة الكبيرة فإنك تقف أمام ميزة أكبر وأعمق.
فيما شارك الشاعر “أحمد بللو” بورقة احتفائية أكد من خلالها بأنه ود لو أن الوقت يسمح لتأصيل التجربة الشعرية لشاعرنا الراحل “نصر الدين القاضي” من ناحية أسلافه في عقد الستينيات والتقائه مع تجربة مجايليه جيل السبعينيات الذي ينتمي إليه كأن أضعه في سياق الحداثة الشعرية الليبية التي انبثقبت بواكيرها مع عقد الستينيات مع “علي صدقي عبد القادر” و”علي الرقيعي”و” محمد الشلطامي”، و”حسن صالح” وآخرين والتي أفضت عن تيارين متقاطعين وإن تميز كل تيار بخصائص اختلفت بشكل من الأشكال على الآخر.
وأضاف بللو بأن الشاعر الراحل في مجموعته الوحيدة المسماة ( من سيرة الصباح والمساء) وما بين القصيدة الأولى (بحر) والقصيدة الأخيرة (غروب)، يقدم لنا الشاعر الراحل بورتريها عن نفسه ويومه ضاجا بالفرح والأمل والحياة، وتابع: إنه الكائن الإنساني في رحلته مع لحظة الوعي.