حدث ذات عمر 2
نهيأ المكان، نجتمع جميعاً حوله تنبعث رائحة القهوة لتطغى وتستبد، أتغزل بالحلو الذي صنعته، أرصه في الأطباق بإعجاب وفخر، تقول أختي الصغرى بسخرية: سنلتهمه حتى بدون أي حملة دعائية.. وتطالبني بحصة إضافية، بعد أن احتفظ بحصة ابنة الجيران التي ستأتي حالًا، فهي لا تغيب على هذه الجلسة الحميمية، هي فقط تأخرت لسببًا ما وستكون في الموعد.
نجلس شبة دائرة حول جهاز الراديو، بعد أن نجمع الفناجين ونشعل البخور الذى صنعته أمي بالزهر والمسك وعود الشماري والشرغدان، يضيف لجمعتنا دفء خرافي، ترفع أمي يدها ليتوقف الجميع عن الكلام وينصت بانتباه للمقدم الرائع وهو يقول: برنامجكم شعبيات.
أمسك بالورقة والقلم لأدون ما ينساب من أمثال وشتاوي وأغاني تراثية. نظل مشدودين للسرد والغناوي التي تصدح من الجهاز الخارق الذي جمعنا حوله وشد انتباهنا، وجعلنا ننصت بهدوء شديد، غير قادرين على خرق الهدنة التي فرضتها الوالدة.
بإشارة من يدها مستمتعة بكل ما يقوله هذا الصندوق الصادح بكل جميل. حتى ابنة الجيران دخلت صامته متفهمه قداسة هذه الساعة لنا.
بعد أن ألقت إشارة تدل على التحية وجلست تستمع بقطعة الحلوى والقهوة على أنغام المزمار الشعبي.
ملاذ النورس