الطيوب | حاوره: رامز النويصري
الكثير يعتقد إن مشاريع التحرج، مجرد عتبة لاستكمال متطلبات الحصول على شهادة أو المؤهل التخرج من الجامعة، بمعنى إنها تحصيل حاصل، لكن الملاحظ إن بعض الأساتذة يحاولون تغيير هذه الصورة، وجعل مشروع التخرج فرصة للدخول لسوق العمل من باب النجاح والإبداع.
من النماذج المشرفة في مجال التعليم الجامعي، الكاتب سفيان قصيبات، الذي استطاع من خلال عمله كأستاذ جامعي، بكلية الفنون والإعلام، نقل جزء من خبرته الإبداعية لطلابه لتنعكس في مشاريع تخرج على درجة من الإبداع والاحترافية التي تؤهلهم لولوج سوق العمل بقوة.
في هذا الحوار نستضيف القاص والمبدع الأستاذ سفيان قصيبات في حديث عن التعليم والطالب والإبداع.
في بداية الحوار، علق الدكتور قصيبات:
في كتاب (نهاية اليتوبيا) يشير المفكر راسل جاكوبي، إلى هذه المسألة الخطيرة؛ وهي النظر إلى التعليم والمعرفة كجانب برجماتي مادي محظ.
ويضيف: (وكما يقول آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة)؛ أصبحت المهنية الأكاديمية مجرد روتين تعيس يقضي على البحث والشغف المعرفي، حتى أصبح الخلاص يتمثل في البقاء بلا وظيفة والتمتع بالحرية في الإبداع أو الكتابة أو البحث).
وهذا ما أضعه دائما أمام نفسي وأمام طلابي وهو كيف نستطيع أن ننتج المعرفة بعيداً عن المادية وسوق العمل والرأسمالية الجديدة.
في بداية الحوار؛ حاولنا الاقتراب من مفهوم مشروع التخرج؛ ما هو تعريفك لمشروع التخرج؟ وكيف تقيم نظرة المجتمع الطلابي له؟
بالنسبة للجانب الإعلامي مشروع التخرج هو الحصيلة المعرفية في الجانبين النظري والعملي للحياة الجامعية، والتي من خلالها يكون الطالب على استعداد لخوض مشروع المعرفة. طبعا يفترض هكذا! لكن المجتمع الطلابي نظرا لأن غالبيته لا يملك مفاتيح وروح البحث العلمي، حتى بعض أستاذته! فبهذا ابتدعوا ما يسمى العملي بحجة أن النظري لا يُفيد وهذا خطأ فادح، أدى إلى انعدام المعرفة بشكل كبير في الحياة الجامعية. فالعملي الآن في سوق العمل يستطيع أي شخص أن يتعلم من خلال اليوتيوب أو العالم الرقمي. لكن كيف سيكتسب المعرفة بدون مشروع معرفي حقيقي أو مدرسة علمية تؤسسه معرفيا. وأقصد بالنظري هنا الجانب المعرفي وليس الشيتات المكدسة التي يستخدمها الأستاذ الكلاسيكي.
هذا يعني، إنك تحاول إن تكون مشاريع التخرج مختلفة ومبتكرة؟
بالإمكان القول إنها مختلقة.. وهذا لا يعود لي لوحدي بل ناتج على روح وحلم وطموح بعض طلابي الذين يريدون أن يؤسسوا لأنفسهم واقعاً صلباً ومستقبلاً حالماً.
جميل، أخبرنا الآن وكيف يبدأ التفكير مع الطلاب، وما هي الخطوات للوصول لمشروع تخرج مختلف ومميز؟
ينقص الطلاب روح البحث العلمي والمعرفة والقراءة الناقدة والتنوع الثقافي، فصاروا يعتمدون على القوالب الجاهزة فضلا عن نظامنا البيروقراطي الذي أثقل كاهل الأستاذ الجامعي وعدم وجود نية حقيقية وجادة نحو تشجيع الطلاب على روح النقد، وهذا ليس سببه المجتمع الجامعي فقط، بل تأسيس الطلاب معرفيا منذ البداية إضافة إلى نظام أسئلة التظليل في المدارس التي زادت من غياب روح الإبداع لديهم.
كعضو هيئة تدريس بأحد الجامعات الليبية، كيف تقيم العملية التعليمية؟ خاصة أداء الطلبة؟
لا أستطيع أن أمثل دور القيم فأنا لا شيء في دائرة التعليم الجامعي، لا درجتي العلمية ولا خبرتي الأكاديمية، ولكني أستطيع القول إننا ضحية منظومة فجة غاب عنها الاستقرار والمعرفة وروح النقد والابتكار.. لا أستطيع تصور ان استاذ جامعي في الصحافة لا يكتب مقالة فهو في نظر غرامشي مثقف منتج بمعنى أنه من الصفوة أو استاذ جامعي لا يبحث عن آخر الاصدارات والمراجع والابحاث فمرة سألت في إحدى محاضراتي عن كتاب (نهاية اليتوبيا) لم يجبني أحد فلم استغرب عندما سالت عليه استاذ يجمل درجة علمية عالية لم يقرأ الكتاب ولم يسمع عنه إضافة إلى غياب الإعلام الرقمي وصحافة البيانات وصحافة العمق.
هذا يقودنا إلى سؤال: كيف يمكن إذكاء شعلة الإبداع الكامنة في كل طالب؟
هذه تبدأ من المراحل الاولى في التعليم ولا يتحمل مسؤوليتها الاستاذ الجامعي.. فهي منظمة متكاملة وحلقات متصلة.
جميل، دعنا ننتقل إلى جانب آخر: هل هناك تداخل بين شخصية المبدع لديك، وشخصية الأستاذ الجامعي؟
التداخل موجود بطبيعة الحال بسبب طبيعة تخصصنا الذي يتكئ بدرجة كبيرة على الإبداع تستطيع أن تعلم اي شخص كيف يلتقط صورة فوتوغرافية.. لكن الأصعب هو أن تخلق منه شخصية ناقدة تتكئ على المعرفة، أو أن تغطيه مفاتيح الكتابة الإبداعية.
ما هي المشاريع التي تعمل عليها الآن؟
لدي مشروع تأليف سلسلة من الكتب المتعلقة بالفنون التلفزيونية والصحفية بعد إصدار كتابي عن السيناريو.
كلمة أخيرة….
يقول راسل جاكوبي (إنه زمن التراجع الثقافي حيث خسر الرديكاليون نصيبهم، وفقد الليبراليون عزائمهم، وفي مواجهة قو ة كبرى، او خبرة التاريخ، لا يصبح التراجع مخزيا او مشينا، وبالنظر الى الماضي واعتباره، سنجد ثمة اختيارات جديرة بالتقدير، ان الكشكلة ليست فبي الهزيمة، ولكن في الانهاك الثقافي والتظاهر، والادعاء).
أخيرا أقول نحن نقاوم أشكال القبح التي تحيط بنا من كل جانب ونتمنى الخلاص سريعا.
سفيان مصطفى محمد قصيبات
مواليد مدينة مصراتة؛ الأول من مايو 1987.
أستاذ جامعي في قسم الإذاعة والتلفزيون كلية الفنون والإعلام – جامعة مصراتة.
أستاذ مادة التحرير الصحفي من 2018.
حاصل على ليسانس إعلام شعبة الإذاعة والتلفزيون للعام الجامعي 2011/2012.
ماجستير إذاعة وتلفزيون 2017.
لديه مطبوعات:
كتاب مجموعة قصصية بعنوان (غربة من نوع آخر)
كتاب مدخل إلى كتابة السيناريو.
عمل مديراً لتحرير صحيفة صناع الكلم.
عمل مديرا لتحرير صحيفة أسواق.
عمل محررا صحفي بالموقع الالكتروني @ آت ليبيا.
الكتابة الصحفية في: صحيفة رأي اليوم الدولية، العرب اللندنية، ساسة بوست، فسانيا. القدس العربي، النهار اللبنانية، الحياة اللندنية.
معد ومقدم برامج في راديو مصراتة FM ، برنامج بين الأرفف، برنامج خير الكلام، برنامج من أدب الشباب، برنامج جغرافيا رمضان، برنامج صباح جديد، حكاية صنعة، واحد من الناس. برنامج تلفزيوني إعداد وتقديم (برنامج غلاف)
مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بمؤسسة سيكلما للثقافة والفنون.
مدير إدارة البرامج براديو أمواج fm.