حوارات

وجها لوجه الباحثة فاطمة غندور والكاتبة حواء القمودي

وجها لوجه الباحثة فاطمة غندور

والكاتبة حواء القمودي..

الشاعرة: حواء القمودي

حواء الحافي القمودي ومشوار شعري وصحفي منذ ثمانينيات القرن الماضي، نحاورها وهو اللقاء الأول والموسع لنعايش من خلالها تجربة مثقفة ليبية معجونه بالهم والشجن الأنثوي المحاصر بتابوات مجتمع محافظ فما بالك أن تولد فيه من تشقشق صارخة تطلق إعصارها الساكن:

طرابلس

لن أحبك

سأمزق صدرك بأظافري

أبصق على وجهك

البرد يأكلني

وأنت

تسفحين شمسك للغرباء

حواء من صارحتني أن أستاذاً في الأدب العربي مُعارا من سوريا أُعجب بما نشرته في عدد خاص عن الثقافة والمثقفين في ليبيا مجلة الناقد اللبنانية، وانبرى باحثا عن دلال المغربي (اسمها المستعار) فأخبره أحدهم أنها فتاة فاسدة من سوق الجمعه !،وبنقاوتها التي كبياض كراسها المدرسي الطفولي مُشتركها مع تلميذاتها، وما نبذه القاص والكاتب (عمنا يوسف الشريف) حين أهداها مفكرة جميلة وأنيقة أثارت غيرتي يومها، بكت حواء واعتكفت في غرفتها أسبوعا كاملا، حواء ذنبها أنها شاعرة تعلن وتبوح تطرح ذاتها كمرآة صافية لاغبش فيها، لذلك يحبها الحقيقيون الأنقياء ويدعونها أمنا حواء وهم من يتجاوزونها سنا وتجربة.

إثر عودتها من مهرجان شعر لوديف – فرنسا طلبتها لحوار فاشترطت نشره بمجلة الوزارة (شؤون ثقافية) لترسل من خلاله شكرها على ما تفضلوا به عليها، حينها رفضت شرطها، وكوني لا أرى رأيها أذعت شرطى بنشره أينما أشاء، وبعد أسبوعين هاتفتني وقالت: لك ما تشائين، وكان أن تداعت الأسئلة، وانسابت حواء التي غاب عنها أنه ما من دورية ليبية ستجرأ على نشر حوارنا مطابقا لأصله:

– بعد مشاركات شعرية ذكورية (د.عاشور الطويبي،محمد الفقيه صالح، خالد درويش عبدالفتاح البشتي، عبدالسلام العجيلي) كنت الشاعرة الليبية الأولى في لوديف، التجربة هناك الالتقاء بالأخر، كيف وجدت حواء هناك، وماذا أضافت لك تلك المشاركة؟

– تجربة مهرجان لوديف الشعري في فرنسا جعلتني أشعر ببهجة عارمة لانتمائي لهذا العالم الرائع عالم الشعر، طوال سبعة أيام لم أكن سوى الشاعرة حواء القمودي الليبية ذلك رفعني عاليا، كنت مغمورة بالحزن والغضب لما يحدث في لبنان العظيم ولكن كنت أرى كيف يقاوم شعراء العالم وشاعرته الرداءة والخراب والظلم والالتقاء بالآخرين:الشعر الكبير قاسم حداد من البحرين وكان معنا أيضا في هذه الدورة التاسعة للمهرجان سامي ناصر وجلال باباي من تونس التقينا هناك خالد عبدالله وجهاد ديب من فلسطين ومنذر المصري من سوريا،شعراء لبنان لم تترك لهم آلة الحرب للعدو الصهيوني أن يشاركوا شعراء العالم هذا العرس، نجيب أنزار من الجزائر، ومحمد العمراوي من المغرب، وصاحب موقع كيكا الشاعر العراقي صموئيل شمعون، والشاعر الكبير صلاح استيتية، أما شاعرنا إدريس الطيب فهو الوجه الأجمل والأعرق في مشهد التجربة الشعرية الليبية الذي شاركني في هذا المهرجان،أما الشاعرات العربيات فهن نجوم الغانم من الإمارات،وإيمان مرسال،وزهرة يسري من مصر، وسميرة نقروش من الجزائر كنا نحلم أن نجتمع نحن الشاعرات نتبادل الخبرات ولكن كان على إيمان أن تذهب مبكرة وتلحق بها زهرة وأظل ونجوم نحاول أن نجد فسحة، ولكن استمتعت بمتابعة كل واحدة التصفيق لها ومقارنة تجربتي بتجاربهن،سحرتني لوديف المدينة الصغيرة التي تبتعد 600كم عن باريس، أجوائها العتيقة ومبانيها العريقة والجبال التي تحيط بها ورائحة الأزهار التي تفوح من كل زاوية وجدار، واسمي الذي معه صورتي في كل مكان كان فيه لصوتي الشعري مساحة، ألقيت مع شعراء وشاعرات من فرنسا وأسبانيا واليونان ومصر وألبانيا ومقدونيا صفقت لهم ولهن وصفقوا لي ثم فاجأني انتهاء ذلك الأسبوع أي عودتي إنسانة عادية، تفكر بشأن تذكرة السفر،وورطة باريس! المدينة الجميلة القاسية لم يغرني جمالها،ولا كل ذلك الثراء التاريخي حين وقفت في متحف اللوفر أمام قانون حمورابي المنقوش على ذلك العمود بكيت، بكيت على العراق وفلسطين ولبنان بكيت على تاريخنا المسروق الذي جعلوا منه مجرد فرجة.

– فلننتقل من جو باريس الى الجو الثقافي هنا، وأنت من قاربت العقدين مقالات ومتابعات، كتابة شعرية ونقدية، هل لنا أن نسترجع البدايات، والى أين وصلت حكايتك مع أجواء الثقافة الليبية؟

– تبدو حكايتي غريبة لأن معرفتي بالكتاب والأدباء الليبيين جاءت متأخرة لقد كان رصيدي الثقافي يكبر ولكن كنت أقرأ لكتاب وأدباء وصحفيين من جميع أنحاء العالم العربي،إلى جانب المترجم ولكن لم أقرأ لكاتب أو شاعر ليبي ربما لأن منهجنا التعليمي كان مليئا بكل الأسماء العربية جبران وميخائيل نعيمة إيليا أبو ماضي خليل مطران أبو القاسم الشابي وحتى في دراستي الجامعية نتعرف على فارس الشدياق وعلى الرموز الأدبية العربية ولكن لن نجد اسما ليبيا واحدا، حتى ظننت أننا بلا رصيد ثقافي ربما فقط الصادق النيهوم والذي كنت أتابعه من خلال مجلة عربية تصدر في باريس وخلال معاركه الفكرية،فسعيت للتعرف عليه واشتريت ما تيسر من كتبه، وحتى صحيفة الجماهيرية والتي نشرت بها أول مقالاتي تعرفت عليها بطريق غير مباشر،حيث أخي الموظف بأحد مؤسسات الدولة يجيء بها لأنها توزع عليهم، وقد تعرفت من خلالها على نماذج رفيعة من الادب الثوري بابلوا نيرودا ناظم حكمت،مريد البرغوتي،خليل حاوي، والكثير من الأسماء العربية والعالمية، حتى تعرفي على الكاتب يوسف الشريف، كان صدفة حيث أعطتني طالبة جامعية مجموعته القصصية (ضمير الغائب) لأوضح ما غمض عليها لأن أستاذتهم تطلب منهم دراسة أعمال المبدعين الليبيين،والمفاجأة أن هذه الكاتبة كانت المبدعة شريفة القيادي، كان ذلك عام 89م فتعرفت على القاص والقانوني كامل المقهور والمفكر عبدالله القويري وشقيقه الأديب يوسف القويري،وقرأت للكاتب أمين مازن، وفوزي البشتي وصارت الدائرة تتسع لاكتشف ثراء الثقافة الليبية وتميز المبدعين الليبيين.

– هل من أسماء ساهمت في تشكيل بدايات الانشغال بالثقافة هما وهاجسا ابداعيا؟

– كثيرون هم وكثيرات أيضا، أمي التي كانت حكأة طفولتي، أخي محمد الذي عرفني على عالم الكتابة مبكرا وأهداني (أليس في بلاد العجائب) بمناسبة حصولي على الشهادة الابتدائية، لكنه أهداني دون أن يعلم رواية الزنبقة السوداء التي قرأتها وأنا بالصف الرابع الابتدائي، صديقتي ابنة خالتي (جميلة الوحيدي) التي فتحت لي مغارة علي بابا من خلال مكتبة بيتهم الثرية، والتي وجدت فيها الكثير من الادب الليبي فعرفت سعيد المحروق في سقوط أل التعريف،ومجلة الفصول الأربعة.

 ماما خديجة من خلال مجلة الأمل التي كان أخي يأتيني بها من كشك في سوق الجمعه حيث نسكن، مرضية النعاس الكاتبة الروائية أول وجه كاتبة ليبية أراه،هذه الكاتبة التي رأت في قلمي الصغير حين التقيتها عام 1983م، قلما يستحق الاعتراف وأهدتني روايتها (المظروف الأزرق) ومجموعتها القصصية (غزالة) ولا أستطيع أن أنسى الكاتب إبراهيم حميدان وهو يحثني على تجميع نصوصي للرابطة، لتدرس ضمن ندوة الكتابة النسائية في مايو 2000م، وكنت محظوظة بصداقاتي مع المبدعين والمبدعات من كل الأجيال، يا الله ألم أقل لك أنا انسانة محظوظة جدا وكاتبة ومبدعة مدللة!،نعم مدللة رغم كل الصعاب، الأستاذ محمد الزوي هذا الكاتب الأنيق في كلماته وفي تصرفاته الذي جعلني أحب شاعرنا الكبير شاعر الشباب والحب علي صدقي عبد القادر، وحدثني عن الشاعرين علي الرقيعي وعلي الفزاني وحثني على قراءتهما من خلاله تعرفت على يوسف الشريف وبقية صحبة جنان النوار، الكاتب أحمد الفيتوري، والشاعر إدريس بن الطيب لا أستطيع أن أنسى الاهتمام والرعاية التي حظيت بها منهما، وخاصة الصديق أحمد الفيتوري، الصديقة الشاعرة كريمة حسين وما قدمته لي من خلال صداقتها ومن خلال مكتبتها الثرية، الصديق رضوان أبوشويشة واهتمامه وحتى رعايته لموهبتي ونصحه الدائم لي،والذي مازال هو والأستاذ يوسف الشريف يحوطانني بالرعاية والاهتمام، هل أبوح لك بسر يا صديقتي أنا كائنة محظوظة، في كل مكان ثقافي وصحفي تعاملت معه وجدت أمامي مبدعين رائعين بدءا من صحيفة الجماهيرية،ورعاية الكاتبة المبدعة والصحفية الجريئة (فوزية شلابي) والتي كانت تختار لمقالاتي عناوين مميزة مثل: (بين المكرونة الحارة وبين الشرفاء)، وهو أول موضوع ينشر مع اسم دلال المغربي الليبية، (وبلاغ ضد أمي وأبي)، وهي من اختارت اسم بنت سوق الجمعه ليكون صحبة هذه المقالة بدلا من اسم (أريحا صامد)الذي بدأت الكتابة به في أول مقال لي: (آتية معك)، وفي جريدة الطالب وجدت عادل عبد الواحد، والعارف سليمان، والرسام العجيلي العبيدي، وغيرهم من الرائعين، وفي مجلة(لا) وجدت عمي قاسم الفلسطيني، وعلي الجواشي، وابن الطيب، والفيتوري، والسيدة فوزية أيضا، وفي مجلة البيت صحبة مفتاح العماري وفي مجلة المؤتمر وفي مجلة الفصول الأربعة، وفي رابطة الكتاب والأدباء.

– حواء كتبت الشعر والقراءة النقدية أين تجدين نفسك؟

– أين أجد نفسي…بين الشعر أو هذه القراءة الانطباعية لكتابات الآخرين والأخريات، ربما لا يعرف الكثير أن بدايتي المبكرة مع صحيفة الجماهيرية كانت مع المقالة التي قاربت من خلالها الهموم التي تعصف ببنت العشرين ضاجة ومتمردة بقلمها،إذ تكتب في وقت مبكر مقالا جعلت له الصحيفة اسما مثيرا (بيان ضد أبي وأمي ) وذيل باسم بنت سوق الجمعه،البنت المهمومة بقضايا وطنها فتختار اسم الشهيدة دلال المغربي وتكتب عن مجزرة صبرا وشاتيلا، عن الوطن السجن، وعن المواطن المقموع، وعن اللحم العربي الذي تشم رائحته من هناك من مخيم صبرا وشاتيلا، وكان النص الشعري الأول الذي نشر في صحيفة الجماهيرية نصا مقتطعا من نص طويل أرسلته خلال البريد الى الصحيفة، وكان بدون إعادة كتابة، أي أني لا أملك نسخة عنه !، وهكذا كل إرثي منه هو ما نشر في الجماهيرية، وكان بعنوان (هوامش البراءة)، والأغرب أن مساهمتي الأولى في مجلة الكتاب والأدباء (الفصول 4)، جاءت نقدية فقدمت قراءة عن مجموعة الكاتبة نادرة العويتي (حاجز الحزن)، وعن قصص (يوسف الشريف)، و(عبد السلام شهاب) و(عمر الككلي) وجاءت أول النصوص الشعرية عام 1993م، حيث نشرت خمس نصوص شعرية في مجلة الفصول الأربعة، ثم نصان في مجلة (الناقد) نشرا في الملف الخاص عن المشهد الثقافي الليبي، هل عدة نصوص كافية لتكريسي في المشهد الشعري؟ لست أدري، ولكن الأجمل أن نصوصي التي نشرت في الفصول الأربعة أثارت اهتمام شاعر مهم وقاريء رفيع هو الشاعر سالم العوكلي فخصني مع الشاعرة رؤى أحمد (ليلى النيهوم) بقراءة لنصوصي جعلتني أوقن أني شاعرة، أين أجد نفسي يبدو أني أجدها من خلال علاقتي مع الكلمة ذاتها، فالمقالة الاجتماعية والبحث الاجتماعي،القراءة الأدبية لنصوص أتذوقها، المتابعة لشؤون مجتمعي ووطني كلها تجعلني أجد نفسي فقط ثمة خصوصية للكتابة الشعرية وهاجس الارتقاء بالنص والتميز وما يهمني هو أن أكون في كل ما أكتب.

– محطات ترين أنها أثرت مشوارك وأضافت لرصيدك الثقافي؟

– ثمة محطات لا يمكن إغفالها لأنها ترسخ من علاقة المبدع أو المبدعة مع عالمها الحميم عالم الكلمة لذا تبدو محطة جريدة (الطالب) هامة جدا وفارقة، لأنها أول علاقة حميمية مع عالم الصحافة من خلال التعامل المباشر كان لك عام 1990م، وكانت الصحف آنذاك مازالت على النمط القديم حيث الورق الذي تصف به المواضيع المطبوعة وترتب حسب خطة المخرج، أشرفت على صفحة (نوافذ طلابية)، وأيضا صفحة (آفاق ثقافية ) كان الراحل “عادل عبد الواحد” هو الذي حفزني للتعامل المباشر مع الصحيفة، بعد أن كانت مقالاتي ومتابعاتي تنشر بصفحة (آفاق) حينذاك نشرت قراءتي عن مجموعة (ضمير الغائب) للكاتب القاص (يوسف الشريف) والتي كان من حسن الحظ أن الكاتب “محمد الزوي” قد أطلع عليها وأطلع عليها (يوسف)، والذي أبهجني باهتمامه وبإرساله ملاحظاته مكتوبة، كل ذلك حفزني للاستمرار وحقن قلمي بمزيد من الإصرار، مجلة(لا) كانت من المحطات الهامة أيضا لان اسم حواء القمودي ظهر على صفحاتها بإصرار من المبدع الكاتب والناقد أحمد الفيتوري الذي حذرني من الاستمرار والتخفي وراء اسم دلال المغربي،وتجيء مجلة الفصول الأربعة حيث نشرت بعض قراءتي لنصوص لكاتب ليبي(نصرالدين القاضي) وكان أيضا باسمي دلال ظلت مع نصوصي الشعرية حتى كان عام 2000م أي الألفية الجديدة، نشرت أول نص شعري باسم حواء القمودي على صفحات الفصول الأربعة (هي وعاداتها) كان عنوان النص.الألفية الجديدة أيضا منحتني التعرف على الصحفية سالمة المدني حيث كانت أمينة تحرير مجلة البيت، هذه الصحفية المميزة والتي تهلني دائما بتقديرها للمبدعين الليبيين وباحترامها الغير محدود لهم، سالمة التي ذللت كل الصعاب حتى أكون مع اسرة تحرير مجلة البيت، فوجدت أسرة حقيقية ومبدعين كبار، فأن أكون مباشرة مع يوسف الشريف ومنصور بوشناف، كان هذا أكبر من الحلم لذا ستظل محطة مجلة البيت من أجمل المحطات وأكثرها فائدة إذ من خلالها اقتربت حقا وصدقا من عالم الصحافة أما محطة مجلة المؤتمر فهي رصيد ثري لان الأستاذ محمود البوسيفي مدرسة صحافية كبيرة وخلال عام ونصف كنت تلميذة في هذه المدرسة، وبعدها ستجيء محطة جريدة المشهد التي كلفني د. علي فهمي خشيم أمين رابطة الكتاب والادباء في عام 2003م بأن أكون منسقة التحرير فيها، ولكن مع عميق الآسف بعد صدور عددين توقفت، ولكن خلا هذين العددين كنت في صحبة الصحفي النشط سمير جرناز، وكنت أتمنى أن تدوم التجربة وتطول حتى أتعلم ولكن..

– وماذا عن محطتك مع ورشة الكتابة الإبداعية للكاتبات الليبيات؟

– كانت هذه الورشة هي نتيجة لذلك الأسبوع الحافل والثري في حياتي الصحفية والإبداعية حيث دعت رابطة الكتاب والأدباء بالتعاون مع المركز الثقافي البريطاني كاتبتين من انجلترا شاعرة وروائية، وكاتبة روائية، ومتخصصات في حقل تكوين الورش الإبداعية كان ذلك في عام 2003م في شهر مارس صحبة الكاتبة الروائية الأستاذة شريفة القيادي والشاعرتين مريم سلامة،وكريمة حسين، ورفقة أسماء الطرابلسي وبعد مرور أكثر من شهر بدأت الفكرة تختمر، وفي يوم 17-7 تم الإعلان عن إنشاء ورشة الكتابة الإبداعية للكاتبات الليبيات، وقد كانت الأحلام كبيرة والطموح يطير بأجنحة الأمل أن تكبر هذه الورشة، وأن تضم عددا أكبر من الكاتبات الليبيات، وأن تعمم الفكرة على باقي فروع ربطة الكتاب والأدباء في ليبيا،اجتماعنا الأول كان في 17-7 وقد كانت الشاعرة الفقيدة جنينة السوكني حاضرة والتي ابتهجت بإعلان الورشة وأرادت أن تكون من المشاركات الجادات بها، وهكذا كان. في اللقاء الثاني اخترنا مكانا آخر وهو دار الفقيه حسن بالمدينة القديمة: شريفة- مريم – جنينة – اسماء- كريمة- ولكن ثمة سوء حظ لاحق هذه الورشة، بدأ بإغلاق رابطة الكتاب والأدباء في أول حلقة من 17-7 وحتى 15-8 آخر لقاء بين الكاتبات ومنذ ذاك الوقت وحتى هذه اللحظة لم نلتق ثانية بصفتنا الإبداعية ! لقد فكرنا في السعي لإعادة الورشة ولكنه ثمة ألف لكن تواجهني؟!

– يعيب بعض الكتاب والنقاد على المرأة الكاتبة عدم التواصل أو حتى القطيعة مع إبداعها ومنجزها الثقافي الإبداعي، واتهامها أحيانا -إذا ما واظبت على ذلك المنجز – خطها النمطي التقليدي، حصيلة ونتاج: عدم القراءة،و التواصل مع منجز الآخرين في الداخل والخارج، مارأيك كمرأة مثقفة إذا ما اعتقدنا بهذه الآراء، وأين يكمن الخلل في انقطاع المبدعة أو نكوصها؟

– ليست المبدعة وحدها من تعاني عدم التواصل أو القطيعة مع منجزها الإبداعي هناك كتاب كثيرون أصابهم المشهد الثقافي وغياب التواصل مع القاريء المحلي إلى حالة من اليأس فتوقفت أقلامهم عن الكتابة أما حكاية النمطية والتقليدية في مشوار الكاتبة فهي ليست تهمة للكاتبة بقدر ماهي تهمة للمجتمع ذاته، المجتمع الذي مازال ينظر بعين الشك لهذه المهنة إن صحت التسمية، والذي لن يهتم بك ويعرفك إلا إذا كان نصك جريء أو بحث اجتماعي يدين تخلف المجتمع بشكل علني وصريح حينذاك سيقرأ أحد ما ما كتبت ويستنهض همم المجتمع البليد ضدك، وليس عيبا أن يظل كاتب أو كاتبة يحفر في موضوعة واحدة ولكن الإبداع سيتجلى في مدى القدرة على تنوع أدوات الحفر:كيف تضيئين هذه الموضوعة من جوانبها المختلفة وفي كل عمل جديد ترفعين معمارها مثلما يفعل المبدع إبراهيم الكوني الذي يكتب الرواية،والقصة، والسرد، وكل أنواع الكتابة يمارسها، إلا أنه يظل يحفر في موضوعته الأثيرة الصحراء.

– تجارب نشر متعددة في الآونة الأخيرة، ازدحام مفاجيء بالإصدارات الأنثوية لكاتبات ناشئات، حواء أين نتاجك، ومنجزك كإسم نسوي ليبيى في المشهد الثقافي؟

– دوائر متلاحقة هي التي تبعدني أو تجعلني أتحجج كي لا أنشر نصوصي بين دفتي ديوان، مرة أقول:مازال الوقت، مرة:أن نصوصي هذه ليست بمستوى أن تدرج في ديوان، ولكن تبدو الحقيقة اني خائفة، خائفة من مواجهة هذه النصوص حين تصبح مرئية بشكل واضح وفي متناول اليد، ربما آراء الآخرين بأن هذه النصوص جريئة، أن الجسد هاجسها، ذات مرة إلتقيت الكاتب والفنان المبدع رضوان أبو شويشة والشاعرة مريم سلامة فقالت مرة للترحيب بي: الشاعرة التي تكتب نصوصا جريئة باسم مستعار، كانت مجلة الناقد الصادرة في لندن قد نشرت حيناك ملفا خاصا عن المشهد الثقافي الليبي الذي أعده الشاعر والصحفي (يحي جابر) (أراقب العالم بدهشة) هو نصي الذي نشر خلال هذا الملف مع نص (أمينة) وباسم (دلال المغربي) وربما الآن يا صديقتي بعد أن تجاوزت الرابعة والأربعين، بعد أن رأيت دواوينا عادية جدا وبسيطة، وبعد تجربتي في مهرجان لوديف الشعري، صار علي كشاعرة نشرت أول نص شعري في صحيفة الجماهيرية في عام 1983م، وتعاركت مع المفردة والصورة والمعنى كل هذه السنوات، صار علي أن أرى ديوانا يحمل اسمي حواء القمودي ديوانا به كل نصوصي،أحيانا أضحك مع ذاتي لو أني أنشر نصوصا أخبئها في كراريسي ماذا سيقولون عني؟ ثمة مصادرة، وهناك رقيب في داخلي ذات مرة أغراني الشاعر (أنسي الحاج) في أحد خواتمه بمجلة الناقد، أن أكتب نصوصا جريئة وصاخبة وان أجمعها في مظروف لأبعث بها الى هذه المجلة، في لحظة أخيرة مزقت هذه النصوص.

– رقابة ذاتية بعد كل هذه التجربة وقبولك بمواجهة الكثير من الصعاب؟ وأنت المصنفة بالكاتبة الجريئة التي تكتب ذاتها.. جسدها، وخاصة في خطواتك الاولى.

أحيانا يأتيني سؤال لماذا هاجس الجسد؟ يترصد نصوصي فأجيب أن النص كائن حر يتشكل كما يريد، ليس من حقي أن أضع حدودا لأي شيء سيموت، الشعر كائن حر، ومن مسؤلياته أنه يمنحنا الحرية، تبدو المعادلة قاسية، المصادرة في الحياة العادية ثم في النص، الذي أجد فيه حريتي كل شيء يبدأ من حدود الجسد، إنه الذي يحتويني ومن خلاله أكون أنا، لكن عبقريته أنه يتجاوز حدوده ويقول هواجس الروح وصخب النفس ورصانة العقل وشغف القلب ليس الجسد مجرد حدود، ليس هذا الطول العادي 155، وليست هذه المقاسات، إنه أنا حواء التي رأت هذا الجسد روح تطير في (السانية )، حين كانت صاحبة ضحكة صاهلة، وشعر بلون القمح، وقلب بلون الجمار لكن لظروف غريبة، صار علي أن أخاف من هذا الجسد وأن أخجل منه، وأن أراه خلوا من جمال إنهم الآخرون أو هو هذا الآخر الذي هو المجتمع، الذي يضع مقاييسا وحدود لكلمة الجمال بكل المعاني صودر جسدي فرأيته قبيحا، ربما لهذا تمرد وأعلن عن وجوده خلال هذه الحرية،لذا لم أصادر حق النص أن يقول عن جسدي شعرت أن وجوده هو وجودي صرت أرى النص أنا نظيفة وصادقة صرت بنتا كبيرة، لم يعد يهمها ما يقال عنها لقد أدركت منذ زمن: أن هذا المجتمع يضعني في خانة النفي الاجتماعي، مذ أعلنت أني أقرأ وأكتب ثم صرت أنشر في صحيفة الجماهيرية، و لا، والفصول الـ4، لقد ترسخ اسمي في المشهد الثقافي، لكن قبل ذلك ثم نفي اجتماعيا.

* عن مدونة: احمد الفيتوري

مقالات ذات علاقة

من ليبيا يأتي الجديد: الثقافة تمزق اللون الأوحد

المشرف العام

أحمد نصر: “كتبت رواية “القرية التي كانت” بعد عودتي إلى مصراتة بأكثر من خمسة عشر عاما”

المشرف العام

الناشر الليبي غسان الفرجاني: هناك نقص في الرواية العربية المترجمة

المشرف العام

اترك تعليق