تتعدد سمات المجتمعات التي لم تنجح في بناء كيان سياسي يُسمى ” الدولة ” بإعتبارها أيّ الدولة هى المعطى الإنساني السياسي والتجسيد الفعلي لإرادة الناس عند تلازمها الجاد من قبل الناس لتحقيقها في الواقع ولعلّ من أبرز هذه السمات المساهمة في اِعاقة بناء الدولة واستمرار الفشل في بنائها التالي:
1- صيد الغنائم:
تتحول أجهزة البلد في هذا النمط من المجتمعات إلى مصدرٍ للتربح وصيد الغنائم ونهب المال العام والحصول على منافع شخصية من دون محاسبة أو مساءلة مع تجاهل آليات وتطوير كفاءة الأسواق وكفاءة سوق العمل وتطوير سوق المال عبر تدشين جهازية عالية من الأستقرار السياسي والرخاء الأقتصادي تجنباً للخسائر المالية والإقتصادية الهائلة.
2- فراسة النهب:
في جلّ المجتمعات التابعة لهذا النمط يستطيع بعض الشطار فيها من الشخصيات والعائلات والقبائل والعشائر ذات القوة والنفوذ أن يكونوا فرسانَ الريادة في الفساد المنهجي والنهب المبرمج، ومن رحم هذه الشطارة – حتماً- تنشا زمرات شرسة تتحصل على امتيازات بلا حدود و تقتني سلطات لا رقابة لها ولا رادع في مقدورها السيطرة على جلّ الأنشطة السياسية والإقتصادية والإعلامية بصورة استبدادية منظمة تمكّنها من نهب الشعب والتسلط عليه دون توجيه نشاطاتها للإستثمار البشري والإنفاق على القطاعات الخدمية كالكهرباء والصحة والإعانة الاجتماعية اسوة بالوعي الجاد القاصد في بناء وتطوير البيئة التحتية بكيفية جذرية .
3- ركائز ” الدولة” خداع محض:
من أبرز السمات في” اللادولة” فشل المثقف والمتعلم وأساتذة الجامعات واصحاب التخصصات العليا وزملاء مراكز التنمية والبحث العلمي والجهد الفكري من المساهمة المدروسة المستنيرة والفعالة في إحداث الإصلاحات السياسية ومشروع بناء الدولة والتحول الديمقراطي وضمان الحرية الفردية وتطوير أداء المؤسسات العامة والأجهزة الحكومية، مع قدرتها الفائقة عاى أنْ تتحايل عليه بالسفسطة بكل إمكاناتها التعليمة والأكاديمية وتظل – في حلقة مفرغة – غير متفتحة على حاجات العصر والتطور ورفع المستوى المعيشي للناس وإقامة المشاريع العمرانية والاقتصادية لازدهار البلد وأمن البلد عبر نهج الحكمة وحسن التصرف في أموال العامة والتخطيط السليم؟
4- طبيعة غير جوهرية:
ومن سماتها تجلي فشل المؤسسات التعليمية والثقافية والسياسية والإنمائية في عملية بناء المعرفة البشرية وإعداد سوق عمل منتج لرفع مستوى المعيشة وتنمية المهارات الوطنية في أجندة تنموية مدروسة في شتى مجالات العلوم لمواجهة التحديات التي تعصف بمجتمعها على جميع الصعد، فهي تعجز في التوجه نحو التحول الدستوري والديمقراطي لتجاوز الوضع التخلفي القائم والإنفتاح العملي على المعرفة والعلم والإنماء وتجاوز أشكال التعسف والظلم والقتل وإراقة الدماء وامتهان كرامات الناس ومصادرة الحريات؟
5- واقع غير متطور:
ومن سماتها فشل الجامعات بكل تخصصاتها والمؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية والإدارية والمؤسسات المهتمة بالشؤوون التاريخية والتراث للمساهمة في تصويب مسار البلد على نحو خلاق وتوفير الرؤى الهادفة والأفكار العلمية لصياغة سياسات تساهم في الخروج من أزمات المجتمع المتراكمة ومتواليات أيامه الثقال؟
6- لا جيل إلى جيل:
ومن سماته أنّه لا يمتلك إرادة الإنجاز الفعلي المتراكم والذي يتطور ويزدهر من جيل إلى جيل على أرض الواقع الملموس حتى تراه الناس رؤية الحق وتنتفع به وتستخدمه وتساهم به عملياً في إزدهار ذاته وليس مجرد الإعتماد على إرادة الكلام والعنطزة وأطنان المقالات الفضفاضة والخطابات الملتوية والبحوث المعلقة في سماوات الوهم وإدعاء التفكير الليبرالي.. ففيها سيلٌ من الحبر البراق لا يجدي نفعاً إذ لم يصحبه أي نفعٍ للمجتمع أو أي نتائج ايجابية ترفع من مستوى المواطن وتساهم في عملية بناء الدولة والخروج من حالة الهشاشة وحالة انعدام التغيير نحو الأفضل؟
7- لم يهتد لحلٍ كي يبني دولة:
ومن أرقى سماتها أنّ الجامعات والمؤسسات التعليمية ومراكز البحوث العلمية والمعاهد التربوية والمنصات الإكترونية والمواقع التعليمة تتقاعص وبإستمرار على أنْ تكون خزائن معرفةٍ ووسدرة العلم والبحث العلمي وأسس بناء الدول ووضع الخطط الإستراتيجية التي تقتضيها الضرورات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والأكاديمية والتنموية، فينقصها عيانياً العمل الجاد على ايجاد الحلول المستعجلة للأزمات التي يعايشها المجتمع تفادياً للمخاطر التي قد تعصف به من كل حدب وصوب.
8- عوضاً من أن يستشرف حلول المستقبل:
من سماتها أنْ تركز أكثر على الألقاب الأكاديمة والإهتمام بنيل الشهادات في الاختصصات المختلفة والتنافس المحموم فيها من أجل شغل الوظائف ونيل المناصب والدرجات العليا لإغراض شخصية للحصول على كل المكاسب المادية والمعنوية ومن دون الإهتمام الجاد في الشروع في عملية بناء الدولة ووضع هذه التخصصات في المجالات التنموية لجعلها دولة منتجة تؤمن مداخيل جديدة لهاومجتمع مفتوح أمام المستقبل؟