قصة

الفالحة.. ودعاية الدقلة

جني التمور (الصورة: عن الشبكة)

في المول الكبير وبمستطيل يتوسطه ومخصص لبيع التوابل والمكسرات والفواكه الجافة والاجبان وأشياء عديدة اخرى وزعت هذه السلع بانتظام ع الاضلاع الاربعة لذاك العارض التجاري الكبير كان هناك صف طويل لنسوة مقابل ثلاجات عرض الاجبان فقد كان هناك تخفيض ع خليط الشيدر والموزريلا وتحديدا بعشرين دينار للكيلو الواحد.. صراحة الثمن مغري ويستحق اصطفافهن بالتالي ما تبع ذلك من كسر لرتابة صبرهن الطويل بالثرثرة.

كنت لتوي وقفت بالجهة المقابلة وع الضلع الذي يعرض عليه زيت الزيتون والتي اقتنيت منه لتر بثلاثين دينار!! ولجوار الزيت تعرض ايضا اصناف من التمور والتي كان هدفي التالي ان اقتني كيلو من أحد انواعها.

  لم يكن ثمة أحد يسبقني سوى فتاة انيقة محجبة وبدون تكلف اكتشفت فيما توالي من احداث وبشكل سريع بعد ذلك أنها بنت بلاد وعيلة ومتكلمانية من طراز رفيع.

كان بيدها كيس من الجبن فعلمت إنها قادمة من الجهة الاخرى حيث صف النسوة وكانت تضع امامها كيس فارغ وتسأل الفتي والذي كان منهمك في اعمال اخرى بعيدا ع ما كانت تعانيه عارضة التمور من كساد ومن عزوف الزبائن.

_ اسمع يا وليد هذا التمر بكم?? فيجيبها بالسعر من مكانه وفي نفس الوقت كانت تتذوق واحدة وتضع حبة النوى بكيسها الفارغ بعد ذلك كانت تسأله ع النوع الثاني فيجيبها بالسعر فتتذوق منه وتقدف بالنوى في نفس الكيس ثم سألت ع النوع الثالث والرابع وبنفس الطريقة عاملت الظرف الفارغ للثمرات.. حتى اخيرا سألت وتذوقت من النوع الخامس والذي أجابها الفتى متذمرا كونها شغلته عن اعماله الاخرى بانه بثمانية جنيه ونصف لكنها هذه المرة وع عكس تعاملها مع الاصناف الاولى تناولت منه حارة على طلقات متتالية قدفت بنواتها جميعا بنفس الكيس والذي اقفلته بعد ذلك ووضعته بكيس أخر بيدها وقالت للفتي هي سقدني وراس وخوي اوزنلي من هذا زوز كيلو.

حين انهمك الفتى في تعبئة طلبها من النوع الذي اختارته غادرت مكانها واتجهت صوب صف النسوة على عارضة الاجبان وأطلت برأسها عليهن ونادت احداهن..

يا فاطمة يا فاطمة تعالي لقيتلك دقلة معسلة والله ماك لاقيتها في سوق تاني.. لا وبثمانية جنيه ونص بس … غير تعالي ذوقي وبعدين براحتك..

طبعا على وقع سحر كلمات صاحبتها غادرت فاطمة مكانها واتجهت لعارضة التمور ناولتها الفتاة حبة تمر تذوقتها فاطمة وأبدت اعجابها وأوصت البائع بدورها هي الاخرى بأن يزن لها اتنين كيلو.. وعادت بعد ذلك لصف الاجبان من جديد..

كنت اصطف بعيدا حتى تنتهي الفتاة الاولى من حملتها الدعائية والتي شملتني ايضا بقولها لي.

سامحنى ياوخي شورني عطلتك لكن قولي حتى انت تبي تمر ?

 أجبتها ايه.. لكن كملي ع راحتك وتوا ناخد.

لم تتركني لراحتى فاكملت بقولها وراس وخيي عارفك بتاخده للعويلة فوته التمر كله وخود من هالنوع ع ضمانتي..

وما ان اكملت حديثها معي حتى توجهت بحديثها لسيدة كبيرة بالسن التحقت هي الاخرى بنا واوصتها بدورها كما اوصتني …

كما اخبرت سالفا توالت الاحداث سريعا بعد ذلك اقتنيت وعلى مذهب صاحبتنا من نفس الصنف الذي اوصتني به واكملت جولتي بالسوق وحين هممت بالمغادرة مررت بنفس المستطيل بوسط السوق فوجدت أن الازدحام كان شديدا على عارضة التمور والبائع يكاد يسقط من التعب وهو يزن من ذاك الصنف تباعا للزبائن في حين كان صف الاجبان بالكاد تقف فيه سيدتان..

غادرت السوق مبتسما وقد ايقنت أن تلك الفالحة قد غادرت قبلي بهيبيتها بوقارها بحلو لسانها بل وبحسن نيتها فهي لم تكن تدري انها وبعفويتها قلبت الموازين ع تلك الطاولة واعادت الروح لصنوف التمور والتي كانت تعاني من الكساد وساعدت في ان يخف الطلب والزحام على صف الاجبان..

كنت قد اقفلت حسابي عند الصراف وخرجت وانا اردد كم هم اغبياء اصحاب هذه الاسواق كم تكلفهم الدعايات والتي يبالغون في التقليد فيها كثيرا مما يجعلها وللأسف ابعد ما تكون ع روح الليبيين فتمر عليهم مرور الكرام وتغادرهم بلا إثر لا تأثير..

في حين لم يكلف الامر صاحبتنا والتي ليس لها مصلحة في شيء لتقلب الموازين التجارية في المول الكبير وتحديدا ع ذاك المستطيل الا حديث في صف طويل لنسوة يقفن على عارضة الاجبان.

مقالات ذات علاقة

تخريص

رشاد علوه

فاكس

زكري العزابي

الداليا – الحلقة الأخيرة

المشرف العام

اترك تعليق