كان يحمل زنبيلا* من السعف، يتنطط فرحا، يسبق الجميع، ثم ما يلبث أن يعود. كانوا ثلاثة يحثون الخطى خلفه، والده وعمه وأحد الجيران، عندما وصل الى محاذاتهم؛ اقترب من أبيه وسأله: ماذا سنفعل.
أخبره: اليوم تخريص** تخريص. ردد الولد وانطلق يعدو، عندما اقترب من سور البلدة توقف عند الحنفية، فتحها، انتظر ان تنساب المياه الساخنة، حتى بدأت تبرد، غسل يديه وشرب.
وصل من تركهم خلفه، غسلوا أيديهم ثم التفتوا حول السور، لمح عددا من الناس وعراجين مقطوعة من النخل، رفع عينه، كان في لأعلى النخلة، رجل نحيفـ بساقين دقيقتين ومثبت إلى النخلة بحبل بيده اليمنى، وبمهارة يقطع العرجون، مثبتا إياه باليد الاخرى ويشده الى الحبل، ثم ينزله رويدا فيتلقفه الجمع.
رأى تمرة، امتدت يده ليأخذها، وإذ بيد تهوى على يده: أترك لا تأكل منه، إنه من تمر الوقف.
تركه ولم يفهم معنى الوقف، ولكنه ادرك الا يأكل منه، فهو ليس ملك أبيه. انتظروا حتى تمت عملية البيع واخذ الوالد حصتهم، ملأ الوالد يده بالتمر وقدمه له: خد الآن، وكل ما تشاء!
أخده ومشى يجرى يسبقهم في طريق العودة للبيت، فما سبقتهم الزنابيل المملوءة التي اشتروها من تمر الوقف، من التاليس*** على العربة للبيت.
_____________________________
* الزنبيل: وعاء من سعف النخيل يستعمل لحمل الأشياء.
** تخريص: هو جمع وتثمين ثمار النخيل التي تتبع الأوقاف يتم بيعها لمن يرغب.
*** التاليس: نوع هو من أجود انواع التمور بفزان.