رافد علي
تعد السنة الحالية سنة انتخابات بالدرجة الاولى، فقد جرت انتخابات في الجزائر وفى سوريا وفى المغرب واخيراً في العراق، دون ان ننسى الانتخابات الامريكية التي انتهت بشكل غير مسبوق في تاريخ ظاهرة الديمقراطية في العالم الغربي.
عناصر الإثارة والترقب، والحذر ايضاً، من الاشياء التي تسيطر علي موعد الانتخابات الليبية، المزعم عقدها في ال24 من الشهر الجاري وبضغط من الطرف الانجلو-أمريكي، رغم ان المراقبين بليبيا، منهم من يميل لفكرة التأجيل لانعدام وجود مناخ ملائم لإجرائها بسبب انتشار السلاح، وتنمر المليشيات ولوجود المرتزقة، ولانعدام قاعدة دستورية للانتخابات، وعدم بروز اي برامج انتخابية تفرضها روح اي استحقاق انتخابي في العالم. ، فعلي ما يبدو ان “وهم” الانتشار الشعبي للمرشحين هو الرهان الاساس عند ساسة ليبيا اليوم، ما لم نقل انهم يخوضون هذه الانتخابات بذات روح العناد التي سادت طوال هذه السنوات المريرة في كل شيء. فمن المرشحين لهذه الانتخابات المفترضة من يثبت حضوره في المشهد الليبي كوجه معتاد، واخر يسعى لترسيخ حضوره كطرف في الازمة الليبية، وقالت يطمح لتحقيق موطئ قدم له في الحياة السياسية الليبية.
الانتخابات المفترض عقدها باخر الشهر الجاري، لازالت بكل النواقص فيها من إجرائيات وفنيات، لازالت تشير، وبلا مواربة، إلى ان كواليس السياسة في حالة تضارب، رغم الحاح عنصر الزمن. فمبادرة المجلس الاعلى، الأربعاء الماضي، بالتأجيل حتى فبراير المقبل تبوح بالكثير في هذا الاتجاه، بل ان عودة السيدة ستيفاني للمشهد الليبي رسمياً إشارة قوية تصب في ذات الاتجاه ذاته. فصدور قرار اعادة تكليف ستيفاني كان بقصد انقاد ما يمكن إنقاذه من مشروع الانتخابات في البلاد، التي لازالت احتمالية الانجراف للصدام والعنف فيها واردة جداً، وفى اية لحظة، بسبب الحساسيات القائمة بين ارباب المشهد ذاته. فالسيدة ستيفاني عادت للمشهد الليبي، بقرار اختصر فيه الامين العام انطونيو غوتيريش الكثير من الوقت بدل اللجوء للتشاور في مجلس الامن، لأجل ان تمارس ستيفاني على الاطراف الليبية أكبر ضغط ممكن، وفى اخر لحظات عمر المدة المتبقية، قبل حلول موعد 24 ديسمبر الجاري. فالسيدة ستيفاني توضح تجربتها في ليبيا بأنها آلة ضغط ناجعة على اهل الفرقة بالبلاد، او كما يقال بالليبية “مرا حرفه”، أي قادرة على مواجهة عناد الذكور، بما يسمح لها بوضع القطار مجدداً علي القطبان بعد أشهر من إدارة يان كوبيش المستقيل مؤخراً، والذي كان يمارس اعماله بليبيا روتينياً، ولم يكن، على ما يبدو، متحمساً للانخراط كمبعوث أممي، وبقوة في الماراتون الليبي الشاق والمعقد، والوقوف على تحقيق نتائج تسجل في رصيده كدبلوماسي قديم.
لا شك في ان الوضع الليبي عموماً لازال ضبابياً، وان توابع الانتخابات لا زالت تحمل الكثير من المخاوف بسبب سيادة حالة الانقسام والفرقة، وبالتالي سهولة الانجراف نحو العنف الدامي مجدداً. اهتمام العالم بالانتخابات الليبية ومصيرها، حدوثاً او تأجيلاً، يأتي كونها جزئية في مسلسل قد طال امده، وبعد ان أدرك المتورطون في الحرب بالبلاد انه يصعب، حتى الان، تحقيق نصر عسكري نوعي لاي طرف في الصراع، يثبت فيه وجوده وقبضته على الامر بالبلاد، مما شجع المجتمع الدولي على فكرة اللجوء للصندوق لإبعاد الخاسرين انتخابياً من حلبات الصراع السياسي، والتفرغ للعمل مع من سيحكم في المرحلة القادمة. فمن وجهة نظري المتواضعة، ان الاصرار الانجلو-أمريكي على إجراء الانتخابات، وفي موعدها، هو بمثابة اللجوء لأسلوب التصفية السياسية لبعض الاسماء في ليبيا عبر صندوق الاقتراع، فلا شك ان بعض ارباب المشهد الليبي كان يشكل على مدي عمر الازمة في البلاد “صداعاً”، حسب تعبير موقع Sputnic الإخباري في اليوميين الماضيين