(عن ممارسة السياسة على طريقة ايجبك الله سوّاق يا عزيز وآنا ترافكو)
يروى أن ليبياً ما، كان قد قام بزيارة عمل إلى الولايات الآمريكية لشراء أجهزة كمبيوتر متطورة، لمقر عمله.. لبيته.. لجيرانه.. ليبزنس بها.. الراوي لا يوضح لنا ذلك. المهم.. أن الشركة التي سيشتري منها احتفت ـ واحتفلت ـ به حفاوة بالغة الوطيس، وأخذه مسئولوها في جولة طويلة عبر مختلف الاقسام، وفرّجوه على مختلف الاجهزة، ومن بينها جهاز سريع وكبير كانوا قد انتهوا لتوهم من تطويره، وقالوا له بأن هذا الكمبيوتر باستطاعته الاجابة على أي سؤال في العالم، الفيزيقي والميتافيزيقي، كما أطلعوه على أن الجهاز قد قام بالفعل بحل جميع المعادلات الرياضية المعلقة منذ قرون، والتي لم يتوصل أحد إلى حلها حتى تطوير ذلك الكمبيوتر، وغيرها من ألغاز العلوم بمختلف أجناسها وأطيافها وقبائلها، وطلبوا منه إذا أراد تجربة الجهاز، ان يدخل إلى غرفة صغيرة بها (مايك) أصغر، ليطرح أي سؤال مهما كان صعبا أو مستحيلا على الجهاز.. !!
دخل الرجل إلى الغرفة التي لم يلبث بها سوى عدة ثوان وخرج.. !!
خرج.. من دون أية إصابات.. !
تعجب أصحاب الجهاز من قصر السؤال.. غير أنهم قالوا لأنفسهم.. يلللا.. هاذوم يبدو عليهم شعب الله المستعجل، ومن اصحاب المختصر المفيد.. !!
شرع الجهاز في العمل، وتحركت جميع تروسه وشفراته وأسلاكه وكاميراته وأجهزته العلنية والسرّية، يعني ما ظهر منها وما بطن، بحثا عن جواب لسؤال الزائر، اشتغل واشتغل واشتغل حتى منتصف الليل، وحتى شعر العاملون به بالتعب، فقالوا له بأنهم سيرجعون في اليوم التالي ليروا ما إذا عثر الجهاز على جواب لسؤاله العجيب والبالغ الصعوبة والقصر.
في اليوم التالي انتظروا الجهاز حتى منتصف الليل دون أن يعثر على جواب
في اليوم الثالث.. كذلك.. !!
في اليوم الرابع.. مازال يشتغل وقد سخنت اجهزته بعض الشيء.. حيث بدا ذلك واضحا من مؤشرات عدادات الحرارة.
بعد اسبوع.. احترق الجهاز.. !!
سأل المضيفون ضيفهم وهم يحاولون كتم غيظهم، ماذا سألت الجهاز حتى حصل له ما حصل.. ؟!
ـ لا شي..مجرد سوال بالغ البساطة
ـ وما هو.. ؟!
ـ سألته “ايش فيه وايش ما فيه”.. ؟
ـ وماذا يعني هذا.. ؟!
ـ يعني شنو حالك.. ؟!
غير أن الذي حدث، هو أن الجهاز قد قضى اسبوعا كاملا لكي يجمع كل البيانات والمعلومات المتعلقة بكل ماحدث وما سيحدث منذ بداية البغ بانغ وحتى نهاية الأبد وانطفاء جمر جهنم، فارتفعت حرارة أجهزته واسلاكه، ولم تسعفه مئات الاطنان من أجهزة التبريد التي يفترض أن تحافظ عليه من مثل هذه الاسئلة.
سألوه ثانية.. وهم على وشك أن يفقدوا سيطرتهم على غيظهم هذه المرة:
ـ وهل لديكم جواب على سؤال كهذا.. هناك.. !! مشيرين بأصابعهم نحو النافذة الخلفية التي كانت مفتوحه لسخونة الجو.
ـ بالتأكيد
ـ وما هو إذن.. !!
ـ نحن نرد بالقول.. زاااااايــــطة.. !!
عندها أصيب أصحاب الجهاز بالجلطة، وظلت سيارات الاسعاف تنقلهم وتوزعهم على مختلف مستشفيات المدينة أسبوعا آخر، لقد فاتهم تفصيل صغير جدا، وهو أنهم لم يفطنوا لهذا الـ (زايطة)، لكي يدخلوها في أعصاب الجهاز، ويبرمجوها فيما برمجوه في لوحات وشفرات عقله، حماية له من الزيطة.
هذه الـ (زايطة) التي أحرقت الكمبيوتر، باستطاعتها أن تحرق الكثيرين والكثيرات، صحبة أشياء كثيرة كان هؤلاء الكثيرون يحلمون بها، ولن يعود بإمكانهم حتى مجرد التفكير فيها.. بسبب الزيطة.. !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* زايطة يمكن أن تعني أن الأمور تسير على مايرام، أو أن الوضع يتميز بالفوضى.. اختر/اختاري أنت ما يروقك.. (لاحظ/ي أن الفرق ليس كبيرا في ثقافتنا بين الحالتين).
** السواق هو سائق السيارة أو أية وسيلة مواصلات.. والترافكو هو شرطي المرور.
مايو 2013