الطيوب
نظمت لجنة الترجمة والتعريب بمجمع اللغة العربية الليبي صباح يوم الإثنين 11 أكتوبر 2021م احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يوافق تاريخ 30سبتمبر المنصرم بمدرج قسم الكيمياء جامعة طرابلس وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم العالي وجامعة طرابلس، وقد تخلل برنامج الاحتفالية كلمة الافتتاح ألقاها الدكتور “الصديق بشير نصر” رحب فيها بالحضور كما تطرق لمسألة الخيانة في الترجمة ومدى الغُبن الذي يعاني منه المترجم ووصفه بأنه مقاتل في ساحة القتال ولا يُلتفت إليه في بعض البلدان التي نالت حظا كبيرا من المعرفة وتعرف قدر المعرفة وأوضح إن الترجمة قد تكون جميلة لكنها خادعة وعن سبب اختيار هذا اليوم ليكون اليوم العالمي للترجمة قال إن سبب اختياره كتكريم لأول مترجم لكتاب العهد القديم(الأناجيل) من اليونانية إلى اللاتينية ترجمه القديس دجيرو، وأضاف بأن الترجمة اليوم تطورت وأصبحت لها مدارس وبالتالي تحتاج إلى مؤتمرات بذاتها كي يُسلط عليها الضوء، وألقى الدكتور “محمد بلحاج” نائب رئيس مجمع اللغة العربية كلمة جاء فيها إن أحد الأيام المهمة لدى الأمم المتحضرة وهو يوم الترجمة وتعد الترجمة أساس جوهري من أسس قيام الحضارات ولم تقم أمة من أمم الأرض التي ازدهرت حضارتها إلا وكانت الترجمة منطلقا أساسيا من منطلقاتها وتابع بأن أمتنا الإسلامية لم تنهض ولم تعطي ما أعطت للبشرية إلا بعد هضمها واستيعابها ما قدمته الأمم من قبلها من خلال الترجمات.
ثم أعطيت الكلمة للدكتور “خالد عون” رئيس جامعة طرابلس الذي تحدث قائلا إن جامعة طرابلس من واقع تقييمه الشخصي هي مدرسة ناجحة فكل من تخرج منها شق طريقه وأثبت نفسه في الداخل وفي الخارج وتابع قائلا وإن لم تكن الجامعة في المستوى العالمي الطموح لذا لا ينبغي الاستكانة للواقع والعمل على تطوير أداء الجامعة وواصل الدكتور عوني: ما نريد تطويره في الجامعة هو جزئية البحث العلمي وخدمة المجتمع ولابد لجامعة طرابلس أن تصبح منارة في محيطها المحلي ومنارة إشعاع كبرى في ليبيا كلها داعيا لضرورة تتعدد الأنشطة، وتلتها كلمة لوزيرة الثقافة والتنمية المعرفية التي ألقاها عنها بالإنابة السيد “محمد الهدار” الذي شكر توجيه الدعوة للحضور والمشاركة وأضاف إن للترجمة دور بارز في تقدم الحضارات وهي الأساس لثورة علمية وعالمية ومع وجود وسائط التواصل الحديثة زادت أهمية الترجمة كوسيلة لتعزيز جسور التعاون بين الحضارات والدول، فيما ألقى السيد “محمود فتح الله الصغير” كلمة الدكتور “نجيب الحصادي” بالإنابة حيث أشار لمجموعة من الحقائق باعتبار إن الثقافة العربية تحولت لثقافة مستقبلة والدور اليسير للثقافة في الرصيد الإنساني علاوة على مساهمات الثقافة الليبية التي تظل أهميتها لإثراء الرصيد الإنساني مجهولة لغير الناطقين بالعربية.
تكريم نخبة أعلام المترجمين في ليبيا
أعقب ذلك فقرة تكريم نخبة من أعلام المترجمين الليبيين اللذين كان لهم باع في الترجمة في المجالات الأدبية والعلمية، نذكر منهم: الدكتور “عمر لطفي العالم”، الدكتور “عبد الكريم عمر أبو شويرب”، الدكتور ” فاروق البشتي”، الدكتور “عبد الحفيظ الميار” الدكتور “محمد نوري المهدوي” الدكتور ” محمد مختار الجيلاني”.
المعرفة بلغة الآخر
وبعد استراحة قصيرة انطلقت أولى المحاضرات بورقة شارك بها الدكتور “عمر العالم” بعنوان (تجربتي الخاصة في الترجمة)، وتناول الدكتور العالم في ضوء تجربته التي وصفها بأنها محض محاولات قد تنجح وقد تخفق وهو يرى إن عهده بميدان الترجمة لازال غضا واعتبر بأن اختياره لهذا النوع من الأعمال هو جرأة متهورة وعفوية ساذجة كونه لم يأتيه من بابه الواسع حسب تعبيره، من جهة أخرى أوضح بأنه تحاشى الأسلوب الأكاديمي وتشدده وقال إن معرفة بلغة قوم شيئ ونقلها إلى لغة أخرى شيئ آخر، وتحدث الدكتور العالم عن باكورة أعماله المترجمة المتمثلة في كتاب المعنون بـ(العقيدة والمعرفة) للمستشرقة الألمانية “زيجريد هوكلي” وبيّن الدكتور إن ترجمته لهذا المؤلف جاءت لتصويب مغالطة جسيمة ارتكبها مترجم كتاب المستشرقة المعنون بـ(شمس العرب تسطع على الغرب) كون إن عنوانه تُرجم على غير دلالته الأصلية لغاية مذهبية في نفس المترجم، فالمستشرقة كانت ترى من خلال كتابها هذا الحضارة العربية الإسلامية وقودها كان العقيدة الإسلامية بينما مترجم الكتاب ذهب بعيدا عن هذا المعنى.
الترجمة عن التركية بين السهولة والصعوبة
تلتها المحاضرة الثانية شارك فيها الدكتور “عبد الكريم أبو شويرب” بورقة بعنوان (تجربتي الشخصية في الترجمة)، وتطرق لمحطات من تجربته في الترجمة عن اللغة التركية موضحا بأنه لا توجد لغة عثمانية فالكلمات والجمل والقواعد والنحو والصرف كاللغة التركية تماما رغم أن هنالك زيادة أو نقصان وإلغاء وسبب ذلك حسب الدكتور أبوشويرب مرده لمقضى تطور الزمن والحداثة وبالتالي أدخلت التركية الحديثة لتعلم العثمانية فألغيت كلمات وحلت محلها كلمات أخرى جديدة، وأشار إلى إن الترجمة معاناة حقيقية واعتبر الترجمة أصعب من التأليف ولا تعني الترجمة وضع كلمة أو جملة عوض أخرى إنما وجب اتقان اللغتين المترجم منها والمترجم عنها وأكد إن على المترجم أن يكون على دراية بنوع العلم الذي ترجمه عنه النص وبيّن في سياق تناوله إن اللغة التركية كلغة هي سهلة لكنّ الترجمة عنها صعبة بسبب إن الترجمة في اللغة التركية تبدأ من آخر جملة مما يضطر المترجم لأن يقرأ صفحة كاملة كي تمكن من الترجمة.
جهود العرب في الترجمة
وشارك الدكتور “الصديق بشير نصر” بورقة عنوانها (الترجمة الأدبية في مشروع النهضة العربي)، فأوضح إن الترجمة في التاريخ العربي ليست بالحديثة منذ منتصف العهد الأموي والعصر العباسي فهذه الفترات أنجبت جهابذة من المترجمين، وأشار الدكتور الصديق إلى إن موضوع الترجمة موضوع شائق ومشوق ولطيف ويجد بأن العالم العربي قام بما يستطيع من جهد في مجال الترجمة الأدبية وإن لم يرقى ذلك الجهد للمأمول، وأكد إن الترجمة الأدبية مع منتصف القرن التاسع عشر ترجمت فيه العديد من الأعمال الإنجليزية والفرنسية واستشهد بجملة من الأمثلة في هذا الصدد.
أدب نجيب محفوظ غيّر النظرة للترجمة من العربية للفرنسية
كذلك كان للدكتور “محمد عثمان بن بركة” مشاركة بورقة عنوانها (الأدب العربي المترجم إلى الفرنسية: نجيب محفوظ نموذجا)، واسترسل الدكتور بن بركة على قاعدة إن الأديب نجيب محفوظ نقطة هامة في تاريخ الترجمة من العربية للفرنسية فبوجود نجيب محفوظ تغيرت النظرة إلى الترجمة من العربية للفرنسية خصوصا بعد نيله لجائزة نوبل للأدب، وركز الدكتور بن بركة على إن مسار ترجمة العربية للفرنسية تغير تغيرا كاملا بعد ترجمات الأديب نجيب محفوظ التي كانت سببا في نيله لجائزة نوبل، وانطلق الدكتور بن بركة من ثلاثة محاور رئيسة المحور الأول يلخص أعمال نجيب محفوظ المترجمة والمحور الثاني عن دور النشر الفرنسية في قضية الترجمة من العربية للفرنسية والمحور الثالث يتصل ببعض المترجمين الفرنسيين اللذين ترجموا هذه الأعمال.