متابعة وعرض: حواء القمودي
يفتتح الدكتور محمد أحمد وريث العدد (72) والذي هو خاتمة أو بداية العام الأربعون من مجلة (تراث الشعب) بقصيدة عنوانها (تحدث نفسها في الأربعين):
الأربعون وقد ألقت مراسيها
متى تريحين وقد وافيت شاطيها.
هكذا يُحدث الشاعر محمد وريث مجلة (تراث الشعب) التي وافت الأربعين، متسائلا (متى تريحين) وكأنه بهذا التساؤل يتذكر العثرات التي واجهت هذه المجلة (ويا للحزن مازالت تواجهها)، ولكن هو يدرك أنها وقد شقت هذه السنوات واستطاعت أن تكون ذات وجود ثري ومتميز فهي لا شك وقد بلغت الأربعين، / والاربعون من الاعمار أرشدها/ إذا هي قادرة على التحدي وعازمة على مواصلة المسيرة:
إن التراث له التاريخ شاهدة
على اصالته للناس يهديها
آليتِ أن تحفظي ذخراً محبته
وفي شغافك بالأشواق تذكيها
ما خاب سعي به النيات صادقةٌ
كمثل سعيك تثقيفا وتفقيها
وكنتِ بالكدّ قد بوّءت مرتبة
بين المجلات في أعلى اعاليها
إذا هذه مجلة ( ثرات الشعب ) ولكن ما اجمل أن يكون الثناء من (أم الضاد) التي (تثني على هذه الحسنى وتطريها)، ويختم د.وريث قصيدته ملتفتا إلى هذه اللغة (أم الضاد)…
لله درّك ما أغناك من لغةٍ
فكلّ مفردةٍ شتى معانيها
لمّا البلاد بها الأعراق قد كثرت
وحدّت بالضاد نطقا عمّ أهليها.
وفي افتتاحية العدد( كلمة) يدشن بها هذا العدد الأربعون فيقول : ( عادت بي ذاكرتي إلى الوراء إلى أواخر عام 1980م، عندما صدر عددها الأول الذي لقي قبولاً حسناً سواء من القراء أو من جملة المهتمين بتخصصها وهو التراث العربي “الفصحوي” القديم والموروث الشعبي الليبي بصفة عامة.) ، ويؤكد د.محمد أن هذه المجلة ( الوحيدة في الوطن العربي التي تجمع في دراساتها وأبحاثها وفي مجمل ما تعنى به بين ركنين من أهم أركان الثقافة العربية وهما التراث المكتوب بالفصحى والمأثور الشفوي المتداول بالعامية )، ويعرج في هذه الكلمة المفتتح على الصعوبات التي كابدتها هذه المجلة؛ وهي وبكل حزن مازالت سارية إلى يومنا هذا ومن خلال تجربتي المتواضعة سميتها . ( الموت السريري بالسكتة المالية) ، اما ( تراث الشعب ) وكما يصف حالها د.وريث خلال هذه الاعوام الاربعون ( عانت فيها من تقلب الجهات التي تتولى الإنفاق على طباعتها بين الإلغاء والتغيير وتنازع تبعية إصدارها ) ولكن ( وعلى الرغم من هذه المكابدة وهذا العناء ، فقد شقّت ” تراث الشعب” طريقها بثبات وصبر نحو تحقيق أهدافها وهي الحفاظ على الهوية العربية من خلال الحفاظ على التراث العربي والموروث الشعبي)، ويبوح د.محمد بسر هذا العدد ( وفي هذا العدد تنشر” تراث الشعب” ما نشرته في عددها الأول وبعضا مما نشرته في أعداد أخرى تالية ).
إذا تستقبل المجلة عامها (الحادي والأربعون) فإنها (تعاهدكم وتعاهد نفسها على المضي في طريقها الذي شقّته) وبدقة يخبرنا أستاذنا المبدع أن هذا الطريق الذي ناضلت لتواصل رسالتها قد استغرق منها (أربع مئة وثمانين شهرا هي أربعة عشر ألفاً وست مئة يوم تكوّن عدد أيام الأعوام الأربعين).
أمّا هذا العدد الثري فقد احتوى على ثلاثة أقسام، القسم الأول يبتدئ بكشاف موضوعي. ومجموعة مقالات ، وفي الكشاف نجد أن تراث الشعب ( 584) بحثا ومقالة و(164) كاتبا في (22) عاما من سنة1980م إلى سنة 2002م ) و وثق هذا القسم الأول أسماء لسادة( راحلون كان القراء يلتقونهم ) وعددهم أربعة عشر كاتبا ، منهم د.خليفة التليسي والشاعر والباحث سعيد سيفاو المحروق و الأستاذ عبدربه الغناي و الشاعر على الفزاني ود عمر التومي الشيباني؛ وفي القسم الثاني وكما ذكر في ( كلمة) مقالات من اعداد مختلفة مثل مقالة الاستاذ ( عبد السلام قادربوه) المعنونة ( الشعر الشعبي والشعر الملحون والزجل ) و المؤرخ محمد الاسطى في ( متفرقات ذات دلالة من تاريخ عريق ) و الشاعر سعيد المحروق في ( نموذج من ادبنا الشفوي: بونفيص)؛ وفي اختيارات القسم الثالث نجد ( حول الحكايات الشعبية في غدامس ونماذج منها) للأستاذ أبوبكر عمر هارون ، و د.عبد الله مختار السباعي ( ماهية الإيقاع في الموسيقى العربية ). ونجد في هذا العدد في القسم الأول: آخر ما كتب رائد القصة القصيرة د.وهبي البوري قبيل رحيله (2010).
إذا المجلة التي (كبشت) خلال كل هذي السنوات لتظل تتنفس وتظهر وتواصل الصدور، متى أضاءت الشمس ورقرق الماء، لأن ثمة دأب ومثابرة رئيس تحريرها (وكما أظن مؤسسها) المبدع (محمد أحمد وريث) والذي خلال هذا العدد المفتتح للعام الواحد والأربعين من عمر حبيبته (تراث الشعب)، قدم محاولة (لإيجاد مكافئ عربي للتسمية كورونا)، إذ يرى: أن اللغة العربية لا تضيق عن أسماء أدوات الحضارة العالمية او مستجدات أحوال البشر) والمقالة ممتعة متميزة وثرية بالمعلومات.
وكان ختام هذا العدد (ليبيا وتونس جهاد مشترك – الذكرى السادسة والتسعون لاستشهاد المجاهد التونسي محمد الدغباجي) والذي (أسره الايطاليون في ليبيا، وأعدمه الفرنسيون في تونس)
إذا هذه مجرد إطلالة على هذا العدد الخاص من مجلة (تراث الشعب)، والتي هي مجلة فصلية متخصصة محكمة، عدد تبدأ به عشرية جديدة من عمرها الذي قضت أغلبه وهي تصارع للظهور، لان ثمة إيمان ومثابرة من رئيس تحريرها، وقد كتبت الدكتورة الفاضلة فوزية محمد بريون في تعليق لها على ظهور هذا العدد محيية مثابرته وصبره (أحيّ الأستاذ الدكتور محمد أحمد وريث على مثابرته وجدّه رغم صعوبة الظروف وشحّ الإنتاج وجحود الجاحدين بارك الله عمله).
__________________________
هامش:
المجلة وكما مذكور في ترويسة العدد تتبع الهيأة العامة للثقافة(سابقا) وقد انجز طباعة هذا العدد في الثلاثين من يناير2021م.