الحب والكراهية
شوادر وخيام صغيرة الحجم بيضاء اللون انتشرت هنا وهناك، يبدو أنها قد نصبت بفضل أفراد الحركة الكشفية وشبيبة الهلال الأحمر الليبي، وتموقعت حول مبني محكمة الشمال ،ليتخذها النشطاء المدنيين والصحافيين وسكان ضواحي مدينة بنغازي مقرا لتجمعاتهم، فسقف الحرية، بدأ يعلو فوق كل التوقعات، وها هي الثورة تسير نحو التأطير بحنكة رجالات القانون!، فالمحامون ورجال القضاة، ووكلاء النيابة، أصبحوا هم من لهم حصة الأسد في أخذ المواقع والسيطرة بالنفوذ والهيبة، فاستحوذوا علي مكاتب وقاعات المحكمة، وأصبحوا هم من يديروا المشهد الثوري في ساحة الحرية ومحيطها.
…ساحة الحرية أو ساحة التحرير، أضحي هو الاسم الجديد الذي أتفق عليه ثوار السابع عشر من فبراير، ليطلقوه على المساحة الفضاء التي كانت تستخدم كموقف لسيارات رواد المحكمة العتيقة المقابلة لشاطئ البحر.
الكل يشارك ضد حكومة القذافي، الكل يعبر عن مدي كرهه لرأس النظام الحاكم العقيد معمر القذافي، ويسرد ظلم وقهر النظام له، ولعائلته طيلة عقودً أربعة قد مضت!
.. مفردة الحرية صارت تتردد كثيرا، والتصقت بكل شيء حتى مشروب الشاي أصبح اسمه شاي الحرية، ولا يحلو للثوار إلا طلبه من خيمة خاصة اسمها كذلك خيمة شاي الحرية، والتي أمسوا يغنون ويصفقون ويرقصون فيها، فرحا بالتغيير الحاصل، ليخلقوا حالة فريدة من التناقض، فبالأمس القريب، نفس هذه الأعداد، ونفس هذه الجموع كانت تستقبل رأس النظام حباً مهللة بالزغاريد والهتافات المناصرة، والمباركة لخطواته الثورية الجبارة كما يصفونها.
لكن المثل الشعبي الليبي الشهير (بعد ايطيح الثور، يكثرن سكاكينه)، يعود بقوة ليؤكد صحته، وعمق وقدرة الموروث الشعبي الليبي، على اختصار وصف المشاهد وتقلبات المواقف.
المناشير تتوزع على المارة، وكبار التجار في سوق العرب التجاري الواقع بحي الصابري العريق، يدعمون المتظاهرين القابعين عند المحكمة في تلك الخيام، ويزودوهم بالمال وبالمواد الغذائية.
بعض الراديوهات والقنوات تبث مقتل هادم نادي الأهلي العريق وضريح شيخ الشهداء عمر المختار فترة التسعينات!
تجاوز عدد راية الاستقلال التي تم توزيعها المليون راية، ويُعتقد أن الأمر كان مُدبراً ومبيت بالاتفاق مع صانعها، لتكون أول صفقة تجارية ناجحة في زمن الثورة الليبية.
الصحافيون الأجانب، ومصوري ومحرري وكالات الأنباء العالمية ومدربي التنمية البشرية، يظهرون علانية، برفقة الفتيان والفتيات الليبيات والذين أو اللاتي تطوع وتطوعن في غالب الأمر، ليظهروا أو يظهرن مدي قدرتهم أو قدرتهن على الترجمة الفورية، فأصبح الفتيان المنبهرين بالأجانب والفتيات المنبهرات كذلك كمرشدين سياحيين ومرشدات سياحيات لهم، وفي المقابل وعد الأجانب بتقديم الدورات التدريبية للفتيان كدعم، ليتقنوا العمل الصحفي وأشياء آخري!
أُغلقت مداخل ومخارج طريق الكورنيش، لتمنع مرور وعبور السيارات والمركبات، ولتسمح فقط للمتظاهرين بالمسير على الأقدام.
الرايات والإعلام بمختلف الأحجام تظهر في الأيادي، وعلى شرفات ونوافذ المباني المطلة على ساحة الحرية وتسود الراية الجديدة المقسمة بألوان أربعة، لتحل محل العلم الليبي ذو اللون الأخضر الواحد! فهل هي محاولة أو حركة استباقية لانقسام البلاد إلى أربعة أقاليم؟
الشباب يعلنون حالة النفير ويمتشقون البنادق ويتوجهون بها غرباً، لينظموا صفوفهم على مشارف المدينة أولاً ومن ثمة، يتمركزون حول تخوم الوادي الحمر، منتظرين أوامر الكر والفر حينها.
بعض المصورين والمدربين في مجال التنمية البشرية من الأجانب يستدلون على الفندق الجديد، ليتخذوا منه مقرا مؤقتاً لإقامتهم، فيتوجس (الحاج أنور) شراً من قدومهم، ولكنه كعادته لا يبُدي اكتراثا ظاهراً، ويقوم بإسكانهم في الطابق السادس مقابل حفنة من الدولارات.
…. الأمور هذه الأيام تجري على غير عادتها في منطقة الصابري ووسط البلاد، بل في ليبيا بأسرها، فهناك انتهاكات صارخة تحدث كل يوم في الشوارع والميادين الخلفية، المعسكرات أفُرغت ما في جُعبتها من الأسلحة، والآليات المستخدمة في عمليات البناء والتي كانت قابعة في مقرات الشركات نهبت، وبعض المتاجر سُرقت، والشقق السكنية الجاهزة سُكنت، وبدأت عمليات مداهمة البيوت والقبض على رموز النظام السابق والانتقام تُنفذ هنا وهناك.
ولقد كان أول المستهدفين بالانتقام هو سائق البلدوزر، هادم نادي الأهلي العريق، وضريح شيخ الشهداء عمر المختار.
… وفي الجانب الأخر، وبينما (مصباح) يسير بمركبته، مُصطحباً (نبيل)، في طريقهما إلى الفندق الجديد، عبر طريق السبخة، تاركين خلفهم مبني بريد السلماني، وعلى يمينهم مقبرة سيدي عبيد العتيقة، إذ بإحدى السيارات وهي مسرعة تسير في عكس الاتجاه وتطلق رصاصة، مستهدفة (مصباح) وتلوذ بالفرار ولكن الرصاصة لم تكن مصوبة بدقة، فتمر دون أن تلحق أحداً بأي أذى..
…أوقف (مصباح) على إثرها سيارته، ليؤكد لـ (نبيل) أن السائق الذي أطلق الرصاصة الآن، ليس سوي الأرعن (مرعي) مُعبرا كعادته عن مدي كرهه وسخطه منه، ولكنه يستغرب كيف أن هذا الصعلوك أصبح ممتلكاً مثل هذه السيارة؟ فلقد كان يستخدم فقط هو ونت على شاكلته ما يعرف في اللهجة الليبية الدارجة (البشكليطة) أو ما يسمي بالدراجات الهوائية في تنقلاتهم!، فمن أين تحصل على كل هذا المال لشراء هذا النوع من السيارات.
– نبيل:
لالا الأمر في غاية السوء لقد أخبرني ( عادل ) بأن ( مرعي )،أمسي في خال يرثي لها، وهو في هذه الأيام يمر بحالة صادمة ،جراء مقتل أخيه (أمراجع )، وها هو الآن في حالة هيجان شديد ،وها هو يكثر من تناول أقراص الشجاعة والتي بدأت تدخل للبلاد بكثرة وقد أستغل هروب بعض السكان، فأستولي علي ما تركوه خلفهم من مُدخرات، وكذلك قام بالاستيلاء علي بعض الأسلحة، ثم قام ببيعها، فلا تفكر في الأمر كثيرا وتشغل بالك جراء افعال وتصرفات هذا المخلوق القذر، بل يجب أن لا نعيره الاهتمام البتة، فقط علينا بالتوجه إلي الله العزيز الحكيم بالدعاء ولنقل ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) فالله يمهل ولا يهمل، والآن هيا لنكمل المسير نحو الفندق الجديد يا( مصباح )، فأنا متشوق جدا لتنفيذ أعمال خيرة، لصالح منطقتنا الصابري مثلما فعل رجل الإعمال ( الحاج أنور ).
وصل الاثنان الفندق، فلم يجدوا (الحاج أنور) فأقترح (مصباح) الصعود إلى صالة الكافتيريا والجلوس في أحد الأركان، ليحتسو شيئا من القهوة إلى حين عودته.
وبينما هم يتبادلون أطراف الحديث، إذ بثلاثة من الفتيات الجميلات، يلجن الكافتيريا ويجلسن في الركن المقابل لهم.
لمعت عينا (نبيل) واستنفر بحواسه ومشاعره تجاههن، وتسمر جامداً ساكناً، متربصاً، فقد تسربت نظرات الإعجاب والرضي منه اليهن، ولم يتوقف عن السرحان والتأمل فيهن حتى ظهر (أحمد) ابن (الحاج أنور) كذلك في الكافتيريا.
…في نفس الوقت لمعت عيون عُمال الكافتيريا ومن بينهم كان عامل اسمه (جمال) وهو أحد الأولاد المشاكسين الذين تشاجروا مع (مصباح) وسخروا منه يوماً، وكان صديقاً حميماً لـ
(مرعي)، لكن (جمال) أخفي نفسه عن (مصباح) حتى لا يراه.
توجه (أحمد) ناحية الفتيات مبادراً بالتحايا، ثم همّ بالجلوس بينهن، لكنه أستدرك وجود (مصباح) وصديقه، فطلب منهن الأذن ليرحب بأصدقاء والده ثم يعود إليهن.
وحين أستدار للخلف في اتجاه الصديقين، سربت الفتاة الصغرى إشارة إلى شقيقاتها، تطلب منهن ترك (أحمد) لها، فهو يروق لها و(خش خاطرها)، كما همست باللهجة الليبية الدراجة وبصوت خافت حينها..
فهمت الأخوات الإشارة، واجبن بالموافقة بإشارة مماثلة، والواضح أنهن تقاسمن الكعكة، قبل أن يتفطن الفتيان الثلاث.
فـ (نسرين) قد حُجزت لـ (أحمد)، أما (ريحان) و(ياسمين)، فهن متهيئات لـعلاقة مودة مع (مصباح) و(نبيل)، لكن (ياسمين) أردت حسم الأمر بنقرات خفيفة على الطاولة وهامسة في نفس الوقت بكلمة رددتها وهي تضحك بصوت خافت كذلك:
بالقرعة … يعني بالقرعة.. في مثل هذه الحالات الموضوع يُحسم بالقرعة.
– فاعترضت (ريحان) قائلة:
لالا لا يمكن أبداً نحن في القرن العشرين يجب أن يكون الحوار هو معيار الاختيار، فأنا يروق لي الشاب المثقف والطموح وغيره لن يلقي مني الاهتمام المنشود.
– في هذا الإثناء وفي الركن الآخر من الكافتيريا، رحب (أحمد) بمصباح وصديقه والذي قدمه (مصباح) لأحمد قائلاً:
هذا صديقي (نبيل) يعمل سائقا لسيارة أجرة وهو مهتم بالشأن الإعلامي ويحاول أن يكون محررا لينقل الأحداث الي إحدى الصحف أو القنوات الإعلامية.
– أحمد:
يا مية أهلاً وسهلاً.
– وأردف:
حقيقة أن هذه الأيام قد بدأت تظهر العديد من الصحف الورقية، وهي حالة ثورية راقية تُظهر مدي التحرر الفكري الذي يبرز يوما بعد يوم بين المواطنين، وهذا يُعتبر مؤشراً إيجابياً لمدي درجة الوعي لدي الشباب والشريحة الليبية المثقفة.
– نبيل:
جميل ما تفضلت به في حديثك وأعلم أن (مصباح) على درجة عالية جدا من الوعي، لكنه يطمح في تأسيس منبراً إعلامياً متميزاً ومازال يدرس الأمر بروية وحكمة.
– أحمد:
رائع إذا المقاصد نبيلة وهي نفس مقاصدي، ماراكم في تكوين فريق عمل إعلامي راقي؟
– مصباح:
بكل سرور، لنحدد موعداً ونضع الخطوط العريضة للانطلاق.
– أحمد:
نعم ما رأيكم في عقد اجتماعاً مصغر، نستبين فيه شكل العمل والأدوار المطلوبة والمتطلبات
– مصباح:
بكل سرور فقط لنحدد توقيتً مناسباً، ما رأيك يا (نبيل) في عشية أي جمعة قادمة؟
– نبيل:
نعم أنه توقيت مناسباً جدا
– أحمد:
علي الرحب والسعة، ثم نظر للخلف، فتذكر أنه قد ترك الفتيات ينتظرن عودته اليهن، فعلي
الفور طلب الأذن من (مصباح) و (نبيل) للذهاب حيث يجلسن بنات خالته كما (أدعي)، حتى يُخفي سبب تواجد هذه العائلة في الفندق الجديد.
لمعت عينا (نبيل) و(مصباح) فرحا، (نبيل) جراء ما توصلوا اليه من نتائج ومعلومات حول العمل الإعلامي وكذلك حول الفتيات، أما (مصباح) فقد أبتهج بما أقترحه (أحمد) حول تأسيس صحيفة تؤرخ للثورة هذه الأيام صامتا عن ادعاء(أحمد) أن الفتيات هن بنات خالته.
– وفي هذا الإثناء أكمل (أحمد) حواره مع الفتيات قائلا:
هاذان الشابان هما (مصباح) و (نبيل) وهما صديقين جديدين ويعتزمان إصدار صحيفة مواكبة لمجريات الثورة.
أكفهر وجه الفتيات من جراء سماعهن لكلمة الثورة، فهن يكرهن كل من تجرأ وقام بإحداث فوضي أدت إلى التغيير الحاصل هذه الأيام.
فتداركت (نسرين) الأمر، وقررت الإصغاء باهتمام مجاملة لأبن (الحاج أنور) الذي يستضيفهم بكل كرم وطيبة وحب.
– فقالت:
جميل أن نجد هنا شبابا واعياً ومثقفاً ترغب في تقديم الرأي الحر عن طريق الصحافة والإعلام بعيدا عن سلوكيات العنف والخشونة الذي بدأت تظهر ملامحها هذه الأيام من طرف عديد الشباب في شوارع وميادين المدينة جراء انتشار السلاح والرصاص العشوائي.
– أحمد:
الحقيقة أن مدينة بنغازي بفضل الأحداث أماطت اللثام عن وجوها جديدة، وأعتقد أن هذه الوجوه قادرة على إحداث التغيير في شتي المجالات.
أن هذا الشاب الجالس هناك يسمي (مصباح) وقد أخبرني والدي أنه على درجة كبيرة من النشاط والوعي والمسؤولية، وأوصاني أن أكون له كـ أخ، لأنه سيعتمد عليه في كثير من الإعمال الخاصة بالدعاية والإعلان حول حفل افتتاح الفندق، كونه نجح في أول مهمة وهي مهمة الإعلان عن طلب موظفين ليعملوا في هذا الفندق الجديد.
– ريحانة:
رائع أنه بهذا المسلك يثبت أنه شاباً يتصف بالطموح، وأعتقد أنه سيستمر في النجاح خصوصا
أنه يعمل مع عمنا (الحاج أنور)، فوالدك رجل أعمال ناجح جداً، وأعتقد أن هذا الشاب يعرف ماذا يريد بالضبط، ويعجبني مقصده، لكننا قد لا نتعامل معهم لأنهم ثأروا ضد النظام.
– ياسمين:
لالا لا تتسرعي في الحكم يا (ريحانة) و(لا تقدحي النهار حتى ينقضي اليوم)، فالشاب ليس متهورا، ودعينا ننظم إليهم ونتعرف عليهم من خلال ما سوف يقدمونه من فكر منشور عبر صحيفة، ولكني في ظل هذه الظروف أفضل أن تكون الصحيفة ثقافية أو أن تقدم الصحيفة مواضيعً خدمية خصوصاً، وأن هذا التغيير الحاصل سيقسم البلد الي جبهتين على أقل تقدير ومن الحكمة ألا ينحاز المرء إلى جهة معينة في هذه المرحلة، فتحسب عليه أو ضده مستقبلاً.
– أحمد:
كلام حقيقي يا ياسمين ما تفضلت به الآن، هل تعلمي أننا ننوي عقد اجتماع مساء الجمعة القادمة، لنتباحث عن كيفية الانطلاقة، ويشرفني أن أدعوكن لحضوره فقد يعجبكن الأمر وتكونن إفرادا في فريق عمل الصحيفة.
– نسرين تتدخل وتقفز قفزا إلى الحوار وبخفة دم تقول:
قبل أن تجيبك بالموافقة (ياسمين) و (ريحان) يجب أن تأخذ الموافقة مني أنا يا سيادة الأحمد فأنا رئيسة فريق البنات، ولن ينظمن إلا بقرار صادر من رئيسة جمهورية البنات ألا وهي انا.
قهقه الجميع ولم يتوقفوا عن الحوار الجميل، إلا عند قدوم موظفة الاستقبال الجميلة (عائشة)، إلى الكافتيريا وتوجهت إلي حيث يجلس (مصباح) و(نبيل) لتخبر (مصباح) أن (الحاج أنور) قد وصل للتو وهو ويرغب في مقابلته في الطابق السابع.
كان كل ما دار في الكافتيريا من حوارات وتطورات في العلاقة يقع تحت نظر عُمال الكافتيريا
وبعض من عُمال النظافة (البنغلاديش) الذين يظهرون بين الفينة والآخري لتأدية أعمالهم،
وكذلك بعض من النزلاء الأجانب من (صحفيين ومدربي تنمية بشرية).
لكن هناك عمل يخالف القوانين الليبية، وحرمة الدين الإسلامي، كان يقوم به (جمال) دون علم الجميع فلقد كان يزود أحد مدربي التنمية البشرية وهو فرنسي الجنسية ويدعي (دنيال ) كان يزوده بالنبيذ المحرم وهو ما يعرف بالخمرة المحلية (القرابة )،ودون علم الكل كان (دانيال ) يحتسي الخمرة بكل استمتاع، فقد كان (جمال) يخادع الجميع، فيتظاهر بأنه يقدم له عصير الليمون مع مكعبات الثلج، حيناً وفي احيان أخري كان يتظاهر أنه يقدم له مشروباً غازيات يسمي ( السفن اب ) في أكواب زجاج عادية، مستغلا تشابه لون السائلين، وبالتالي تحصل علي نقود إضافية جراء ما يفعله سراً.
صعد (مصباح) ورفيقه (نبيل) سريعاً، فوجدا (الحاج أنور) وقد جهز غرفة بها جميع الأجهزة الالكترونية والتسهيلات اللازمة، وطلب من (مصباح) الجلوس وبدء العمل المتفق عليه، وهو الدخول على موقع الكتروني على الشبكة العنكبوتية (القوقل)، واسمه (سوق ليبيا المفتوح)، ليستخرج له من هذا الموقع كل عروض البيع الخاصة بالأراضي الواقعة على الطرق الرئيسية في مدينة بنغازي وضواحيها ومعلومات عن أسعارها، ومساحاتها، وهواتف أصحابها الخ.
وأن عليه جمع كل هذه المعلومات في ملف خاص يكتب عليه تاريخ الجمع ويتركه له على سطح المكتب لدراسته صباحا بينما يستمر في نفس العمل كل يوم بعد صلاة المغرب إلى قيام صلاة العشاء وهذه هي مهمته في هذه الأيام.
نظر (مصباح) إلى صديقه (نبيل) مبتسماً ثم توجه إلى (الحاج أنور) بطلب مُلح قائلاً:
أتمنى منك يا (حاج أنور) ألا تعترض على ما سوف أطلبه منك الآن.
– الحاج أنور:
خير إن شاء الله يا أبو الأفكار، وأردف باللهجة العامية الليبية، هيا فيسع قول سقد روحك راه الفرصة أطير من بين أيديك.
– مصباح:
أرغب منك الموافقة على حضور اجتماعنا المزمع انعقاده، خصوصاً وأن هذه الغرفة وأجهزتها مناسبة جدا للعمل الصحفي والدعائي لمجموعة مشاريعك التنموية
– الحاج أنور:
ليش لا، أنا موافق مبدئيا وسنحضر معاكم الاجتماع بس لازم تستقطبوا مجموعة من الشباب والكُتاب المثقفين للعمل معكم لان هذا الشيء مهم وأنا سأتكفل بنصف تكلفة الإصدارات مقابل وضع دعائية وإعلان ثابت لكل مشاريعي (العيادة، ومحطة البنزين، والمدرسة الخاصة، والفندق الجديد، وصالون الحلاقة، ومجموعة الأراضي، وأردف باللهجة الليبية الدارجة مقهقها يالله حنقشروا معاكم وأمري لله.