العرب على اختلاف مذاهبهم لم يقوموا باستغلال مواردهم الطبيعية، في مختلف العلوم بل وللأسف تم الدفع بالأموال إلى أسواق الغرب لتدور عجلة مصانعهم والتخفيف من الكم الهائل للبطالة بين صفوف الشباب، وفي أحسن الأحوال فان بعض الدول الوطنية أو ما يطلق عليها بالتقدمية، دخلت مجالات التصنيع الحربي إلا أنها وللأسف تم مجابهتها من قبل الغرب وأذنابه من العرب فحالت دون تقدم العرب وتكوين كيانهم السياسي على غرار الأمم المجاورة، الفرس والروم، كل يوم يزداد تشرذم الأمة ونهب خيراتها وتشريد الخيّرين من أبنائها فاختلقت الحروب فيما بينها وتم وصفها بأنها امة عنصرية جهولة لا تعترف بأدنى معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان وبأنها سبب مشاكل العالم ومن ثم لا بد من ترويضها، فكانت أضحوكة الشرق الأوسط الجديد المفعم بالحرية والعدالة بدءا من الإطاحة بالأنظمة وما صاحبه من قتل وتدمير وتشريد بين أبناء الأمة، وقيام الغرب بمنح تأشيرات لجوء لبعض العامة وكل من يتوق إلى الهجرة من الكوادر العربية في مختلف التخصصات لأجل الاستفادة منها.
العرب جميعا دونما استثناء، حطموا بعضهم بعضا، عندما شعر بعضهم بقوة العراق والخوف على عروشهم عملوا على وجود خلافات بينه وإيران، فكانت حرب السنوات الثمانية التي أزهقت فيها أرواح أكثر من مليون نسمة من الطرفين إضافة إلى الخسائر المادية الجسيمة وتحطيم الجيش العراقي، بل أصبح فيما بعد دولة هشة مقسمة وان بدت أمام العالم أنها موحدة، العداء المذهبي والطائفي مستفحل يتمترس كل في خندقه لأجل القضاء على شريكه في الوطن، ست عشرة سنة من الظلم والقهر والفقر ولا حل للازمة في الأفق بسبب الساسة المفسدين المأجورين ليبني كل منهم مجده الوهمي على ركام المباني وجثت الضحايا وآهات الأرامل واليتامى والمشردين.
العرب اليوم في أدنى منزلة، يتدخل بشؤونهم من يشاء، أراضيهم مستباحة، ثرواتهم يستفيد منها الغير، أعراضهم منتهكة، أكثر من 5 ملايين مشرد يسكنون الخيام وأكواخ الصفيح، تتم المتاجرة بأعضائهم، يتسولون المجتمع الدولي بما يجود عليهم من الفتات، في حين زعمائنا أصحاب الفخامة والمعالي والسمو يستحوذون على مقدرات شعوبهم ويعيشون حياة البذخ المفرط، يشترون القصور والعمائر في بلاد الغرب لأنهم يدركون أن لا بقاء لهم في هذا الوطن، أتى بهم الاستعمار لتنفيذ أجنداته.
يتباكى الزعماء العرب على ما هم فيه وما ذاك إلا بفعل أعمالهم الإجرامية، لقد كان بإمكانهم حل أزمات ليبيا وسوريا وأخيرا وليس آخرا اليمن بدلا من تدويلها، مسؤولية تغيير نظام ما تقع بالدرجة الأولى على عاتق الشعب المعني، خاصة وأننا نعلم جيدا أن زعماءنا الذين يتشدقون بمساعدة الشعوب المقهورة في التخلص من أنظمتها هم الاحوج إلى تطبيق الديمقراطية فلا توجد مجالس نيابية في بلدانهم بل يعتبرونها من الكبائر، يجب على هؤلاء المعمرون في الحكم الذين يرثونه كابرا عن كابر إطلاق حرية الصحافة ورفع مستوى المعيشة لشعوبهم التي يعيش معظم أفرادها تحت خط الفقر.
لقد استطاعت شعوب الفرس والروم أن تبني نفسها وان يكون لها موقع متميز بين دول العالم فاستطاعوا بناء قوتهم العسكرية والاقتصادية بفعل زعمائها وتتعامل مع العالم بندية تامة وأصبحت تمثل رقما صعبا في المعادلات الدولية.
سقوط بغداد الذي يمر علينا ذكراه، الذي أراده الغرب وأتباعه من الأعراب بداية لانهيار الأمة العربية، يدفع بنا إلى لعن هؤلاء الزعماء الذين استشعروا الخطر الداهم لسقوط حصونهم التي لن تكون مانعتهم، الغرب الذي يعولون عليه تحكمه المصالح في التعاون مع الدول، وان الأمم التي لا تحترم نفسها تعش مهانة بين الأمم.
حتما لا يزال في الأمة أناس شرفاء سيعيدون للأمة مكانتها وليذهب الخونة والمرتدين إلى الجحيم.