المقالة

اللغة العربية في يومها العالمي

من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي
من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي

لغة حباها الله حرفا خالدا،، فتضوعت عبقا على الأكوان
وتلألأت بالضاد تشمخ عزة،،، وتسيل شهدا في فم الزمان

إنها لغة الضاد، لغة القرآن والفصاحة والبيان، لغة الأدب والجمال، لغة الدقة والرقة،لغة الحسن والبهاء.

# جغرافيا وتاريخيا

تقول الإحصائيات أنها من مجموعة اللغات الأكثر تحدثا ونطقا اذ يتحدثها 442 مليون نسمة ويتوزع متحدثوها في الدول العربية بالإضافة إلى العديد من المناطق المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وأثيوبيا وجنوب السودان وإيران.

– ولقد كانت لغة السياسة والعلم والأدب لفترات طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، بل كان الأوربيون يفخرون بتعلمها لما كانت جامعات وقلاع الحضارة الإسلامية منارات علمية سامقة.

– ولهذه اللغة تأثير مباشر وغير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والأردية والماليزية والأندونسية والألبانية، وبعض اللغات الأفريقية، كالهاوسا والسواحلية والمهرية والصومالية، وبعض اللغات الأوربية خاصة المتوسطية مثل الأسبانية والبرتغالية، المالطية والصقلية.

– وهي الآن اللغة الرسمية لكل الدول العربية إضافة إلى تشاد وأريتريا، وهي أحدى اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة ويحتفل باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر لذكرى اعتماد اللغة العربية من بين لغات العمل في الأمم المتحدة.

أهم ميزاتها:-

– أنها لغة القرآن الكريم كتاب الله لخالد، وكفى بهذا فخرا وشرفا، قال تعالى عن كتابه: (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) الشعراء الآيات 192-195

يقول الشاعر:

لغتي وأفخر إذ بليت بحبها،،، فهي الجمال وفصلها التبيان
عربية لا شك أن بيانها،،، متبسم في ثغره القرآن

ولا شك أن للقرأن فضله في استمرار وعلو شأن هذه اللغة واهتمام المسلمون بها لأنها لغة كتابهم الذي يتعبدون الله بتلاوته والعمل به، يقول المستشرق الألماني: كارل بروكلمان: (بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدى لم تعرفه أي لغة أخرى من لغات الدنيا).

ويقول الشاعر المصري حافظ إبراهيم ردا على أولئك الذي يشككون في مواكبة هذه اللغة للعصر وقدرتها على التأقلم مع المستجدات الحضارية، يقول:

أنا البحر في أحشائه الدر كامن،،، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
رموني بعقم في الشباب وليتني،،، عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وسعت كتاب الله لفظا وغاية،،، وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة،،، وتنسيق أسماء لمخترعات.

ويؤكد الرافعي في كلام بليغ عن ارتباط لغة الضاد بالإسلام كتابا وسنة، يقول: (إن هذه العربية بنيت على أصل ساحر يجعل شبابها خالدا عليها فلا تهرم ولا تموت، لأنها أعدت من الأزل فلكا دائرا للنييرين الأرضيين العظيمين، كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تم كانت فيها قوة عجيبة من الاستهواء كأنها أخذة السحر)

– – ومن مميزات اللغة العربية تنوع مخارج حروفها فالحروف الثمانية والعشرين التي تتكون منها هذه اللغة تتنوع مخارجها ابتداء من الشفتين وانتهاء بآخر الحلق، وتتعدد المخارج في اللسان من طرفه إلى أقصاه.

– – تعتبر اللغة العربية من أذكى اللغات من ناحية الأبجدية وربط الجمل مع بعضها، كما ان قاموسها يتجاوز 12 مليون كلمة مما يجعلها تصنف الرقم واحد عالميا من حيث درجة الدقة في المعاني، وتمتلك اللغة العربية 16 ألف جذر لغوي وهو يفوق جذور كل لغات العالم.

– – تمتاز اللغة العربية باشتراك الأسماء والمشتقات والمصادر والأفعال في أصل واحد.

– – تمتاز اللغة العربية بالوزن فجميع تصريفاتها تعود إلى أوزان محددة وما شد عن الوزن فهو قليل يمكن حصره.

– – تشتمل اللغة العربية على ضمائر للمذكر والمؤنث تختلف كتابتها حسب المفرد والمثنى والجمع، مع العلم أن التثنية والجمع بحد ذاتها ميزة في اللغة العربية.

– – وتتميز اللغة العربية بالحركات الإعرابية التي تشكلها الكلمات: الضمة والفتحة والكسرة والسكون والشدة والتنوين

– – قدرتها على وصف الشيء أو الموقف بعبارة واحدة أو ببضع كلمات موجزة مختصرة تدل على المعنى المراد، فهي لغة البلاغة والإيجاز والدقة في الوصف مع الاختصار والإبهار، يقول الأديب والمفكرعباس العقاد: (إنها لغة شاعرة ولا يكفي أن يقال عنها أنها لغة الشعر أو لغة شعرية، الفرق بين الوصفين أن اللغة الشاعرة تصنع مادة الشعر وتماثله في قوامه وبنيانه إذ كان قوامها الوزن والحركة وليس لفن العروض ولا لفن الموسيقى قوام غيرها) .:

– قدرتها على استيعاب اللغات الأخرى وإدخال المصطلحات عليها فيما يعرف بالتعريب.

– # ولعل ما ذكرناه من ميزات يجعل اللغة العربية لغة حية متدفقة متجددة، ويجعلها لغة وارفة الظلال زاخرة بالمفردات، يقول العالم الألماني فريتاج: (اللغة العربية أغنى لغات العالم).

– ويقول العالم وليم ورك: (إن للعربية لينا ومرونة يمكنانها من التكيف وفقا لمقتضيات العصر).

– ولا شك أنه وبكل الميزات في هذه اللغة الكريمة والتي لم أذكر إلا نزرا يسيرا منها لضيق المقام، فإن العربية لغة الرقة وبديع الوصف فهي لغة أنيقة رشيقة تجعل سامعها يسمع عزفا متناسقا متناغما في حروفها وكلماتها، وكاتبها يرسم بمفرداتهاوعباراتها صورا غاية في العذوبة والجمال، وتكسب متعلمها حسا مرهفا و ذوقا مميزا، وصدق الشافعي حين قال: (من تعلم القرآن عظم قدره، ومن تعلم الحديث قويت حجته، ومن تعلم العربية رق طبعه)

– ولقد أصاب أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال:

إن الذي ملأ اللغات محاسنا،،، جعل الجمال وسره في الضاد

مقالات ذات علاقة

تأملات محمدية

عبدالله الغزال

رأس السنة الليبية

مفتاح قناو

الطِّيْنُ والنَّار

يوسف القويري

اترك تعليق