أقام مجلس الثقافة العام حفل تأبيني للشاعر الكبير الأستاذ رجب الماجري، الخميس الماضي (20-12-2012) بقاعة جمعية الدعوة الإسلامية، مدينة بنغازي تحت شعار “وداعا يا أمير الشعر الليبي الحديث” بمشاركة مجايليين وباحثين ومبدعين..
استهل الحفل في جزئه الأول بالنشيد الوطني ثم ذكر من آيات القرآن الكريم، تلتها كلمة مجلس الثقافة العام التي قدمها رئيس مجلس الثقافة الأستاذ محمد أمحيا التي قال فيها: “ينعي مجلس الثقافة العام الشاعر الكبير الأستاذ رجب الماجري أحد أعمدة الشعر الليبي الحديث وأحد فرسان قصيدة العمود، أحد أبرز رجالات القانون والعمل السياسي، لقد عرف عن الشاعر نزاهة نتاجه الشعري ونقاء أغراضه، وصفاء توجهاته، فلم يكن يوما متزلفا ولم يكن يوما من شعراء المدح والتطبيل وتزوير الحقائق، بل كان شعره كله وقفا علي مدائن الوطن وشخصياته ورموزه إلي جانب كونه صاحب السهم الأوفر في الغزل، العفيف بين الشعراء الليبين كافة. لقد شرف مجلس الثقافة العام بإنجازه عملا أدبيا ثريا، وهو طباعة المجموعة الشعريه الكاملة للشاعر الكبير رجب الماجري ونشرها الذي أشرف هو شخصيا علي تجميعه ومتابعة خطوات طباعته ساعة بساعة ليظهر للوجود ديوان (في البدء كانت كلمة). رحم الله الشاعر الكبير الأستاذ رجب الماجري العلامة الدالة في الشعر الليبي الحديث، والمثل الذي يحتذي في عفة الشعر وطهارة الأدب. ..ويتقدم مجلس الثقافة العام بأصدق التعازي لأسرة الشاعر الكبير الصغيرة، وللأسرة الأدبية الكبيرة. إنا لله وإنا إليه راجعون..”. ثم كلمة الأدباء والكتّاب ألقاها الأستاذ القاص محمد المسلاتي..
وقدم الأستاذ حاتم الماجري نجل الشاعر رجب كلمة أسرة الراحل، تحدث خلالها عن الجانب الإنساني والاجتماعي والأدبي لوالده رحمه الله.. ثم قدم الأستاذ أحمد نشاد رئيس نقابة المحاميين كلمة النقابة التي كان الشاعر عضوا فيها، قدمت شهادات من صديقه الأستاذ أنور ساسي (وزير الإسكان السابق في عهد المملكة) تحدث فيها عن تاريخ الشاعر النضالي مع زملائه أثناء دراسته الثانوية وخروجهم في مظاهرات عديدة للمطالبة باستقلال البلاد..
واستهل الجزء الثاني من الحفل بتقديم الشهادات أوراق العمل في ادب الماجري وسيرته الأدبية والعلمية، لكل من: “الشاعر د.محمد الفرجاني، الشاعر عبدالحميد بطاو، الشاعر علي الخرم، والكاتب عبدالعزيز الزني”.
وشهد الحفل التأبيني توقيع للمجموعة الشعرية الكاملة الصادرة عن مجلس الثقافة العام للشاعر الكبير رجب الماجري “في البدء كانت الكلمة”.. ووقع عنه المهندس حاتم الماجري نجل الراحل.
وافتتح معرضا للصور التاريخي تضمنت كل الأحداث الحياتية التي قضاها الراحل منذ الطفوبة وحتى أواخر عمره، رحمه الله.
يذكر أن الراحل رجب الماجري من مواليد درنة عام 1930، سياسي وحقوقي تولى عدة مناصب في العهد الملكي، وساهم بشكل كبير في تفعيل الحياة الثقافية والسياسية طيلة توليه مهام رابطة الأدباء والكتاب إبان السبعينيات من القرن الماضي.. وقد بدأ الشاعر قرض الشعر منذ كان في السادسة عشرة من عمره، ونشر أغلب شعره في الصحف والمجلات، وهو يدور حول محورين اثنين: المرأة والوطن.
الماجري.. أمير الشعر الليبي الحديث.. (كما عرفه كل شعراء ليبيا) يودع فضاء الشعر البشري لينتقل إلى جوار ربه يوم الإثنين الموافق 3 ديسمبر 2012… الشاعر رجب الماجري يكرم في مدينة بنغازي بحفل تأبيني أقامه مجلس الثقافة العام.
شاعر خير وأحب إلى الناس من رئيس:
عندما قررت الرجوع من مدينة مصراتة مع مجموعة من الشعراء والكتّاب، (ونحن في ضيافة أهلها لحضور مهرجان مصراتة للشعر الفصيح) عندما قررنا ذلك كان لا يزال يوم الختام لم يحن موعده بعد، وعزمنا التوجه إلى مدينة بنغازي لحضور حفل تأبين الشاعر الكبير رجب الماجري رحمه الله.. جاب في ذهني مفارقة غريبة.. رغم أن يوم ختام مهرجان مصراتة كان سيحييه نائب رئيس المؤتمر الوطني الشاعر (جمعة عتيقة) بأمسية شعرية، فإن الكثيرون من الكتاب والشعراء – من بينهم أنا – قرر ترك يوم الختام والذهاب لمدينة بنغازي ومشاركة أهلها في تأبين الشاعر الماجري، وليس في الأمر إنقاص من قدر شخصية نائب رئيس المؤتمر الوطني جمعة عتيقة أو شيء يخص مهرجان مصراتة الرائع، لكن كان السبب هو اهتمامهم بقدر الماجري الراحل بقدره كشاعر يحترم حتى بعد وفاته، فلا يهمهم شخصية المنصب الكبير الذي سيحضر ختام المهرجان، وطبعا ما يستغربه المرء أن في العهد السابق لم يستطيع أحد أن يغادر ويترك حضور شخصية مهمة (بمثل هذا المنصب أو ربما أقل) بدون سبب مقنع، وكأن في الأمر تهمة ستوجه إلى من يفعل ذلك.. فحقا إن شخص الشاعر أحب إلى الناس من شخص المسؤول ولو كان رئيس البلاد.