حاورتها: أرتال الماجري
لها حضور أدبي خاص، شاركت بأصبوحة شعرية في أقيمت لها في مالطا، ظهرت ببعض البرامج التلفزيونية، نشرت مقالات بمجلات ليبية خارج الوطن ابتداءً من سنوات الثمانينات، ولها مجموعة قصصية نشرت بعضها على المواقع الليبية (ليبيا المستقبل- جريدة ميادين- السقيفة الليبية) ومواقع عربية (أنطولجيا السرد العربي)، وصدر لها حديثا روايتها بعنوان (كنّا وكانوا -روايتي)، عن دار الرواد.
نلتقيها لنحاورها عن تجربتها الشعرية والأدبية لثرية وعن المشهد الثقافي الراهن …
في البداية من هي الكاتبة والشاعرة “محبوبة خليفة”؟
كاتبة ليبية صاحبَتُ القلم منذ زمن طويل، غير أن بداياتي الحقيقة كانت في سنوات الثمانينات عندما بدأت نشر بعض المقالات في الصحف الليبية خارج الوطن، ثم توقفت عن النشر عند عودتي لليبيا لأسباب كثيرة بعضها عام وبعضها شخصي، أو لنقل تعامد العام مع الشخصي، وكل هذا أوردته في كتابي (كُنّا وكانوا-روايتي).
كيف استطاعت الكاتبة والشاعرة “محبوبة خليفة”، الحفاظ على هذه الجماليات الفكرية والإنسانية رغم كل الصعاب التي مرت بها في حياتها؟
سؤال جميل! الحقيقة أن ما مررتُ به من صعاب شكّل في مرحلة أخرى من حياتي مخزون غني،
وذاكرة حية شديدة النقاء والوضوح، كانت ركيزة لي ومرجعاً فيما بعد، استندت إليها عندما دشنت مرحلة التدوين التي استعدتها مجدداً في بداية 2016.
صدرت عن دار الرواد روايتك الجديدة بعنوان (كنّا وكانوا-روايتي)، حدثينا عنها ولماذا هذا العنوان؟
قد تكون إجابتي هنا هي استطراد لإجابتي عن السؤال السابق، فعندما استعدتُ قلمي وقررتُ الكتابة عن مرحلة محددة من حياتي على حسابي في الفيسبوك، كانت الذاكرة مزدحمة بالصور والحكايات، وتدفق المحتوى، حتى أنني اندهشتُ مما كنت احتفظ به واحتمله.
وزاد من تدفق الكتابة اليومي ما لاحظته من زيادة عدد المتابعين، ومن نوعية تعليقاتهم وملاحظاتهم ومن إلحاحهم للمزيد من المعلومات عن مرحلة معينة من تاريخ بلادنا.
أما لماذا هذا العنوان؟ فهو كان لابد أن أعتمده لسيرتي كعاشقة للسيدة (فيروز) والمرددة الدائمة لأغانيها في مدرستي (الزهراء) بدرنة وفي ردهات بيت الطالبات ببنغازي فيما بعد، وكنت عادة ابتدئها بموال جميل لأغنية (جايبلي سلام): (كنا وكانوا هالبنات مجمعين، يمي وما بعرف ليش نقاني أنا).
هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للرواية بشكل أسرع؟
نعم بالتأكيد!! كان ما صاحب هذه الكتابة اليومية من زخم ومتابعة ونقاش ما زاد من دفعي بالمزيد فتفتحت لي مسارب، كنت غفلت عنها، في مرحلةٍ ما من حياتي.
ثم بدأت المطالبة بنشرها في كتاب وهو ما حدث.
وعندما صدرت الرواية كانت موضع ترحيب من وسائل إعلام وأصدقاء وصديقات، وكأنهم يعرفون هذا المولود قبل أن يولد ويصبح له اسم.
كيف ترين دور النقاد والدارسات الأدبية للإصدارات الجديدة، هل يظهر أثرها في حركة الإبداع؟
الحقيقة أن النقد والدراسات الأدبية هي الرديف للحركة الأدبية بصفة عامة، وهو الداعم لها تقييماً وتقويماً ودفعاً للأمام. وأتمنى أن يكون للحركة النقدية في بلادنا أثرها الظاهر على النتاج الثقافي والإبداعي.
في رأيك؛ إلى أي مدى ممكن أن يوظف الشعر في خدمة القضايا الإنسانية؟
الشعر كنوع من أنواع التعبير الإنساني المصاحب لقضايا جمالية وعاطفية ووطنية يحافظ على أهميته ما حافظ على صدقه ونظافة توجهه وأهدافه، يبقى لهذا النوع من الإبداع قيمة ما حافظ على هذه القيم ولم يمل عنها إلى توجهات بعينها، كدعاية مدفوعة مثلاً، وقد سمي هؤلاء في تاريخنا العربي بشعراء السلاطين وهم للأسف موجودون في كل زمان ومكان.
يقال أن الشاعر يعيش في قلق مستمر.. كيف تتصالح الشاعرة “محبوبة خليفة” مع هذه الحالة؟
القلق هو قوت أقلامنا، ننقله إبداعاً لكن لا نسمح له بأن يستعبدنا. وأنا بطبيعتي المتصالحة مع الحياة أرى في القلق حبر مهم لقلمي.
كيف تقيمين الحركة الثقافية في ليبيا؟
لا بأس بها رغم ما يجري في بلادنا ورغم المصاعب التي تواجه حركة النشر وعمل المبدعين، إلا أن الجمال يطل علينا بأشكاله المتعددة؛ تشكيل وشعر وأعمال روائية. أستطيع القول إننا بخير رغم كل شيء
نفرد هنا الكلمة الأخيرة للدكتور “جمعة اعتيقة”، يحدثنا عن الأستاذة “محبوبة خليفة”، ككاتبة وزوجة وانسانة:
محبوبة الإنسانة دفق سلسبيلي الانسياب، لديها ما أحب الله به عباده حين منحهم القبول عند الناس.. عسير على مثلي أن يعدّ المناقب والسجايا الطيبة فيكفي أن أقول أن لها أفضالاً لا تحصى على مسار حياتنا منذ أن شاء قدرنا أن تتحادى خطواتنا على درب طويل فيه من الوعورة قدر ما فيه من الانسياب و فيه من العذوبة بقدر ما فيه من المرارة يشكل مسار تجربة غير فريدة..
ككاتبة، قد لا أذيع سراً حين أقول بأن محبوبة بدأت الكتابة مبكراً دون حرص ورغبة في النشر.. كان قلمها رشيقاً بارعاً في التقاط اللحظة والصورة التي ترغب في توظيفها في عمل إبداعي يفضي الى بوح موشى بشاعرية رقيقة شفيفة – كانت الكلمة المنغّمة والمجنحة بأجنحة فراشات الأمل والرهان على المستقبل هي ذخيرتها التي تنسج بها مساحات الابداع… لا تسعى محبوبة الى حشد اصوات النقاد من أجل الشهرة أو الانتشار.. بقت خصلة أصيلة لديها تفوق فعل الكتابة وهي القراءة الرصينة الواعية واستكناه المعاني في أبعادها العميقة والغوص بحثاً عن لؤلؤ الدلالات الدفينة…
منذ بدأنا رحلتنا معاً أكاد اجزم انها لم تمضِ يوماً دون أن تصاحب الكتاب.. وتجوب خلاله بحثاً عن المزيد من التراكم المعرفي الذي شكّل رصيداً ثرياً ومخزوناً فاعلاً يدفعها الى المزيد ويدفع بخطواتها على درب الكتابة نحو مزيد من الثبات والثقة دون ادعاء بل انها لا تعرف إطلاقاً التظاهر بما لديها.. فكثيراً ما تعمد الى إظهار البساطة والعفوية تجاه الآخر بعيداً عن اصطناع التواضع والذي هو لديها سجية أصيلة
محبوبة رفيقة عمر و انيسة درب .. اتمنى لها التوفيق ودوام النجاح.